هل هناك حد شرعي يحدد الأرباح التجارية فيضعها في الثلث أو غيره فإنني قد سمعت من الناس من يحددها بالثلث ويستدل على ذلك بأن عملية البيع تكون مبنية على التراضي واختاروا الثلث ليرضي الجميع نرجو التوضيح والتفصيل مأجورين ؟ حفظ
السائل : فضيلة الشيخ هل هناك حد شرعي يحدّد الأرباح التجارية فيضعها في الثلث أو غيره فإنني قد سمعت أن من الناس من يحدّدها بالثلث ويستدل على ذلك بأن عملية البيع تكون مبنية على التراضي واختاروا الثلث ليُرضوا الجميع نرجو التوضيح والتفصيل مأجورين؟
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيّين وعلى ءاله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، الربح الذي يكتسبه البائع ليس محدّدا شرعا لا في كتاب الله ولا في سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في إجماع أهل العلم وما علمنا أن أحدا حدّده غاية ما في ذلك أن بعض أهل العلم لما ذكروا خيار الغَبن قالوا إن مثله أن يُغبن بعشرين في المائة أي بالخمُس ولكن مع هذا ففي النفس منه شيء فإن التحديد بالخمس ليس عليه دليل أيضا.
وعلى كل حال فإننا نقول إنه لا حد للربح لعموم قوله تعالى (( وأحل الله البيع )) وعموم قوله تعالى (( إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم )) فمتى رضي المشتري بالثمن فاشترى به فهو جائز ولو كان ربح البائع فيه كثيرا اللهم إلا أن يكون المشتري ممن لا يعرفون الأسعار فهو غرير بالقيم والأثمان فلا يجوز للبائع أن يخدعه ويبيع عليه بأكثر من ثمن السوق كما يفعله بعض الناس الذي لا يخافون الله ولا يرحمون الخلق إذا اشترى منهم الصغير والمرأة والجاهل بالأسعار باعوا عليه بأثمان باهظة وإذا اشترى منهم من يعرف الأسعار وهو عالم يعرف كيف يشتري باعوا عليه بثمن أقل بكثير.
إذًا نقول في الجواب إن الربح غير محدّد شرعا فيجوز للبائع أن يربح ما شاء لعموم الأيتين الكريمين (( وأحل الله البيع )) و (( إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم )) ولأن الزيادة والنقص خاضعان للعرض والطلب فقد يكون الطلب شديدا على هذه السلعة فترتفع أقيامها وقد يكون ضعيفا فتنخفض ومن المعلوم أنه قد يشتري الإنسان الشيء بمائة ثم تزيد الأسعار فجأة فيبيعها في اليوم الثاني أو بعد مدة قليلة بمائتين أو بثلاثمائة أو أكثر، نعم من احتكر شيئا معيّنا من المال وصار لا يبيعه إلا بما يشتهي فإن لولي الأمر أن يتدخل في أمره وأن يُجبره على بيعه بما لا يضره ولا يضر الناس سواء كان هذا المحتكر واحدا من الناس أو جماعة لا يتعامل بهذا الشيء إلا هم فيحتكرونه فإن الواجب على ولي الأمر في مثل هذه الحال أن يُجبرهم على البيع بربح لا يضرهم ولا يضر غيرهم.
أما إذا كانت المسألة مطلقة والشيء موجود في كل مكان لا يحتكره أحد فلا بأس أن يأخذ ما شاء من الربح إلا إذا كان يربح على إنسان جاهل غرير لا يعرف فهذا حرام عليه أن يربح عليه أكثر مما يربح الناس في هذه السلعة.