إنني فتاة مسلمة نشأت في عائلة متدينة أحافظ على صلاتي وأخشى الله عز وجل...ولكنني لا أرتد الحجاب أنا أفكر في لبسه مستقبلا، فهل سيكون جزائي النار في الآخرة ؟ حفظ
السائل : إنني شابة مسلمة دخل الإيمان في قلبي منذ صغري، لأنني نشأت في عائلة محافظة ومتدينة، أؤدي الصلوات في أوقاتها ولا أخطو خطوة واحدة إلا وضعت الله أمام عيني، وأفكر كثيراً مع نفسي في يوم الحساب وأخاف من عقاب الله، ومع ذلك لم ألبس الحجاب مع أنني دائماً أفكر في لبس الحجاب مستقبلاً، فهل جزائي في الآخرة هو النار، أرشدوني أثابكم الله؟
الشيخ : هذا السؤال تضمن مسألتين، المسألة الأولى: ما وصفت به نفسها من الاستقامة على دين الله عز وجل بكونها نشأت في بيئة صالحة، وهذا الوصف الذي وصفت به نفسها إن كان الحامل لها على ذلك التحدث بنعمة الله سبحانه وتعالى، وأن تجعل من ذلك الإخبار وسيلة للاقتداء بها فهذا قصد حسن تؤجر عليه ولعلها تدخل في ضمن قوله تعالى: (( وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ )) وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة )، وإن كان الحامل لها على ذلك تزكية النفس والإطراء والإدلال بعملها على ربها فهذا مقصود سيء خطير ولا أظنها تريد ذلك إن شاء الله تعالى.
أما المسألة الثانية: فهي تفريطها في الحجاب كما ذكرت عن نفسها، وتسأل هل تعذب على ذلك بالنار في الآخرة؟
والجواب على ذلك: أن كل من عصى الله عز وجل بمعصية لا تكفرها الحسنات فإنه على خطر، فإن كانت شركا وكفرا يخرج عن الملة فإن العذاب محقق لمن أشرك بالله وكفر به (( و مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ ))، (( إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ))، وإن كان دون ذلك أي: دون الكفر المخرج عن الملة، وهو من المعاصي التي لا تكفرها الحسنات فإنه تحت مشيئة الله عز وجل إن شاء الله عذبه وإن شاء غفر له كما قال الله تعالى: (( إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ )).
والحجاب الذي يجب على المرأة أن تتخذه هو أن تستر جميع بدنها عن غير زوجها ومحارمها لقول الله تعالى: (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ )) والجلباب هو الملاءة أو الرداء الواسع الذي يشمل جميع البدن فأمر الله تعالى نبيه أن يقول لأزواجه وبناته ونساء المؤمنين: (( يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ )) حتى يسترن وجوههنّ ونحورهنّ. وقد دلت الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والنظر الصحيح والاعتبار والميزان على أنه يجب على المرأة أن تستر وجهها عن الرجال الأجانب الذين ليسوا من محارمها وليسوا من أزواجها، ولا يشك عاقل أنه إذا وجب على المرأة أن تستر رأسها وأن تستر رجليها وأن لا تضرب برجليها حتى يعلم ما تخفي من زينتها من الخلخال ونحوه، لا يشك عاقل أنه إذا كان هذا واجبا فإن وجوب ستر الوجه أوكد وأعظم، وذلك أن الفتنة الحاصلة في كشف الوجه أعظم بكثير من الفتنة الحاصلة بنظر شعرة من شعر رأسها أو ظفر من ظفر رجليها، وإذا تأمل العاقل المؤمن هذه الشريعة وحكمها وأسرارها تبين له أنه لا يمكن أن تلزم المرأة بستر الرأس والعنق والذراع والساق والقدم ثم تبيح للمرأة أن تخرج كفيها وأن تخرج وجهها المملوء جمالا وتحسينا، لأن ذلك خلاف الحكمة ومن تأمل ما وقع الناس فيه اليوم من التهاون في ستر الوجه الذي أدى إلى أن تتهاون المرأة بما ورآه حيث تكشف رأسها وعنقها ونحرها وذراعها وتمشي في الأسواق بدون مبالاة في بعض البلاد الإسلامية علم أن الحكمة تقتضي إلزام النساء بستر وجوههنّ، فعليك أيتها المرأة أن تتقي الله عز وجل وأن تحتجبي الحجاب الواجب الذي لا تكون معه الفتنة بتغطية جميع البدن عن غير الأزواج والمحارم وأن تتقي الله تعالى في ذلك ما استطعت.