والآية : ( وقالوا لجلودهم لم شهدتهم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء ) ؟ حفظ
السائل : الآية الثانية أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : (( وقالوا لجلودهم لم شهدتهم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء )) ؟
الشيخ : هذه الآية نزلت في الكافرين أعداء الله عز وجل الذين قال الله عنهم : (( ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون حتى إذا ما جاؤوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون )) فأعداء الله وهم الكفار ، وهم أعداء للمسلمين أيضاً كما قال الله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق )) وقال عز وجل : (( والذين كفروا بعضهم أولياء بعض )) وقال عز وجل : (( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين )) فأعداء الله تعالى أعداء لكل عباده المؤمنين في كل زمان ومكان ، فالله تعالى يذكر عباده بهذه الحال العظيمة حتى يكونوا من أولياء الله ويبتعدوا عن عداء الله عز وجل وعن أعداءه أيضاً .
يقول عز وجل : (( ويم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون )) أي يساقون إليها ويحبس أولهم على آخرهم ، يساقون إلى جهنم ورداً والعياذ بالله ، فإذا جاؤوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم يقول : (( حتى إذا ما جاؤوها )) ما هذه زائدة للتوكيد ، وكلما جاءت ما بعد إذا فهي زائدة كما قيل : " يا طالباً خذ فائدة ما بعد إذا زائدة " .
(( حتى إذا ما جاؤوها )) أي إذا جاؤوها (( شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون )) فيشهد السمع على صاحبه بما سمع من الأقوال من الأقوال المحرمة المنكرة التي استمع إليها صاحب هذا السمع وركن إليها وقام بموجبها ، وأبصارهم بما شاهدوا من الأمور المنكرة التي أقروها ورضوا بها ، وجلودهم بما مسوا فيشمل كل ما مست أيديهم ورأجلهم وفروجهم من الأمور المنكرة المحرمة ، تشهد عليهم بكل ما مست ، وهذا أعم من السمع ومن البصر ، ولهذا أنكروا على الجلود دون السمع والبصر فقالوا لجلودهم : (( لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون وما كنت تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظنننت أن الله لا يعلم كثيراً مما تعملون وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين فإن يصبروا فالنار مثوى لهم وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين )) فيوم القيامة يختم على الألسن وتكلم الجوارح قال الله تعالى : (( اليوم نختم على أفواهم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون )) فتشهد الجلود بكل ما مست من أمر محرم وكذلك السمع والبصر ، وحينئذٍ لا يبقى للإنسان عذر بل يكون مقراً رغم أنفه بما جرى منه من الكفر والمعاصي نسأل الله العافية .