هل للتجارة حد في الربح، وما حكم التسعير ؟ حفظ
السائل : هل للتجارة حد في الربح ، وما حكم التسعيرة ؟
الشيخ : الربح ليس له حد فإنه من رزق الله عز وجل ، والله تعالى قد يسوق الرزق الكثير إلى الإنسان ، فأحياناً يربح الإنسان في العشرة مئة أو أكثر ، يكون قد اشترى الشيء بزمن فيه الرخص ثم ترتفع الأسعار فيربح كثيراً ، كما أن الأمر كذلك يكون بالعكس قد يشتريها في زمن الغلاء وترخص رخصاً كثيراً ، فلا حد للربح الذي يجوز للإنسان أن يربحه ، نعم لو كان هذا الإنسان هو الذي يختص بإيراد هذه السلع وتسويقها وربح على الناس كثيراً فإنه لا يحل له ذلك ، لأن هذا يشبه بيع المضطر ، يعني البيع على المضطر لأن الناس إذا تعلقت حاجتهم بهذا الشيء ولم يكن موجوداً إلا عند شخص معين فإنهم في حاجة إلى الشراء منه وسيشترون منه ولو زادت عليهم الأثمان ، ومثل هذا يجوز التسعير عليه ، وأن تتدخل الحكومة وولاة الأمر فيضربون له ربحاً مناسباً لا يضره نقصه ، ويمنعونه من الربح الزائد الذي يضر غيره .
ومن هنا نعرف أن التسعير ينقسم إلى قسمين :
قسم يلجأ إليه ولاة الأمور لظلم الناس واحتكارهم ، وهذا لا بأس به لأنه من السياسة الحسنة ، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا يحتكر إلا خاطئ ) والخاطئ من ارتكب الخطأ عن عمد ، وإذا كان خاطئاً فإنه يجب أن يصحح مساره عن طريق ولاة الأمر ، فإذا احتكر الإنسان هذه السلعة ولم تكن عند غيره والناس بحاجة إليها ، فإن على ولاة الأمور أن يتدخلو في هذا وأن يضربوا الربح الذي لا يتضرر به البائع وينتفع به المشتري .
أما إذا كان ارتفاع الأسعار ليس صادراً عن ظلم بل هو من الله عز وجل إما لقلة الشيء أو لسبب من الأسباب التي تؤثر في الاقتصاد العام ، فإن هذا لا يحل التسعير فيه ، لأن هذا ليس إزالة ظلم من هذا الشخص الذي رفع السعر ، فإن الأمور بيد الله عز وجل ، ولهذا لما غلى السعر في المدينة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم جاؤوا إليه فقالوا : يا رسول الله سعر لنا ، فقال : ( إن الله هو المسعر القابض الباسط الرازق وإني لأرجو الله أن ألقى الله عز وجل وما أحد منكم يطلبني بمظلمة في دم ولا مال ) فامتنع النبي صلى الله عليه وسلم من أن يسعر لهم لأن هذا الغلاء ليس من فعلهم وصنيعهم .
وبهذا نعرف أن التسعير على قسمين : إن كان سببه إزالة الظلم فلا بأس به . وإن كان ظلماً هو بنفسه بحيث يكون الغلاء ليس من ظلم الإنسان فإن التسعير حينئذٍ يكون ظلماً ولا يجوز .