نرى كثيرا من علماء السوء والضلال الذين لا هم لهم إلا أكل أموال الناس بالباطل وهم الذين أوقعوا الناس في الشرك يلبسون العمائم الخضر ويتسمون بسمات أهل الصلاح ولكنهم لا يصلون ويقولون أنهم يصلون في المسجد الحرام ولا يصومون لأن الصوم للفقراء ولا يحجون لأن مكة حارة .... وفي المقابل نرى البعض ممن يستمعون لهم عندما يؤدون العمرة والحج نراهم يطوفون ويدعون لهم ويؤدون الصلاة لهم في كل جزء من المسجد الحرام، فما حكم فعل هؤلاء وماحكم تصديقهم فيما يقولون وهل أعمالهم مقبولة ؟ حفظ
السائل : نرى كثيراً من علماء السوء والضلال الذين لا هم لهم سوى أكل أموال الناس بالباطل، وهم الذين أوقعوا الناس في الشرك، يلبسون العمائم الخضر، ويتسمون بسمات أهل الصلاح، ولكنهم لا يصلون، وإذا سئلوا: لماذا لا تصلون؟ يقولون: نحن نصلي في المسجد الحرام بمكة، ويأتي من المريدين من أتباعهم فيزكونهم ويقولون: إنكم لا ترونه عندما يذهب إلى مكة، لأنه من أهل الخطوة، ولأن بينكم وبينه حجاب فلا ترونه وإذا سئلوا عن الصيام، قالوا: هذا من فضل الله علينا فنحن لسنا بحاجة إلى الصيام لأننا من أصحاب الأموال والصيام هو للفقراء الذين لا يملكون المال، وإذا سئلوا عن الحج قالوا: هذا أيضاً من فضل الله، ويعتذرون، ويقولون: إن مكة بلدٌ حارة وكلها جبال ولا يوجد أشجار أو ظلال، وفي المقابل نرى البعض من الناس ممن يتبعون لهم عندما يؤدون العمرة أو الحج نراهم يطوفون لهم ويدعون لهم ويؤدون الصلاة لهم في كل جزء من المسجد الحرام، فما حكم فعل هؤلاء؟ وما حكم تصديقهم فيما يقولون؟ وهل أعمالهم مقبولة؟
الشيخ : قبل الجواب على هذا السؤال أحب أن أوجه نصيحة إلى أولئك الشيوخ الذين وصفهم هذا السائل بما وصفهم به، أقول: أيها الشيوخ إن الواجب عليكم التوبة إلى الله عز وجل والرجوع عما أنتم عليه مما وصف فيكم، وأن تلتزموا طريق النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وأن تقوموا بما أمركم الله به من العبادات الظاهرة والباطنة، حتى تكونوا أئمة هدى وصلاح وإصلاح، وأما بقاؤكم على ما أنتم عليه مما وصف السائل فهو خسارة لكم في دينكم ودنياكم، وهو ضلال وكفر بالله عز وجل، ولا تغرنكم الحياة الدنيا، ولا يغرنكم بالله الغرور، لا يغركم أن السذج من الخلق يأتون إليكم يقبلون أيديكم وأرجلكم ويتمسحون بثيابكم وعمائمكم، إن هذا غرور من الشيطان يبعث إليكم هؤلاء السذج من أجل أن تستمرئوا ما أنتم عليه وتستمروا على هذه الطريقة الباطلة، فاتقوا الله في أنفسكم واتقوا الله في عباد الله، واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا، واعلموا أن من دعا إلى ضلالة كان عليه إثم هذه الدعوة وإثم من عمل بها إلى يوم القيامة، وباب التوبة مفتوح إن عليكم أن ترجعوا إلى الله وأن تبينوا أن طريقتكم الأولى التي أنتم عليها طريقة ضلال، وأنكم خاطئون فيها، ولكنكم تتوبون إلى الله تعالى منها.
أما بالنسبة لما ذكره السائل من أحوالهم، فإن إنكارهم الصوم، وقولهم: إن الصوم إنما يجب على الفقراء، هذا كفر وردة عن الإسلام، لأن الصوم واجب على كل مكلف (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ))، فمن أنكر وجوب الصيام على الأغنياء وقال: إنه واجب على الفقراء فقط فقد كفر بالقرآن وكفر بالسنة وكذب إجماع المسلمين، وهو كافر بلا شك، وكذلك من استكبر عن الحج، وقال: إن مكة حارة وفيها جبال وليس فيها أشجار فإنه كافر مستكبر عن عبادة الله عز وجل، لأنه كره ما أنزل الله تعالى من فريضة الحج على عباده، وتعليله هذا كالمستهزئ بشريعة الله سبحانه وتعالى، والله عز وجل فرض الحج على عباده على المستطيع منهم وهو يعلم حال هذه البلاد التي فرض الله الحج إليها، كما قال الله عن إبراهيم خليله: (( رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ )) والمغرور بهؤلاء الشيوخ الذين هذه صفتهم والذين هم مرتدون عن الإسلام، المغرور بهم مخدوع فلا يجوز لأحد أن يدعو الله لهم إلا بالهداية، وأما أن يحج لهم أو يعتمر لهم أو يأخذ بقولهم ويصدقهم فيما يقولون ويتبعهم فيما إليه يذهبون فإنه كافر، لأن كل من صدق أن الصوم لا يجب إلا على الفقراء فقط أو أن تكليف الناس الحج تكليف لهم بما لا يطاق، لأن مكة جبال وحارة فإنه يعتبر كافرا لاعتراضه على حكم الله وحكمته، وإنكاره ما فرض الله تعالى على عباده من الصوم اللهم إلا أن يكون جاهلا لا يعرف، وإنما سقط في أحضان هؤلاء وضللوه، ولم يهيئ له من يقول له: إن هذا كذب وباطل، فهذا ينظر في أمره، وأما من صدقهم وهو يعرف ما المسلمون عليه فإنه يكون كافرا بتصديقهم، لأنه صدقهم في إنكارهم فرض الصيام.
كذلك زعمهم أي زعم هؤلاء الشيوخ إذا أمروا بالصلاة أنهم يصلون في المسجد الحرام زعم كاذب باطل، فكيف يصلي في المسجد الحرام من كان في إفريقيا أو في شرق آسيا أو ما أشبه ذلك، هذا أمر لا يمكن، ولكنهم يغرون العامة بمثل هذه الكلمات، فهم لا يصلون في المسجد الحرام وإنما يريدون التملص والتخلص من الاعتراض عليهم، وعلى كل حال فإني أحذر إخواني المسلمين من الاغترار بأمثال هؤلاء وأدعوهم إلى نبذ هؤلاء وإلى البعد عنهم، ولكن لا يمنع ذلك من مناصحتهم والكتابة إليهم لعلهم يرجعون إلى الحق.
السائل : نعم، جزاكم الله خيرا.