ما معنى قوله تعالى : " الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هادٍ " ؟ حفظ
السائل : السؤال الثاني يقول أيضاً ما معنى قوله تعالى في سورة الزمر : (( الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابهاً مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد )) ؟
الشيخ : معناها أن الله تعالى يُخبر بأنه نزل أحسن الحديث كتابا وهو القرأن الكريم الذي نزله على محمد صلى الله عليه وسلم، نزله كتاباً متشابهاً يُشبه بعضه بعضاً في الكمال والجودة ويُوافق بعضه بعضاً وليس فيه مناقضة ولا اختلاف كما قال الله تعالى : (( أفلا يتدبرون القرأن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً )) (( مثاني )) تثنّى فيه المعاني والأحوال والأحكام فيذكر الله تبارك وتعالى خبراً يُثني فيه علي قوم وخبراً ءاخر يقدح فيه بقوم ويُخبر الله تعالى خبراً عن الجنة ثم عن النار ويُخبر الله تعالى خبراً عن الصدق ثم عن الكذب وهكذا مثاني ويكون فيه الأيات التي تكون أحكاماً والأيات التي تكون وعداً ووعيداً، حتى يكون الإنسان متقلباً في هذا الكتاب العظيم بين ... ءاياته ومعانيه العظيمة ولهذا قال : (( تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم )) لعظمته والهيبة منه وخوف ما فيه من الوعيد ثم بعد ذلك (( تلين جلدوهم وقلوبهم إلي ذكر الله )) ويحل فيها الطمأنينة والاستقرار (( ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد )) ، هذا وصف للقرأن الكريم بأنه متشابه وفي ءايات أخَر وصفه الله تعالى بأنه محكم وبأن بعضه محكمٌ وبعضه متشابه، وحينئذ نحتاج إلى الفرق بين هذه الأوصاف، فوصف القرأن بأنه محكم كله معناه أنه في غاية الجودة والإحكام والإتقان ووصف القرأن بأنه متشابه كله معناه أنه يُشبه بعضه بعضاً في الكمال والجودة والإتقان ووصف القرأن بأن بعضه محكم وبعضه متشابه معناه أن بعض الأيات منه محكمة واضحة المعنى لا يظهر فيها شيء من التعارض أو التناقض، وبعضه متشابه يشتبه معناه على كثير من الناس وربما يظهر لبعضهم فيه التعارض والأمر ليس كذلك ولا يعرف هذا إلا الراسخون في العلم، يعرفون معاني هذه الأيات الخفية التي قد يفهم منها بعض الناس التعارض وليست كذلك.
وينقسم الناس تجاه هذه الأيات المتشابهات إلي قسمين، قسم منهم يتبعون المتشابه من القرأن ابتغاء الفتنة وصد الناس عن محكم ءايات القرأن وعن الدين والإيمان واليقين، يتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وأما الراسخون في العلم يؤمنون بأنه من عند الله فيقولون ءامنا به كل من عند ربنا ويعرفون كيف يجمعون بين هذه الأيات المتشابهة وبين الأيات المحكمات برد المتشابه إلى المحكم حتى يكون القرأن كله محكماً وما يذكر إلا أولو الألباب.
السائل : جزاكم الله خيرا، هذه الرسالة من الأخت منى عبد العزيز من مكة المكرمة.