رجل اقترض مالا من رجل ولكن المقرض اشترط أن يعطى قطعة أرض زراعية من المقترض رهن بالمبلغ يقوم بزراعتها وأخذ غلتها كاملة أو نصفها والنصف الآخر لصاحب الأرض حتى يرجع المدين المال كاملا كما أخذه فيرجع له الدائن الأرض التي كانت تحت يده، فما حكم الشرع في نظركم في هذا القرض المشروط ؟ حفظ
السائل : رجل اقترض مالا من رجل ولكن المقرض اشترط أن يعطى قطعة أرض زراعية من المقترض ، رهن بالمبلغ يقوم بزراعتها وأخذ غلتها كاملة أو نصفها والنصف الآخر لصاحب الأرض حتى يرجع المدين المال كاملا كما أخذه ، فيرجع له الدائن الأرض التي كانت تحت يده ، ما حكم الشرع في نظركم في مثل هذا القرض المشروط ؟
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
أقول في الجواب على هذا السؤال إن القرض من عقود الإرفاق التي يقصد بها الرفق بالمقترض والإحسان إليه ، وهو من الأمور المطلوبة المحبوبة إلى الله عز وجل ، لأنه إحسان إلى عباد الله ، وقد قال الله تعالى : (( وأحسنوا إن الله يحب المحسنين )) فهو بالنسبة للمقرض مشروع مستحب ، وبالنسبة للمقترض جائز مباح ، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم استسلف من رجل بكراً ورد خيراً منه ، وإذا كان هذا العقد أعني القرض من عقود الإرفاق والإحسان فإنه لا يجوز أن يحول إلى عقد معاوضة وربح ، أعني الربح المادي الدنيوي ، لأنه بذلك يخرج عن موضوعه إلى موضوع البيع والمعاوضات ، ولهذا تجد الفرق بين أن يقول رجل لآخر بعتك هذا الدينار بدينار آخر إلى سنة أو بعتك هذا الدينار بدينار آخر ثم يتفرقا قبل القبض ، فإنه في الصورتين يكون البيع حراماً ورباً ، لكن لو أقرضه ديناراً قرضاً وأوفاه بعد شهر أو سنة كان ذلك جائزاً مع أن المقرض لم يأخذ العوض إلا بعد سنة أو أقل أو أكثر نظرا لتغليب جانب الإرفاق ، وبناءً على ذلك فإن المقرض إذا اشترط على المقترض نفعاً مادياً فقد خرج بالقرض عن موضوعه الأصلي وهو الإرفاق فيكون حراماً ، والقاعدة المعروفة عند أهل العلم : " أن كل قرض جر منفعة فهو ربا " وعلى هذا فلا يجوز للمقرض أن يشترط على المقترض أن يمنحه أرضه ليزرعها حتى ولو أعطى المقترض سهماً من الزرع ، لأن ذلك جر منفعة إلى المقرض يخرج القرض عن موضعه الأصلي وهو الإرفاق والإحسان .