يقول إنني أقوم بتدريس مجموعةٍ من الناس الفقه الحنفي والتصوف ونقوم بممارسة الذكر الحضرة ودليلنا على هذا هو أن النبي صلوات الله وسلامه عليه عندما هاجر إلى المدينة المنورة استقبله الناس بالإنشاد وضرب الدفوف فأقرهم على ذلك ولم ينكر عليه وكذلك ورد في القرآن قوله تعالى (قل الله) وكذلك فإنني أعلم تلامذتي ضرورة طاعة الشيخ ومحبته وعدم الاتجاه إلى شيخٍ غيره عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم من لا شيخ له فشيخه الشيطان ولكن أحد تلامذتي قد أخذ يجادلني مؤخراً في هذه الأمور وينكر علي ذلك بحجة أنها بدع وأنها تخالف هدي النبي عليه الصلاة والسلام فقد أصبحت في حيرةٍ من أمري ولما سألت عن تصرفاته تلك قيل لي إن الشاب الذي يجادلني متأثرٌ بالوهابية وقال بأن هذه الفكرة الوهابية بدعةٌ تدعو إلى التطرف وتحرم المدائح النبوية والمولد وتقول عن كثيرٍ من الأمور المستحسنة إنها من البدع فقد أشكل علي الأمر أرجو إرشادكم وتوضيح هذه الحقيقة لي وفقكم الله ؟ حفظ
السائل : يقول فيها إنني أقوم بتدريس مجموعةٍ من الناس الفقه الحنفي والتصوف ونقوم بممارسة الذكر الحضرة ودليلنا على هذا هو أن النبي صلوات الله وسلامه عليه عندما هاجر إلى المدينة المنورة استقبله الناس بالإنشاد وضرب الدفوف فأقرّهم على ذلك ولم ينكر عليه، كذلك ورد في القرأن قوله تعالى (( قل الله )) وكذلك فإنني أعلّم تلامذتي ضرورة طاعة الشيخ ومحبته وعدم الاتجاه إلى شيخٍ غيره عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم " من لا شيخ له فشيخه الشيطان " ولكن أحد تلامذتي قد أخذ يُجادلني مؤخراً في هذه الأمور ويُنكر علي ذلك بحجة أنها بدع وأنها تخالف هدي النبي عليه الصلاة والسلام فقد أصبحت في حيرةٍ من أمري ولما سألت عن تصرّفاته تلك قيل لي إن الشاب الذي يجادلني متأثرٌ بالوهابية وقال بأن هذه الفكرة الوهابية بدعةٌ تدعو إلى التطرف وتحرّم المدائح النبوية والمولد وتقول عن كثيرٍ من الأمور المستحسنة إنها من البدع فقد أشكل علي الأمر أرجو إرشادكم وتوضيح هذه الحقيقة لي وفقكم الله؟
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى ءاله وأصحابه أجمعين وبعد، فإن هذا السؤال سؤال عظيم اشتمل على مسائل في أصول الدين ومسائل تاريخية ومسائل عملية، أما المسائل العملية فإنه ذكر أنه يفقه تلامذته على مذهب الإمام أبي حنيفة ولا ريب أن مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله أحد المذاهب الأربعة المتبوعة المشهورة ولكن ليُعلم أن هذه المذاهب الأربعة لا ينحصر الحق فيها بل الحق قد يكون في غيرها فإن إجماعهم على حكم مسألةٍ من المسائل ليس إجماعا للأمة والأئمة أنفسهم رحمهم الله ما جعلهم الله تعالى أئمة لعباده إلا حيث كانوا أهلا للإمامة حيث عرفوا قدر أنفسهم وعلِموا أنه لا طاعة لهم إلا فيما كان موافقا لطاعة النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا يُحذرون عن تقليدهم إلا فيما وافق السنّة، سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ريب أن مذهب أبي حنيفة ومذهب الإمام أحمد ومذهب الإمام الشافعي ومذهب الإمام مالك وغيرهم من أهل العلم أنها قابلة بأن تكون خطأ وصوابا فإن كل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعلى هذا فإنه لا حرج عليه أن يفقّه تلامذته على مذهب الإمام أبي حنيفة بشرط إذا تبيّن له الدليل في خلافه تبع الدليل وتركه ووضّح لطلبته أن هذا هو الحق وأن هذا هو الواجب عليهم أما فيما يتعلق بمسألة الصوفية وغنائهم ومديحهم وضربهم بالدف والغبيْراء وما أشبهها، الغبيراء التي يضربون الفراش ونحوه بالسوط فما كان أكثر غبارا فهو أشد صدقا في الطلب وما أشبه ذلك مما يفعلونه فإن هذا من البدع المحرّمة التي يجب عليه أن يُقلع عنها وأن ينهى أصحابه عنها وذلك لأن خير القرون وهم القرن الذي بعِث فيهم الرسول عليه الصلاة والسلام لم يتعبدوا لله بهذا التعبد ولأن هذا التعبد لا يورث القلب إنابة إلى الله ولا انكسارا لديه ولا خشوعا لديه وإنما يورث انفعالات نفسية يتأثر بها الإنسان من مثل هذا العمل كالصراخ وعدم الانضباط والحركة الثائرة وما أشبه ذلك وكل هذا يدل على أن هذا التعبد باطل وأنه ليس بنافع للعبد وهو دليل واقعي غير الدليل الأثري الذي قال فيه رسول عليه الصلاة والسلام: ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين تمسّكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعةٍ ضلالة ) فهذا من الضلال المبين الذي يجب على المرء أن يُقلع عنه وأن يتوب إلى الله وأن يرجع إلى ما كان عليه النبي عليه الصلاة والسلام وخلفاؤه الراشدون فإن هديهم أكمل هدي وطريقهم أحسن طريق، قال الله تعالى: (( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )) ولا يكون العمل صالحا إلا بأمرين، الإخلاص لله والموافقة لرسوله صلى الله عليه وسلم.
وأما استدلاله باستقبال أهل المدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدف والأناشيد فهذا إن صح فإنهم ما اتخذوا ذلك عبادة وإنما اتخذوا ذلك فرَحا بمقدم الرسول صلى الله عليه وسلم وليس من هذا الباب في شيء وأما ما ذكره من مجادلة الطالب له وقول بعضهم: إنه رجل وهابي وأن الوهابية لا يُقرون المدائح النبوية وما إلى ذلك فإننا نُخبره وغيره بأن الوهابية ولله الحمد كانوا من أشد الناس تمسّكا بكتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم ومن أشد الناس تعظيما لرسول الله صلى الله عليه وسلم واتباعا لسنّته ويدلك على هذا أنهم كانوا حريصين دائما على اتباع سنّة الرسول عليه الصلاة والسلام والتقيّد بها وإنكار ما خالفها من عقيدة أو عمل قولي أو فعلي ويدلك على هذا أنهم جعلوا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ركنا من أركان الصلاة لا تصح الصلاة إلا بها فهل بعد هذا من شك في تعظيمهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وهم أيضا إنما قالوا بأنها ركن من أركان الصلاة لأن ذلك هو مقتضى الدليل عندهم، فهم متبعون للدليل لا يغلون بالنبي عليه الصلاة والسلام في أمر لم يشرعه الله ورسوله ثم إن حقيقة الأمر أن إنكارهم للمدائح النبوية المشتملة على الغلو في رسول الله صلى الله عليه وسلم، حقيقة الأمر أن هو التعظيم لرسول الله عليه الصلاة والسلام وهو سلوك الأدب بين يدي الله ورسوله حيث لم يقدّموا بين يدي الله ورسوله فلم يغلوا لأن الله نهاهم عن ذلك، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ( أيها الناس! قولوا بقولكم أو بعض قولكم ولا يستهوينكم الشيطان ) وقال ( لا تغلو في ) ، وقال عليه الصلاة والسلام، ونهى عن الغلو فيه كما غلت النصارى في المسيح بن مريم، نعم قال: ( لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله ) .
والمهم أن طريق الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وأتباعه وهو الإمام المجدّد طريقه هي ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لمن تتبعها بعلم وإنصاف وأما من قال بجهل أو بظلم وجوْر فإنه لا يمكن أن يكون لأقواله منتهى فإن الجائر أو الجاهل يقول كل ما يُمكنه أن يقول من حق وباطل ولا انضباط لقوله " وإذا لم تستحي فاصنع ما شئت " ومن أراد أن يعرف الحق في هذا فليقرأ ما كتبه الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وأحفاده والعلماء حتى يتبيّن له الحق إذا كان منصفا ومريدا للحق ثم إن المدائح النبوية التي يُشير إليها الأخ مدائح لا شك أن رسول الله عليه الصلاة والسلام لا يرضى بها بل إنما جاء بالنهي عنها والتحذير منها فمن المدائح التي يحرصون عليها ويتغنون بها ما قاله الشاعر:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم
فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم
وأشباه ذلك مما هو معلوم ومثل هذا بلا شك كفر بالرسول صلى الله عليه وسلم وإشراك بالله عز وجل، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر لا يعلم من الغيب إلا ما أعلمه الله عز وجل والدنيا وضرتها وهي الأخرة ليست من جود رسول الله صلى الله عليه وسلم بل هي من خلق الله عز وجل، هو الذي خلق الدنيا والأخرة وهو الذي جاد فيهما بما جاد على عباده سبحانه وتعالى وكذلك علم اللوح والقلم ليس من علوم الرسول عليه الصلاة والسلام بل إن علم اللوح والقلم إلى الله عز وجل ولا يعلم منه رسول الله عليه الصلاة والسلام إلا ما أطلعه الله عليه، هذا هو حقيقة الأمر وهذا وأمثاله هي المدائح التي يتغنى بها هؤلاء الذين يدّعون أنهم معظمون لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومن العجائب أن هؤلاء الذين يدعون أنهم معظمون لرسول الله عليه الصلاة والسلام تجدهم معظمين له كما زعموا في مثل هذه الأمور وهم في كثير من سنّته فاترون معرضون والعياذ بالله، فأنصح هذا الأخ الذي يسأل هذا السؤال، أنصحه بأن يعود إلى الله عز وجل، وأن لا يُطري رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أطرت النصارى عيسى بن مريم وأن يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر يمتاز عن غيره بالوحي الذي أوحاه الله إليه وبما خصّه الله به من المناقب الحميدة والأخلاق العالية ولكنه ليس له من التصرّف في الكون شيء وإنما التصرف في الكون والذي يُدعى ويرجى ويؤله هو الله عز وجل وحده لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون، نعم.
السائل : أحسن الله إليكم.
هذه رسالة من المستمع رمز لاسمه بالأحرف ص س ع مصري يعمل باليمن الشمالي.
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى ءاله وأصحابه أجمعين وبعد، فإن هذا السؤال سؤال عظيم اشتمل على مسائل في أصول الدين ومسائل تاريخية ومسائل عملية، أما المسائل العملية فإنه ذكر أنه يفقه تلامذته على مذهب الإمام أبي حنيفة ولا ريب أن مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله أحد المذاهب الأربعة المتبوعة المشهورة ولكن ليُعلم أن هذه المذاهب الأربعة لا ينحصر الحق فيها بل الحق قد يكون في غيرها فإن إجماعهم على حكم مسألةٍ من المسائل ليس إجماعا للأمة والأئمة أنفسهم رحمهم الله ما جعلهم الله تعالى أئمة لعباده إلا حيث كانوا أهلا للإمامة حيث عرفوا قدر أنفسهم وعلِموا أنه لا طاعة لهم إلا فيما كان موافقا لطاعة النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا يُحذرون عن تقليدهم إلا فيما وافق السنّة، سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ريب أن مذهب أبي حنيفة ومذهب الإمام أحمد ومذهب الإمام الشافعي ومذهب الإمام مالك وغيرهم من أهل العلم أنها قابلة بأن تكون خطأ وصوابا فإن كل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعلى هذا فإنه لا حرج عليه أن يفقّه تلامذته على مذهب الإمام أبي حنيفة بشرط إذا تبيّن له الدليل في خلافه تبع الدليل وتركه ووضّح لطلبته أن هذا هو الحق وأن هذا هو الواجب عليهم أما فيما يتعلق بمسألة الصوفية وغنائهم ومديحهم وضربهم بالدف والغبيْراء وما أشبهها، الغبيراء التي يضربون الفراش ونحوه بالسوط فما كان أكثر غبارا فهو أشد صدقا في الطلب وما أشبه ذلك مما يفعلونه فإن هذا من البدع المحرّمة التي يجب عليه أن يُقلع عنها وأن ينهى أصحابه عنها وذلك لأن خير القرون وهم القرن الذي بعِث فيهم الرسول عليه الصلاة والسلام لم يتعبدوا لله بهذا التعبد ولأن هذا التعبد لا يورث القلب إنابة إلى الله ولا انكسارا لديه ولا خشوعا لديه وإنما يورث انفعالات نفسية يتأثر بها الإنسان من مثل هذا العمل كالصراخ وعدم الانضباط والحركة الثائرة وما أشبه ذلك وكل هذا يدل على أن هذا التعبد باطل وأنه ليس بنافع للعبد وهو دليل واقعي غير الدليل الأثري الذي قال فيه رسول عليه الصلاة والسلام: ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين تمسّكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعةٍ ضلالة ) فهذا من الضلال المبين الذي يجب على المرء أن يُقلع عنه وأن يتوب إلى الله وأن يرجع إلى ما كان عليه النبي عليه الصلاة والسلام وخلفاؤه الراشدون فإن هديهم أكمل هدي وطريقهم أحسن طريق، قال الله تعالى: (( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )) ولا يكون العمل صالحا إلا بأمرين، الإخلاص لله والموافقة لرسوله صلى الله عليه وسلم.
وأما استدلاله باستقبال أهل المدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدف والأناشيد فهذا إن صح فإنهم ما اتخذوا ذلك عبادة وإنما اتخذوا ذلك فرَحا بمقدم الرسول صلى الله عليه وسلم وليس من هذا الباب في شيء وأما ما ذكره من مجادلة الطالب له وقول بعضهم: إنه رجل وهابي وأن الوهابية لا يُقرون المدائح النبوية وما إلى ذلك فإننا نُخبره وغيره بأن الوهابية ولله الحمد كانوا من أشد الناس تمسّكا بكتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم ومن أشد الناس تعظيما لرسول الله صلى الله عليه وسلم واتباعا لسنّته ويدلك على هذا أنهم كانوا حريصين دائما على اتباع سنّة الرسول عليه الصلاة والسلام والتقيّد بها وإنكار ما خالفها من عقيدة أو عمل قولي أو فعلي ويدلك على هذا أنهم جعلوا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ركنا من أركان الصلاة لا تصح الصلاة إلا بها فهل بعد هذا من شك في تعظيمهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وهم أيضا إنما قالوا بأنها ركن من أركان الصلاة لأن ذلك هو مقتضى الدليل عندهم، فهم متبعون للدليل لا يغلون بالنبي عليه الصلاة والسلام في أمر لم يشرعه الله ورسوله ثم إن حقيقة الأمر أن إنكارهم للمدائح النبوية المشتملة على الغلو في رسول الله صلى الله عليه وسلم، حقيقة الأمر أن هو التعظيم لرسول الله عليه الصلاة والسلام وهو سلوك الأدب بين يدي الله ورسوله حيث لم يقدّموا بين يدي الله ورسوله فلم يغلوا لأن الله نهاهم عن ذلك، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ( أيها الناس! قولوا بقولكم أو بعض قولكم ولا يستهوينكم الشيطان ) وقال ( لا تغلو في ) ، وقال عليه الصلاة والسلام، ونهى عن الغلو فيه كما غلت النصارى في المسيح بن مريم، نعم قال: ( لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله ) .
والمهم أن طريق الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وأتباعه وهو الإمام المجدّد طريقه هي ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لمن تتبعها بعلم وإنصاف وأما من قال بجهل أو بظلم وجوْر فإنه لا يمكن أن يكون لأقواله منتهى فإن الجائر أو الجاهل يقول كل ما يُمكنه أن يقول من حق وباطل ولا انضباط لقوله " وإذا لم تستحي فاصنع ما شئت " ومن أراد أن يعرف الحق في هذا فليقرأ ما كتبه الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وأحفاده والعلماء حتى يتبيّن له الحق إذا كان منصفا ومريدا للحق ثم إن المدائح النبوية التي يُشير إليها الأخ مدائح لا شك أن رسول الله عليه الصلاة والسلام لا يرضى بها بل إنما جاء بالنهي عنها والتحذير منها فمن المدائح التي يحرصون عليها ويتغنون بها ما قاله الشاعر:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم
فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم
وأشباه ذلك مما هو معلوم ومثل هذا بلا شك كفر بالرسول صلى الله عليه وسلم وإشراك بالله عز وجل، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر لا يعلم من الغيب إلا ما أعلمه الله عز وجل والدنيا وضرتها وهي الأخرة ليست من جود رسول الله صلى الله عليه وسلم بل هي من خلق الله عز وجل، هو الذي خلق الدنيا والأخرة وهو الذي جاد فيهما بما جاد على عباده سبحانه وتعالى وكذلك علم اللوح والقلم ليس من علوم الرسول عليه الصلاة والسلام بل إن علم اللوح والقلم إلى الله عز وجل ولا يعلم منه رسول الله عليه الصلاة والسلام إلا ما أطلعه الله عليه، هذا هو حقيقة الأمر وهذا وأمثاله هي المدائح التي يتغنى بها هؤلاء الذين يدّعون أنهم معظمون لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومن العجائب أن هؤلاء الذين يدعون أنهم معظمون لرسول الله عليه الصلاة والسلام تجدهم معظمين له كما زعموا في مثل هذه الأمور وهم في كثير من سنّته فاترون معرضون والعياذ بالله، فأنصح هذا الأخ الذي يسأل هذا السؤال، أنصحه بأن يعود إلى الله عز وجل، وأن لا يُطري رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أطرت النصارى عيسى بن مريم وأن يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر يمتاز عن غيره بالوحي الذي أوحاه الله إليه وبما خصّه الله به من المناقب الحميدة والأخلاق العالية ولكنه ليس له من التصرّف في الكون شيء وإنما التصرف في الكون والذي يُدعى ويرجى ويؤله هو الله عز وجل وحده لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون، نعم.
السائل : أحسن الله إليكم.
هذه رسالة من المستمع رمز لاسمه بالأحرف ص س ع مصري يعمل باليمن الشمالي.