ما الحكم في استعمال العطور الصناعية المستوردة ، هل هي نجسة حيث لو وقعت على الثوب ينجس موقعه ؟ حفظ
السائل : سؤاله الاخير يقول : ما الحكم في استعمال العطور الصناعية المستوردة وهل هي نجسة بحيث لو وقع شيء منها على ثوب الإنسان ينجس موقعه؟
الشيخ : أما النجاسة فليست بنجسة.
السائل : نعم.
الشيخ : وذلك لأن القول الراجح عندي أن الخمر ليس بنجس نجاسة حسية وذلك لأنه لا دليل على نجاسته والأصل فيما لم يدل الدليل على نجاسته الأصل فيه الطهارة بل إنه ورد في السنّة ما يدل على طهارته طهارة حسية تقوية للأصل وذلك أنه لما نزل تحريم الخمر قام الناس على الخمور التي عندهم فأراقوها في أسواق المدينة ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بغسل هذه الأواني.
السائل : نعم.
الشيخ : ولو كان نجساً ما أراقوه في الأسواق لأن إراقة النجاسات في الأسواق محرّمة كالبول فيها ولو كانت نجسة لأمرهم النبي عليه الصلاة والسلام بغسل أوانيهم منها كما أمرهم بغسل الأواني من لحوم الحمُر حين حرمت وقد ثبت أيضاً في صحيح مسلم أن رجلاً أتى براوية خمرٍ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهداها إليه فقال له النبي عليه الصلاة والسلام : ( أما علمت أنها قد حُرّمت ) فساره رجل يقول له بعها فقال النبي عليه الصلاة والسلام : ( ماذا قلت؟ ) قال قلت له بعها فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( إن الله إذا حرم شيئاً حرّم ثمنه ) ثم أخذ صاحب الراوية بفمها فأراقه ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بغسلها ولو كان نجساً لأمره بغسلها.
فأما قوله تعالى : (( يا أيها الذين ءامنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون )) فإن هذا الرجس هو رجس عملي ولهذا قيّد بقوله (( رجس من عمل الشيطان )) ويدل على أنه ليس الرجس الذي هو النجاسة الحسية أن الله قرنه بما ليس بنجس حساً وجعل الخبر واحداً في الجميع (( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام )) ومن المعلوم أن الأنصاب والأزلام والميسر ليست نجسة نجاسة حسية والخبر واحد عن الأربعة كلها فدل هذا على أن المراد بالرجس هنا الرجس المعنوي دون الحسي وهو الرجس العملي كما في قوله تعالى : (( فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور )) فإذا تبيّن أن الخمر ليس نجساً نجاسة حسية فإنه يتبيّن الجواب عن هذا السؤال الذي سأله السائل وهو ما إذا أصاب الثوب من هذه العطورات التي يُقال إن فيها مادة كحولية فإنه لا يجب غسله لأنه طاهر ولكن هل يجوز استعمال هذه الأطياب؟ أما على رأي من يرى أنها نجسة فلا يجوز استعمالها وأما على رأي من يرى أنها طاهرة فإن الأوْلى عدم استعمالها لعموم قوله تعالى : (( فاجتنبوه )) فإن الأمر باجتناب هذا الخمر عام لم يُخصّص فيه شيء دون شيء ولكني لا أجزم بالتحريم لأن قوله فاجتنبوه قد يُراد به اجتناب شربه.
السائل : نعم.
الشيخ : لقوله : (( إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون وهذا يدل على أن المراد بالاجتناب ما يؤدي إلى هذه العلة ومجرّد استعماله لا يؤدي إلى هذه العلة فأنا لا أحرّمه ولكني لا أستعمله شخصياً إلا إذا كان هناك حاجة كتعقيم جرح أو شبهه فإنه لا بأس به.
السائل : نعم، جزاكم الله خيرا.
هذه الرسالة من المستمع شريف محمد عثمان سوداني مقيم باليمن تعز، يقول.