ما هي الشروط التي يجب أن تتوفر في القاضي المسلم وهل الإسلام يحرم على القاضي قبول الهدية وهل تعتبر رشوة نرجو منها إفادة مأجورين ؟ حفظ
السائل : على بركة الله نبدأ هذه الحلقة برسالة وصلت من جمال عبده أحمد من اليمن مدرّس يمني من اليمن الشمالي مركز الزهرة التعليمي يقول في هذا السؤال ما هي الشروط التي يجب أن تتوفر في القاضي المسلم وهل الإسلام يحرّم على القاضي قبول الهدية وهل تعتبر رشوة نرجو بهذا إفادة مأجورين؟
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى ءاله وأصحابه أجمعين، الجواب على هذا السؤال أن يُعلم أن كل ولاية فلابد فيها من ركنين أساسيين بل شرطين أساسيين وهما القوة والأمانة وهذان الركنان أو الشرطان لابد فيهما أو لابد منهما في كل عمل قال الله تعالى (( إِنَّ خَيرَ مَنِ استَأجَرتَ القَوِيُّ الأَمينُ )) و (( قالَ عِفريتٌ مِنَ الجِنِّ أَنا ءاتيكَ بِهِ قَبلَ أَن تَقومَ مِن مَقامِكَ وَإِنّي عَلَيهِ لَقَوِيٌّ أَمينٌ )) والقوة في القاضي تتركّز على العلم، العلم بالشريعة الإسلامية حتى يقضي بها بين الناس والعلم بأحوال الناس وأعرافهم ومصطلحاتهم حتى يتمكّن من تطبيقها على الأحكام الشرعية لأنه لابد لكل حكم من محل قابل له فيُشترط في القاضي أن يكون عالما بالأحكام الشرعية وعالما بأحوال الناس وأعرافهم ومصطلحاتهم وهذه هي القوة.
ولابد أن يكون أمينا والأمانة لا تتحقق إلا إذا كان القاضي مسلما عدلا فغير المسلم لا ينفُذ حكمه على المسلمين لأنه غير مأمون في قضائه وإذا كان الله سبحانه وتعالى أمرنا أن نتبيّن في خبر الفاسق فقال (( يا أَيُّهَا الَّذينَ ءامَنوا إِن جاءَكُم فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنوا أَن تُصيبوا قَومًا بِجَهالَةٍ )) فإن التبيّن في خبر الكافر من باب أوْلى ولهذا لم تجُز شهادة الكافر إلا في حال الضرورة في الوصية إذا مات المسلم في السفر ولم يكن عنده مسلم وأوْصى وأشهد كافرين فإن الشهادة حينئذ تُقبل ويقسمان بالله إن حصل ارتياب في شهادتهما.
المهم لابد أن يكون القاضي مسلما ولابد أن يكون عدلا والعدل هو الذي استقام دينه واستقامت مروءته فمن ترك الواجبات أو فعل الكبائر أو أصر على الصغائر فليس بعدل فلا يكون حاكما لأن الحكم يتضمن في الواقع ثلاثة أمور، شهادة وبيان وفصل فالحاكم يبيّن الحكم الشرعي ويوضّحه ويحكم لفلان على فلان وهذا الحكم يقتضي أنه يشهد بأن الحكم لفلان على فلان ويفصِل بين الناس فلابد أن يكون عدلا لنثق بحكمه وخبره.
والشرط الرابع أن يكون ذكرا فلا يُمكن أن يتولى القضاء امرأة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة ) .
وهناك شروط أخرى اختلف فيها أهل العلم ولا حاجة لذكرها حينئذ لأن المقام لا يقتضيه.
قبول الهدية بالنسبة للقاضي فإن أهل العلم يقولون لا يجوز له أن يقبل الهدية إلا بشرطين، أحدهما أن تكون ممن يُهاديه قبل ولايته.
والثاني ألا يكون لهذا المهدي حكومة فإن كان ممن لا يُهاديه قبل ولايته فإنه لا يجوز له أن يقبل هديته لأن هذا إنما أهداه لتوليه القضاء فهو كالعامل الذي بعثه النبي صلى الله عليه وسلم وهو عبد الله بن اللتبية على الصدقة فلما رجع قال هذا لكم وهذا أهدي إلي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( هلا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر أيُهدى إليه أم لا ) وإذا كان للمُهدي قضية حاضرة وحكومة عند هذا القاضي الذي أهدى إليه فإنه يُخشى أن تكون رشوة ليحكم له بما يريد ومن المعلوم أن الهدية توجب الميل أي ميل المهدى إليه إلى المُهدي وعدم التحقق والنظر في دعواه وفي أمره.
إذًا لا يجوز للقاضي أن يقبل هدية إلا بهذين الشرطين، الشرط الأول أن تكون من شخص يهاديه من قبل ولايته والشرط الثاني أن لا يكون لهذا المهدي قضية حاضرة.
السائل : طيب.
الشيخ : نعم.
السائل : بارك الله فيكم.