رجل تارك للصلاة والصيام وزوجته تصلي وتصوم فما الحكم في صحة زواجهما وهل تنطبق عليهما قوله تعالى :" فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن " ؟ حفظ
السائل : سؤاله الأول يقول رجل مسلم بالاسم لا يصلي ولا يؤتي الزكاة ويُفطر الكثير من رمضان وزوجته مسلمة تلتزم بكافة الدين الحنيف فما الحكم في صحة زواجها وهل تنطبق عليهم الأية من سورة الممتحنة (( فإن علمتمهون مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حلٌ لهم ولا هم يحلون لهن)) ؟ نعم.
الشيخ : بسم الله الرحمان الرحيم، الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى ءاله وأصحابه أجمعين، فهمنا من هذا السؤال أن هذين الزوجين أحدهما وهو الزوج الذكر مسلم بالاسم حيث كان يقول إنه مسلم لكنه لا يصلي ولا يؤتي الزكاة ولا يصوم إلا بعض الشهر أما زوجته فإنها مسلمة ملتزمة وهذا الذي حدث للزوج من عدم إقامة الصلاة وعدم إيتاء الزكاة وعدم صيام رمضان إلا بعضه لا يخلو إما أن يكون قبل العقد أو بعد العقد فإن كان قبل العقد فإنه ينبني على القول بكفر تارك الصلاة فإن قلنا بأنه يكفر فإن عقده على المسلمة عقد باطل لا تحِل له به وذلك لأن الكافر لا يحل له أن يتزوّج امرأة مسلمة بإجماع المسلمين لقوله تعالى (( يا أيها الذين ءامنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعون إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن )) وهذا موضع لا خلاف فيه بين المسلمين في أن الكافر سواء كان أصلياً أم مرتداً لا يحِل له أن يتزوج امرأة مسلمة وأن عقده عليها باطل ولا إشكال فيه والقول بأن تارك الصلاة يكفر ولو كان مقراً بوجوبها هو القول الراجح الذي يدل عليه القرأن والسنّة وحكي إجماع الصحابة رضي الله عنهم وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله وأحد قولي الشافعي.
أما إذا كان الزوج قد تزوّجها وهو مسلم ملتزم ثم حدث له ترك الصلاة والزكاة وبعض صيام رمضان فإن قلنا بكفره وهو الصحيح فإن نكاحه ينفسخ بدون طلاق، ينفسخ فإن تاب ورجع إلى الإسلام وصلى قبل انقضاء العدة إذا كانت قد وجبت عليها العدة لكونه دخل بها فإنها زوجته وإن انتهت العدة قبل أن يتوب ويُصلي فإنه لا حق له عليها ولا سلطان له عليها لكن اختلف العلماء هل يكون انقضاء العدة تبيّن به انفساخ النكاح ولا رجوع له عليها إلا بعقد أو أن انقضاء العدة يكون به زوال سلطان الزوج عنها وأنه لو أسلم بعد فله أن يَأخذها بالنكاح الأول على خلاف بين أهل العلم وليس هذا موضع مناقشته وذكر الأدلة، أما إذا عقد عليها وهو مستقيم ولكنه قبل أن يدخل عليها صار تاركاً للصلاة والزكاة وبعض الصيام فإنه بمجرّد تركه للصلاة ينفسخ النكاح لأن هذا قبل الدخول وليس فيه عدة.
والحاصل أن هذا الزوج الذي ترك الصلاة لا يخلو من ثلاث حالات، الحال الأولى أن يكون ذلك قبل العقد فلا يصح العقد.
السائل : نعم.
الشيخ : ولا تحل به الزوجة.
الحال الثانية أن يكون بعد العقد وقبل الدخول أو الخلوة التي توجب العدة فهذا ينفسخ النكاح بمجرّد تركه للصلاة.
الحال الثالثة أن يكون بعد الدخول أو الخلوة الموجبة للعدة فهذا يتوقف الأمر على انقضاء العدة إن تاب وصلى قبل انقضائها فهي زوجته وإن لم يفعل فإذا انقضت العدة فقد تبيّنّا فسخه منذ حصلت الردة والعياذ بالله وحينئذٍ إما أن لا يكون له رجعة عليها وإما أن يكون له رجعة إذا أسلم وأحبت ذلك على خلاف بين أهل العلم في هذه المسألة.
وكل هذا الذي رجحناه بناء على نراه من أن تارك الصلاة يكفر كفراً مخرجاً عن الملة وقد تأمّلت هذه المسألة تأملاً كثيراً وراجعت فيها ما تيسر من الكتب وبحثت فلم يتبيّن لي إلا أن القول بكفره هو القول الراجح وأن أدلة من قال بعدم كفره لا تخلو من أربعة أقسام، إما أن يكون لا دليل فيها أصلاً أو أنها مقيّدة بمعنى يستحيل معه ترك الصلاة أو أنها مقيدة بحال يُعذر فيها بترك الصلاة أو أنها عمومات تكون مخصصة بأدلة كفر تارك الصلاة.
السائل : نعم.
الشيخ : نعم.
السائل : سؤاله الثاني يقول.