ما معنى قوله تعالى : ( ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا... إلى قوله تعالى : ( وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف إن الله كان غفورا رحيما ) ؟ حفظ
السائل : مستمع يسأل عن قوله تعالى من سورة النساء : (( ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا )) إلى قوله تعالى : (( وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف إن الله كان غفورا رحيما )) ؟
الشيخ : في هذه الآية الكريمة بين الله عز وجل المحرمات في النكاح ، وأسابب التحريم يعود في هذه الآيات إلى ثلاثة أشياء :
النسب والرضاع والمصاهرة ، فقوله تعالى : (( ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف )) تفيد أنه لا يجوز للإنسان أن يتزوج من تزوجها أبوه أو جده وإن علا سواء كان الجد من قبل الأم أو من قبل الأب ، وسواء دخل بالمرأة أم لم يدخل بها ، فإذا عقد الرجل على امرأة عقداً صحيحاً حرمت على أبنائه وأبناء أبنائه وأبناء بناته وإن نزلوا .
وفي قوله تعالى : (( حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت )) بيان ما يحرم بالنسب وهن سبع :
الأمهات وإن علون من الجدات من قبل الأب أو من قبل الأم ، والبنات وإن نزلن من بنات الابن وبنات البنات وإن نزلن ، وأخواتكم سواء كن شقيقات أم لأب أم لأم ، وعامتكم وهن أخوات الآباء والأجداد وإن علون سواء كن عمات شقيقات أو عمات لأب أو عمات لأم ، فالعمات الشقيقات أخوات أبيك من أمه وأبيه ، والعمات لأب أخواته من أبيه ، والعمات لأم أخواته من أمه ، والخالات هن : أخوات الأم والجدة وإن علت سواء كن شقيقات أو لأب أو لأم ، فالخالات الشقيقات أخوات أمك من أمها وأبيها ، والخالات لأب أخواتها من أبيها ، والخالات لأم أخواتها من أمها ، واعلم أن كل خالة لشخص أو كل عمة لشخص فهي عمة له ولمن تفرع منه ، وخالة له ولمن تفرع منه ، فعمة أبيك عمة لك وخالة أبيك خالت لك ، وكذلك عمة أمك عمة لك وخالة أمك خالة لك ، وبنات الأخ وإن نزلن سواء كان الأخ شقيقاً أو لأب أو لأم ، فبنت أخيك الشقيق أو لأب أو لأم حرام عليك ، وبنت بنتها حرام عليك وبنت ابنها حرام عليك وإن نزلن ، وكذلك نقول في بنات الأخت ، فهؤلاء سبع من النسب (( حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالتكم وبنات الأخ وبنات الأخت )) ، وإن شئت حصرها فقل : يحرم على الإنسان من النساء الأصول وإن علون ، والفروع وإن نزلن ، وفروع الأب والأم وإن نزلن ، وفروع الجد والجدة لصلبهم خاصة .
وفي قوله تعالى : (( وأمهاتكم التي أرضنكم وأخواتكم من الرضاعة )) إشارة إلى ما يحرم بالرضاعة ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ) فما يحرم من النسب يحرم نظيره من الرضاع ، وهن الأمهات والبنات والأخوات والعمات والخالات وبنات الأخ وبنات الأخت ، فنظير هؤلاء من الرضاع محرم لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( يحرم من الرضاع ما يحرم النسب ) .
وقوله تعالى : (( وأمهات نسائكم وربائكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبناءكم الذين من أصلابكم )) فهؤلاء الثلاث محرمات بالصهر .
فقوله : (( أمهات نسائكم )) يعني أنه يحرم على الرجل أم زوجته وجدتها وإن علت سواء من قبل الأب أم من قبل الأم ، وتحرم عليه بمجرد العقد ، فإذا عقد الرجل على امرأة حرمت عليه أمها وصار من محارمها وإن لم يدخل بها يعني وإن لم يدخل بالبنت ، فلو قدر أنها ماتت البنت أو طلقها فإن أمها تكون محرماً له ، ولو قدر أنه تأخر دخوله على المرأة التي تزوجها فإن أمها تكون محرماً له تكشف له ويسافر بها ويخلوا بها ولا حرج عليه ، لأن أم الزوجة وجداتها يحرمن بمجرد العقد لعموم قوله تعالى : (( وأمهات نسائكم )) ،
وقوله : (( وربائكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن )) المراد بذلك بنات الزوجة وبنات أولادها وإن نزلوا ، فمتى تزوج الإنسان امرأة فإن بناتها من غيره حرام عليه ومن محارمه ، وكذلك بنات أولادها من ذكور وإناث أي بنات الأولاد سواء كان الأولاد ذكوراً أم إناثاً ، فبنت ابنها وبنت بنتها كبنتها ، ولكن الله عز وجل اشترط هنا شرطين :
قال : (( وربائكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن )) فاشترط في تحريم الربيبة أن تكون في حجر الإنسان ، واشترط شرطاً آخر أن يكون دخل بأمها أي جامعها .
أما الشرط الأول : فهو عند جمهور أهل العلم شرط أغلبي لا مفهوم له ، ولهذا قالوا : إن بنت الزوجة المدخول بها حرام على زوجها الذي دخل بها وإن لم تكن في حجره .
وأما الشرط الثاني : وهو قوله تعالى : (( اللاتي دخلتم بهن )) فهو شرط مقصود ، ولهذا ذكر الله تعالى مفهومه ولم يذكر مفهوم قوله : (( اللاتي في حجوركم )) فدل هذا على أن قوله : (( اللاتي في حجوركم )) لا يعتبر مفهومه ، أما (( من نسائكم اللاتي دخلتم بهن )) فقد اعتبر الله مفهومه فقال : (( فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم )) .
وأما قوله : (( وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم )) فالمراد بذلك زوجة الابن حرام على أبيه بمرد العقد ، وزوجة ابن الإبن حرام على جده بمجرد العقد ، ولهذا لو عقد شخص على امرأة عقداً صحيحاً ثم طلقها في الحال كانت محرماً لأبيه وجده وإن علا لعموم قوله تعالى : (( وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم )) والمرأة تكون حليلة لزوجها بمجرد العقد .
فهذه ثلاثة أسباب توجب التحريم : النسب والرضاع والمصاهرة ، فالمحرمات بالنسب سبع ، والمحرمات بالرضاع نظير المحرمات بالنسب لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ) .
والمحرمات بالصهر أربع : قوله تعالى : (( ولا تنكحوا ما نكح آباءكم من النساء )) وقوله تعالى : (( وأمهات نسائكم )) ، (( وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن )) . والرابعة : قوله : (( وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم )) .
وأما قوله تعالى : (( وأن تجمعوا بين الأختين )) فهذا التحريم ليس تحريماً مؤبداً ، لأن التحريم هو الجمع ، فليست أخت الزوجة محرمة على الزوج لكن المحرم عليه أن يجمع بينها وبين أختها ، ولهذا قال : (( وأن تجمعوا بين الأختين )) ولم يقل : وأخوات نسائكم ، فإذا فارق الرجل امرأته فرقة بائنة بأن تمت العدة فله أن يتزوج أختها ، لأن المحرم الجمع .
وكما يحرم الجمع بين الأختين فإنه يحرم الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فاللاتي يحرم الجمع بينهن ثلاثة : الأختان والمرأة وعمتها والمرأة وخالتها .
وأما بنات العم وبنات الخال يعني أن تكون امرأة بنت عم لأخرى أو بنت خال لأخرى فإنه يجوز الجمع بينهما .
السائل : شكر الله لكم شيخ محمد وعظم الله مثوبتكم على ما قدمتم لنا وللإخوة المستمعين الكرام .
الشيخ : في هذه الآية الكريمة بين الله عز وجل المحرمات في النكاح ، وأسابب التحريم يعود في هذه الآيات إلى ثلاثة أشياء :
النسب والرضاع والمصاهرة ، فقوله تعالى : (( ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف )) تفيد أنه لا يجوز للإنسان أن يتزوج من تزوجها أبوه أو جده وإن علا سواء كان الجد من قبل الأم أو من قبل الأب ، وسواء دخل بالمرأة أم لم يدخل بها ، فإذا عقد الرجل على امرأة عقداً صحيحاً حرمت على أبنائه وأبناء أبنائه وأبناء بناته وإن نزلوا .
وفي قوله تعالى : (( حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت )) بيان ما يحرم بالنسب وهن سبع :
الأمهات وإن علون من الجدات من قبل الأب أو من قبل الأم ، والبنات وإن نزلن من بنات الابن وبنات البنات وإن نزلن ، وأخواتكم سواء كن شقيقات أم لأب أم لأم ، وعامتكم وهن أخوات الآباء والأجداد وإن علون سواء كن عمات شقيقات أو عمات لأب أو عمات لأم ، فالعمات الشقيقات أخوات أبيك من أمه وأبيه ، والعمات لأب أخواته من أبيه ، والعمات لأم أخواته من أمه ، والخالات هن : أخوات الأم والجدة وإن علت سواء كن شقيقات أو لأب أو لأم ، فالخالات الشقيقات أخوات أمك من أمها وأبيها ، والخالات لأب أخواتها من أبيها ، والخالات لأم أخواتها من أمها ، واعلم أن كل خالة لشخص أو كل عمة لشخص فهي عمة له ولمن تفرع منه ، وخالة له ولمن تفرع منه ، فعمة أبيك عمة لك وخالة أبيك خالت لك ، وكذلك عمة أمك عمة لك وخالة أمك خالة لك ، وبنات الأخ وإن نزلن سواء كان الأخ شقيقاً أو لأب أو لأم ، فبنت أخيك الشقيق أو لأب أو لأم حرام عليك ، وبنت بنتها حرام عليك وبنت ابنها حرام عليك وإن نزلن ، وكذلك نقول في بنات الأخت ، فهؤلاء سبع من النسب (( حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالتكم وبنات الأخ وبنات الأخت )) ، وإن شئت حصرها فقل : يحرم على الإنسان من النساء الأصول وإن علون ، والفروع وإن نزلن ، وفروع الأب والأم وإن نزلن ، وفروع الجد والجدة لصلبهم خاصة .
وفي قوله تعالى : (( وأمهاتكم التي أرضنكم وأخواتكم من الرضاعة )) إشارة إلى ما يحرم بالرضاعة ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ) فما يحرم من النسب يحرم نظيره من الرضاع ، وهن الأمهات والبنات والأخوات والعمات والخالات وبنات الأخ وبنات الأخت ، فنظير هؤلاء من الرضاع محرم لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( يحرم من الرضاع ما يحرم النسب ) .
وقوله تعالى : (( وأمهات نسائكم وربائكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبناءكم الذين من أصلابكم )) فهؤلاء الثلاث محرمات بالصهر .
فقوله : (( أمهات نسائكم )) يعني أنه يحرم على الرجل أم زوجته وجدتها وإن علت سواء من قبل الأب أم من قبل الأم ، وتحرم عليه بمجرد العقد ، فإذا عقد الرجل على امرأة حرمت عليه أمها وصار من محارمها وإن لم يدخل بها يعني وإن لم يدخل بالبنت ، فلو قدر أنها ماتت البنت أو طلقها فإن أمها تكون محرماً له ، ولو قدر أنه تأخر دخوله على المرأة التي تزوجها فإن أمها تكون محرماً له تكشف له ويسافر بها ويخلوا بها ولا حرج عليه ، لأن أم الزوجة وجداتها يحرمن بمجرد العقد لعموم قوله تعالى : (( وأمهات نسائكم )) ،
وقوله : (( وربائكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن )) المراد بذلك بنات الزوجة وبنات أولادها وإن نزلوا ، فمتى تزوج الإنسان امرأة فإن بناتها من غيره حرام عليه ومن محارمه ، وكذلك بنات أولادها من ذكور وإناث أي بنات الأولاد سواء كان الأولاد ذكوراً أم إناثاً ، فبنت ابنها وبنت بنتها كبنتها ، ولكن الله عز وجل اشترط هنا شرطين :
قال : (( وربائكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن )) فاشترط في تحريم الربيبة أن تكون في حجر الإنسان ، واشترط شرطاً آخر أن يكون دخل بأمها أي جامعها .
أما الشرط الأول : فهو عند جمهور أهل العلم شرط أغلبي لا مفهوم له ، ولهذا قالوا : إن بنت الزوجة المدخول بها حرام على زوجها الذي دخل بها وإن لم تكن في حجره .
وأما الشرط الثاني : وهو قوله تعالى : (( اللاتي دخلتم بهن )) فهو شرط مقصود ، ولهذا ذكر الله تعالى مفهومه ولم يذكر مفهوم قوله : (( اللاتي في حجوركم )) فدل هذا على أن قوله : (( اللاتي في حجوركم )) لا يعتبر مفهومه ، أما (( من نسائكم اللاتي دخلتم بهن )) فقد اعتبر الله مفهومه فقال : (( فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم )) .
وأما قوله : (( وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم )) فالمراد بذلك زوجة الابن حرام على أبيه بمرد العقد ، وزوجة ابن الإبن حرام على جده بمجرد العقد ، ولهذا لو عقد شخص على امرأة عقداً صحيحاً ثم طلقها في الحال كانت محرماً لأبيه وجده وإن علا لعموم قوله تعالى : (( وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم )) والمرأة تكون حليلة لزوجها بمجرد العقد .
فهذه ثلاثة أسباب توجب التحريم : النسب والرضاع والمصاهرة ، فالمحرمات بالنسب سبع ، والمحرمات بالرضاع نظير المحرمات بالنسب لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ) .
والمحرمات بالصهر أربع : قوله تعالى : (( ولا تنكحوا ما نكح آباءكم من النساء )) وقوله تعالى : (( وأمهات نسائكم )) ، (( وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن )) . والرابعة : قوله : (( وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم )) .
وأما قوله تعالى : (( وأن تجمعوا بين الأختين )) فهذا التحريم ليس تحريماً مؤبداً ، لأن التحريم هو الجمع ، فليست أخت الزوجة محرمة على الزوج لكن المحرم عليه أن يجمع بينها وبين أختها ، ولهذا قال : (( وأن تجمعوا بين الأختين )) ولم يقل : وأخوات نسائكم ، فإذا فارق الرجل امرأته فرقة بائنة بأن تمت العدة فله أن يتزوج أختها ، لأن المحرم الجمع .
وكما يحرم الجمع بين الأختين فإنه يحرم الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فاللاتي يحرم الجمع بينهن ثلاثة : الأختان والمرأة وعمتها والمرأة وخالتها .
وأما بنات العم وبنات الخال يعني أن تكون امرأة بنت عم لأخرى أو بنت خال لأخرى فإنه يجوز الجمع بينهما .
السائل : شكر الله لكم شيخ محمد وعظم الله مثوبتكم على ما قدمتم لنا وللإخوة المستمعين الكرام .