يسأل عن الآيات الكريمات في أوائل سورة الفجر: ( والفجر (1) وليال عشر (2 ) والشفع والوتر (3 ) والليل إذا يسر (4) هل في ذالك قسم لذي حجر ( 5) ؟ حفظ
السائل : يسأل عن الآيات الكريمات في أوائل سورة الفجر أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : ( والفجر (1) وليال عشر (2 ) والشفع والوتر (3 ) والليل إذا يسر (4) هل في ذلك قسم لذي حجر ( 5) ؟
الشيخ : هذه الأشياء التي أقسم الله تعالى بها من آيات الله عز وجل الدالة على كمال قدرته وعظمته .
فالفجر الساطع المنفلق بعد الظلمة الدامسة من آيات الله عز وجل ، لأنه لا يقدر ألحد أن يأتي بالشمس التي هذا مقدم ضوءها إلا الله عز وجل ، وفي الفجر من آيات الله تغير الأفق وانفتاح النور على الناس ، وفتح باب معايشهم ، وغير ذلك من الأمور التي يخفى علينا كثير منها لكنه من آيات الله العظيمة .
أما الليالي فإنها إما ليالي عشر رمضان التي فيها ليلة القدر ، وليلة القدر خير من ألف شهر ، وفي كل ليلة من ليالي العشر وغيرها أيضاً ينزل الله عز وجل حين يبقى ثلث الليل الآخر إلى السماء الدنيا على وجه لا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه وتعالى فيقول : ( من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له ) .
وإما أن تكون الليالي العشر عشر ذي الحجة التي قال فيها الرسول عليه الصلاة والسلام : ( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر ) فإن العمل الصالح في عشر ذي الحجة أفضل من العمل الصالح في أيام العشر من رمضان لهذا الحديث .
وإنني بهذه المناسبة أود أن أذكر إخواني المسلمين إلى اغتنام الفرصة في هذه الأيام العشر ، فإن أكثر المسلمين في غفلة عن فضلها وفضل العمل فيها ، ولهذا تمر عليهم وكأنها أيام عادية لا تختص بفضل ، فينبغي في عشر ذي الحجة كثرة الطاعة والعمل الصالح بالصلاة والصدقة والصيام وغير ذلك مما يقرب إلى الله تبارك وتعالى .
وأما الشفع والوتر فقيل إنه إقسام بالمخلوق والخالق ، فالشفع المخلوق والوتر الخالق عز وجل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله وتر يحب الوتر ) وأما الشفع فهو المخلوق لقوله تعالى : (( ومن كل شيئ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون )) .
وأما قوله : (( والليل إذا يسر )) فهو إقسام بالليل عند سريانه وشيوع ظلمته ، وهو أيضاً من آيات الله وهو مقابل للإقسام بالفجر ، فإن الليل ظلمة يسكن فيه الناس ، ويستجدون نشاطهم بالنوم الذي جعله الله تعالى سباتاً يقطع التعب السابق ويجدد القوة للعمل اللاحق ، فأقسم الله سبحانه وتعالى بهذه الأشياء .
وقال بعدها : ((هل في ذلك قسم لذي حجر )) وهذا الاستفهام للتقرير ، أي أن هذا قسم عظيم يعرفه كل ذي حجر ، والحجر هنا بمعنى العقل ، فكل عاقل يتدبر ما في هذه الأشياء التي أقسم الله بها يتبين له عظمة هذا القسم ، وأما المقسم عليه فقد اختلف فيه النحويون ، وليس هذا موضع بسطه .
لكن إحب أن أنبه على فائدة مهمة لطالب العلم وهي أن الله عز وجل أحياناً يقسم بأشياء دالة على عظمته وقدرته ليبين بهذا القسم عظمة هذه الأشياء وأنها من آيات الله سبحانه وتعالى العظيمة وإن لم يكن هناك شيء مقسم عليه ، ومن ذلك مثلاً قوله تعالى : (( لا أقسم بيوم القيامة ولا أقسم بالنفس اللوامة أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه )) فإن بعض النحويين يقول : إن في المقسم به دليل على المقسم عليه فلا يحتاج إلى قسم ، ومن أراد التوسع في هذا فعليه أن يقرأ التبيان في أقسام القرآن لشمس الدين ابن القيم الجوزية أحد تلاميذ شيخ الإسلام اين تيمية رحمهم الله .
السائل : شكر الله لكم يا فضيلة الشيخ وعظم الله مثوبتكم على ما بينتم لنا وللإخوة المستمعين الكرام ، أخوتنا الأكارم أجاب على أسئلتكم فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين الاستاذ بكلية الشريعة بالقصيم وخطيب وإمام الجامع الكبير بمدينة عنيزة شكر الله لفضيلته وشكراً لكم أنتم على حسن المتابعة وإلى الملتقى وسلام من الله عليكم ورحمته وبركاته .