يقول الله تعالى في آخر سورة الأحزاب: ( إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا ) ما المقصود بالأمانة هنا هل هي العقل أو مؤتمن عليه الإنسان ؟ حفظ
السائل : يقول الله تعالى في آخر سورة الأحزاب : (( إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا )) ما المقصود بالأمانة هنا ، فهل هي أمانة العقل أو ما ائتمن عليه الإنسان ؟
الشيخ : المراد بالأمانة هنا كل ما كلف به الإنسان من العبادات والمعاملات ، فإنها أمانة لأنه مؤتمن عليها وواجب عليه أداؤها ، فالصلاة من الأمانة والزكاة من الأمانة والصيام من الأمانة والحج من الأمانة والجهاد من الأمانة ، وبر الوالدين من الأمانة والوفاء بالعقود من الأمانة وهكذا جميع ما كلف به الإنسان فهو دخل في الأمانة ، هذه الأمانة وهذا الإلتزام لا يكون إلا بالعقل ، ولهذا كان الإنسان حاملاً لهذه الأمانة بما عنده من العقل ، وليست البهائم ونحوها حاملة للأمانة لأنه ليس لها عقل فهي غير مكلفة ، فالله عز وجل عرض الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها ، وهذه المخلوقات العظيمة إذا أبت أن تحمل الأمانة وأشفقت منها وخافت فإن حمل الإنسان لها دليل على ظلمه وجهله ، ولكن الموفق الذي يقوم بهذه الأمانة فيمتثل ما أمر الله به ويجتنب ما نهى عنه يكون أفضل من السماوات والأرض ، لأنه قبل تحمل هذه الأمانة وقام بها على الوجه الذي طلب منه فكان له فضل الحمل أولاً ثم فضل الأداء ثانياً .
أما إذا لم يتحمل هذه الأمانة ولم يقم بواجبها فإن الله يقول : (( مثل الذين حملوا التورات ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفاراً )) ، ويقول عز وجل : (( إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنين )) فالإنسان الذي لم يقم بواجب هذه الأمانة هو شر الدواب عند الله وهو كمثل الحمار يحمل أسفاراً ، وإنما شبه بالحمار لبلادته وعدم تقديره للأمور حتى يقوم بما يجب عليه .