هل صحيح أن الله في السماء ؟ حفظ
السائل : السائل سمع إجابة عن سؤال في برنامجنا هذا حول أو السائل يسأل أين الله؟ فأجيب بأنه في السماء واستشهد المجيب على ذلك بأيات من القرأن الكريم منها قوله تعالى (( الرحمان على العرش استوى )) ولكن يبدو أن هذا الأخ قد استشكل هذه الإجابة ولم تطابق مفهومه الذي كان يعتقده، فأرسل يستفسر حول ذلك، فليتكم توضحون له الحقيقة حول هذا الموضوع؟
الشيخ : الحقيقة حول هذا الموضوع أنه يجب على المؤمن أن يعتقد أن الله تعالى في السماء.
السائل : نعم.
الشيخ : كما ذكر الله ذلك عن نفسه في كتابه حيث قال سبحانه وتعالى : (( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصباً فستعلمون كيف نذير )) وكما شهد بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أقر الجارية التي سألها : ( أين الله ) قالت في السماء، قال : ( أعتقها فإنها مؤمنة ) وكما أشار إلى ذلك صلى الله عليه وسلم في أعظم مجمع من أمته في يوم عرفة حين خطب الناس خطبته الشهيرة فقال : ( ألا هل بلغت ) قالوا نعم، قال : ( اللهم اشهد ) وجعل يرفع أصبعه إلى السماء وينكتها إلى الناس، فهذا دليل من القرأن ومن السنّة على أن الله في السماء وكذلك دليل العقل أن الله في السماء فإن السماء علو والعلو صفة كمال والرب سبحانه وتعالى قد ثبت له صفة الكمال فكان العلو من كماله تبارك وتعالى وثبت له ذلك عقلاً، كذلك في الفطرة فإن الناس مفطورون على أن الله تعالى في السماء ولهذا يجد الإنسان من قلبه ضرورة بطلب العلو حينما يسأل الله شيئاً حين يقول "يا رب" لا يجد في قلبه التفاتا يميناً ولا يساراً ولا أسفل وإنما يتجه قلبه إلى العلو بمقتضى الفطرة التي سلِمت من اجتيال الشياطين، وما من أحد يصلي فيقول في سجوده سبحان ربي الأعلى إلا وهو يشعر بأن الله تعالى في السماء، وقد انعقد اجماع السلف على ذلك كما ذكر ذلك الأوزاعي وغيره.
وعلى هذا فيكون الكتاب والسنّة والإجماع والعقل والفطرة كل هذه الأدلة قد تطابقت على أن الله تعالى في السماء، وأنه جل وعلا عالٍ بذاته كما أنه عالٍ بصفاته، ولكن يجب أن يفهم أو يجب أن يُعلم أن كونه في السماء لا يعني أن السماء تقله، وأنها محيطة به فإن الله تعالى أعظم من أن يقله شيء من خلقه وهو سبحانه وتعالى غني عما سواه وكل شيء مفتقر إليه سبحانه وتعالى (( إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا )) (( ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه )) فلا يمكن أن تقله السماء.
وعلى هذا فيزول المحظور الذي أظن أنه قد شبّه على هذا السائل بأنه إذا قلنا بأن الله في السماء لزم أن تكون السماء مقلة له عز وجل وليس الأمر كذلك فإن قال قائل قوله في السماء قد يفهم منه أن السماء تحيط به لأن "في" للظرفية والمظروف يكون الظرف محيطاً به؟ فالجواب أن ذلك ليس بصحيح لأننا إذا جعلنا "في" للظرفية جعلنا السماء بمعنى العلو فإن السماء بمعنى العلو قد ورد في القرأن كما في قوله تعالى : (( أنزل من السماء ماء )) والسماء ينزل من السحاب والسحاب مسخر بين السماء والأرض، فيكون معنى قوله : (( أنزل من السماء )) أي أنزل من العلو ويكون معنى قوله : (( أأمنتم من في السماء )) أي : من في العلو.
وهناك وجه ءاخر بأن نجعل "في" بمعنى على ونجعل السماء هي السماء السقف المحفوظ ويكون معنى : ((من في السماء )) أي : من على السماء، وإذا كان عليها عالياً عليها فلا يلزم أن تكون محيطة به ولا يمكن أن تكون محيطة به و "في" تأتي بمعنى على كما في قوله تعالى : (( قل سيروا في الأرض )) أي : على الأرض، وكما في قوله تعالى عن فرعون : (( ولأصلبنكم في جذوع النخل )) أي على جذوع النخل، وبهذا يزول الإشكال والوهم الذي قد يعتري من لم يتدبر دلالة الكتاب والسنّة في هذه المسألة العظيمة.
ولا ريب أن من أنكر أن الله في السماء فهو مكذب بالقرأن والسنّة وإجماع السلف، فعليه أن يتوب إلى الله عز وجل وأن يتدبر دلالة الكتاب والسنّة على وجه مجرد عن الهوى ومجرد عن التقليد حتى يتبيّن له الحق ويعرف أن الله عز وجل أعظم وأجل من أن يُحيط به شيء من مخلوقاته.
أما قوله تعالى : (( ثم استوى على العرش )) فإن الاستواء بمعنى العلو كما في قوله تعالى : (( لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم )) أي : لتعلو عليها، وكما في قوله (( فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك )) أي : علوت، فالاستواء في اللغة العربية بمعنى العلو، ولا يرد بمعنى الاستيلاء والملك أبداً، ولو كان هذا صحيحاً لبيّنه الله عز وجل في القرأن ولو في موضع واحد. والاستواء على العرش ذكر في القرأن في سبعة مواضع، ما فيها موضع واحد عُبِّر عنه بالاستيلاء أبداً، ولو كان بمعناه أي بمعنى الاستيلاء لعبّر عنه في بعض المواضع حتى يحمل الباقي عليه، فإن لم يكن بيّنته السنّة وليس في سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم حرف واحد يدل على أن الاستواء -أي أن استواء الله على عرشه- بمعنى استيلائه عليه، وليس في كلام السلف الصالح والأئمة على أن استواء الله على العرش بمعنى استيلائه عليه، والمعروف عنهم أنه بمعنى العلو والاستقرار والارتفاع والصعود، هكذا نقِل عن السلف.
وعلى هذا فيكون المعنى الصحيح لقوله تعالى : (( الرحمان على العرش استوى )) وما أشبهها من الأيات أي الرحمان على العرش علا علواً خاصاً يليق بجلاله تبارك وتعالى، ولا يستلزم ذلك أن يكون الله تعالى محتاجاً إلى العرش بل إنه لا يقتضي ذلك أيضاً فإنه قد علِم أن الله تعالى غني عما سواه وأن كل ما سواه محتاج إليه فنرجو من الأخ السامع للجواب الأول أن يُضيف إليه أيضاً هذا الجواب حتى يتبيّن له الحق وأن يُجرّد نفسه قبل كل شيء من التقليد حتى يكون قلبه سليماً على الفطرة التي فطر الله الناس عليها.
السائل : بارك الله فيكم وأحسن إليكم.
الشيخ : الحقيقة حول هذا الموضوع أنه يجب على المؤمن أن يعتقد أن الله تعالى في السماء.
السائل : نعم.
الشيخ : كما ذكر الله ذلك عن نفسه في كتابه حيث قال سبحانه وتعالى : (( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصباً فستعلمون كيف نذير )) وكما شهد بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أقر الجارية التي سألها : ( أين الله ) قالت في السماء، قال : ( أعتقها فإنها مؤمنة ) وكما أشار إلى ذلك صلى الله عليه وسلم في أعظم مجمع من أمته في يوم عرفة حين خطب الناس خطبته الشهيرة فقال : ( ألا هل بلغت ) قالوا نعم، قال : ( اللهم اشهد ) وجعل يرفع أصبعه إلى السماء وينكتها إلى الناس، فهذا دليل من القرأن ومن السنّة على أن الله في السماء وكذلك دليل العقل أن الله في السماء فإن السماء علو والعلو صفة كمال والرب سبحانه وتعالى قد ثبت له صفة الكمال فكان العلو من كماله تبارك وتعالى وثبت له ذلك عقلاً، كذلك في الفطرة فإن الناس مفطورون على أن الله تعالى في السماء ولهذا يجد الإنسان من قلبه ضرورة بطلب العلو حينما يسأل الله شيئاً حين يقول "يا رب" لا يجد في قلبه التفاتا يميناً ولا يساراً ولا أسفل وإنما يتجه قلبه إلى العلو بمقتضى الفطرة التي سلِمت من اجتيال الشياطين، وما من أحد يصلي فيقول في سجوده سبحان ربي الأعلى إلا وهو يشعر بأن الله تعالى في السماء، وقد انعقد اجماع السلف على ذلك كما ذكر ذلك الأوزاعي وغيره.
وعلى هذا فيكون الكتاب والسنّة والإجماع والعقل والفطرة كل هذه الأدلة قد تطابقت على أن الله تعالى في السماء، وأنه جل وعلا عالٍ بذاته كما أنه عالٍ بصفاته، ولكن يجب أن يفهم أو يجب أن يُعلم أن كونه في السماء لا يعني أن السماء تقله، وأنها محيطة به فإن الله تعالى أعظم من أن يقله شيء من خلقه وهو سبحانه وتعالى غني عما سواه وكل شيء مفتقر إليه سبحانه وتعالى (( إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا )) (( ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه )) فلا يمكن أن تقله السماء.
وعلى هذا فيزول المحظور الذي أظن أنه قد شبّه على هذا السائل بأنه إذا قلنا بأن الله في السماء لزم أن تكون السماء مقلة له عز وجل وليس الأمر كذلك فإن قال قائل قوله في السماء قد يفهم منه أن السماء تحيط به لأن "في" للظرفية والمظروف يكون الظرف محيطاً به؟ فالجواب أن ذلك ليس بصحيح لأننا إذا جعلنا "في" للظرفية جعلنا السماء بمعنى العلو فإن السماء بمعنى العلو قد ورد في القرأن كما في قوله تعالى : (( أنزل من السماء ماء )) والسماء ينزل من السحاب والسحاب مسخر بين السماء والأرض، فيكون معنى قوله : (( أنزل من السماء )) أي أنزل من العلو ويكون معنى قوله : (( أأمنتم من في السماء )) أي : من في العلو.
وهناك وجه ءاخر بأن نجعل "في" بمعنى على ونجعل السماء هي السماء السقف المحفوظ ويكون معنى : ((من في السماء )) أي : من على السماء، وإذا كان عليها عالياً عليها فلا يلزم أن تكون محيطة به ولا يمكن أن تكون محيطة به و "في" تأتي بمعنى على كما في قوله تعالى : (( قل سيروا في الأرض )) أي : على الأرض، وكما في قوله تعالى عن فرعون : (( ولأصلبنكم في جذوع النخل )) أي على جذوع النخل، وبهذا يزول الإشكال والوهم الذي قد يعتري من لم يتدبر دلالة الكتاب والسنّة في هذه المسألة العظيمة.
ولا ريب أن من أنكر أن الله في السماء فهو مكذب بالقرأن والسنّة وإجماع السلف، فعليه أن يتوب إلى الله عز وجل وأن يتدبر دلالة الكتاب والسنّة على وجه مجرد عن الهوى ومجرد عن التقليد حتى يتبيّن له الحق ويعرف أن الله عز وجل أعظم وأجل من أن يُحيط به شيء من مخلوقاته.
أما قوله تعالى : (( ثم استوى على العرش )) فإن الاستواء بمعنى العلو كما في قوله تعالى : (( لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم )) أي : لتعلو عليها، وكما في قوله (( فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك )) أي : علوت، فالاستواء في اللغة العربية بمعنى العلو، ولا يرد بمعنى الاستيلاء والملك أبداً، ولو كان هذا صحيحاً لبيّنه الله عز وجل في القرأن ولو في موضع واحد. والاستواء على العرش ذكر في القرأن في سبعة مواضع، ما فيها موضع واحد عُبِّر عنه بالاستيلاء أبداً، ولو كان بمعناه أي بمعنى الاستيلاء لعبّر عنه في بعض المواضع حتى يحمل الباقي عليه، فإن لم يكن بيّنته السنّة وليس في سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم حرف واحد يدل على أن الاستواء -أي أن استواء الله على عرشه- بمعنى استيلائه عليه، وليس في كلام السلف الصالح والأئمة على أن استواء الله على العرش بمعنى استيلائه عليه، والمعروف عنهم أنه بمعنى العلو والاستقرار والارتفاع والصعود، هكذا نقِل عن السلف.
وعلى هذا فيكون المعنى الصحيح لقوله تعالى : (( الرحمان على العرش استوى )) وما أشبهها من الأيات أي الرحمان على العرش علا علواً خاصاً يليق بجلاله تبارك وتعالى، ولا يستلزم ذلك أن يكون الله تعالى محتاجاً إلى العرش بل إنه لا يقتضي ذلك أيضاً فإنه قد علِم أن الله تعالى غني عما سواه وأن كل ما سواه محتاج إليه فنرجو من الأخ السامع للجواب الأول أن يُضيف إليه أيضاً هذا الجواب حتى يتبيّن له الحق وأن يُجرّد نفسه قبل كل شيء من التقليد حتى يكون قلبه سليماً على الفطرة التي فطر الله الناس عليها.
السائل : بارك الله فيكم وأحسن إليكم.