ما حكم المكافآت في مسابقات القرآن التي تكون في شهر رمضان فبعضهم يجيب على السؤال ويكرر الأوراق بأسماء أقاربه فإذا فاز أعطاهم شيئا منها وبعضهم يأخذ أجوبة غيره ويأخذ الجائزة هو ، وبعضهم يجيب عن الأسئلة ويبيعها للناس وقد يكون منهم من غير المسلمين ؟ حفظ
السائل : من الناس من يجيب على أسئلة مسابقة القرآن التي تذاع من الإذاعة أو بعض المسابقات الأخرى من إذاعات مختلفة تكون إذاعتها خلال شهر رمضان المبارك، ثم بعد إجابته لها يكررها أو يكرر كتابتها عدة مرات ويكتب عليها أسماء أقاربه وربما أصدقائه، فإذا فازوا أعطاهم شيئاً مقابل استخدام أسمائهم، وهذا باتفاقه معهم على ذلك، هذا صنف من الناس، وهناك صنف آخر من يبحث عن الإجابة وهي جهود غيرهم ثم ينقلها ويرسلها، فإذا فاز يأخذ هو الجائزة التي هي مقررة لمن استفاد بمعلومات تلك الأسئلة وصرف جهده ووقته فيها، وهناك صنف ثالث قد يكون أكثر خطراً، وهو ما يحدث في بعض الدول الإسلامية بأن يجيب المرء عن الأسئلة، ثم يصورها مراراً ويبيع تلك الصور في الشوارع والأسواق، كأوراق اليانصيب فيرسلها المشتري بعد نسخها بيده والفوز والجائزة له، وقد يكون من بينهم غير المسلمين، فما الحكم الشرعي فيما يحصل من مكافآت بهذه الطريقة أهي حلال أم حرام؟
الشيخ : قبل الجواب على هذه الأسئلة الثلاثة أو على بيان أحكام هذه الأصناف الثلاثة، أقول: إنه يشكر البرنامج الذي يجعل هذه الجوائز للمتفوقين لما في ذلك من الإعانة على العلم والفهم لا سيما إذا كان فيما يتعلق بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والأحكام الشرعية، ولكن أخشى على الذين يدخلون هذه المسابقات أن يكون غرضهم من ذلك نفس المادة أو نفس المكافأة المادية فيضيع بذلك أجرهم فيما إذا كان من الأمور الشرعية، بل يأثمون بذلك، فإن طلبهم العلم الشرعي لهذا الغرض طلب غير صحيح، وقد ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام: ( أن من طلب علما وهو مما يبتغى به وجه الله لا يريده إلا لينال به عرضا من الدنيا لم يرح رائحة الجنة ) وهذا خطر عظيم، فلا يجوز للمرء أن يدخل في مسابقة شرعية من أجل الحصول على هذه المكافأة المادية، لأنه جعل الأفضل والأكمل جعله وسيلة لما هو أدنى، فإن علم أحكام الله عز وجل، وعلم معاني كلامه وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم أسمى وأعلى من أن يجعل وسيلة لينال الإنسان بها عرضا من الدنيا.
وبعد هذا فإن ما ذكره الأخ من الأصناف الثلاثة كله محرم، أما الصنف الأول: وهو أن يجيب بعدة أجوبة ويكتب على كل جواب اسم أحد من أقاربه أو أصدقائه، فلأنه كذب وتزوير وخيانة للبرنامج، ويكون سببا لأكل المال بغير حق، بل بالباطل فجمع ثلاثة أوصاف، كل واحد منها يثبت به التحريم: الكذب والخيانة وأكل المال بالباطل، وعلى هذا فيكون هذا الفعل محرما.
وأما الصنف الثاني: وهو أن يأخذ أجوبة من الناس يكتبونها له ثم يقدمها فهو أيضا محرم، لأن هذا الرجل نقل الجواب من غيره، فهو جواب غيره وليس جوابه، وليس من هذا أن يبحث الرجل عن جواب هذه الأسئلة إما في الكتب أو من أفواه أهل العلم بذلك، لأن المقصود من هذا البرنامج هو أن يصل الإنسان إلى العلم، وليس كل أحد يكون عالما للشيء بنفسه، بل لا بد من المراجعة إما عن طريق الكتب وهو الأفضل والأولى، وإما أن يستعين بأحد من الناس فهذا جائز ولا بأس به، ويدل لذلك أن الذين يقدمون هذه البرامج لا يمنعون من أن يستعين أحد بأحد، ولو كانوا يريدون ذلك لبينوه، فكونك تأخذ الجواب مكتوبا من غيرك وتقدمه هذا حرام، وكونك تستعين بأحد من الناس بالبحث أو بالكتب فهذا لا بأس به ولا حرج فيه.
أما الصنف الثالث: وهو أن يكتب الجواب ثم يبيعه في الأسواق فهو أيضا حرام على المشتري، لأن المشتري قدم جوابا لغيره فيكون كذبا وزورا على هذه البرامج، ثم إن فيه شيئا من الغرر، لأنك قد تشتري هذه الورقة المتضمنة للجواب ثم لا تربح، فيكون فيه شيء من الغرر والميسر، وهذا حرام.
السائل : وآكل الثمن؟
الشيخ : وآكل الثمن أيضا آثم، لأنه أعان على محرم، وقد قال الله تعالى: (( وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ )).