هل الذي يترك الصلاة تهاونا وكسلا وإهمالا يعتبر كافرا أو مرتدا نرجو الإفادة ؟ حفظ
السائل : هل الذي يترك الصلاة تهاوناً وكسلاً وإهمالاً يُعتبر كافراً أو مرتداً نرجو الإفادة؟
الشيخ : نعم، هذا السؤال كما قلت هام جدا وذلك أن كثيرا من الناس يدع الصلاة تهاونا وكسلا بناء على أنه مؤمن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويعتبر نفسه من عصاه المؤمنين الذين يدخلون تحت المشيئة إن شاء الله عذّبهم وإن شاء غفر لهم لقول الله تعالى: (( إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ )) ولكن القول الراجح الذي تؤيّده الأدلة أنه أي تارك الصلاة تهاونا وكسلا كافر كفرا مخرجا عن الملة وذلك لدلالة القرأن والسنّة وأقوال الصحابة عليه، فمن أدلة القرأن قوله تعالى: (( فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَءاتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ )) فرتّب الله ثبوت الأخوّة في الدين على هذه الأمور الثلاثة، التوبة يعني من الشرك وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ومن المعلوم أن الحكم المرتب على أوصاف لا بد أن تكون هذه الأوصاف تامة فيه لأن المشروط لا يتم إلا بوجود الشرط فإذا لم يتوبوا من الشرك فليسوا إخواننا في الدين لأنهم مشركون وإن تابوا من الشرك ولم يُقيموا الصلاة فليسوا إخوانا لنا لأنهم لم يُقيموا الصلاة، وإن تابوا من الشرك ولم يؤتوا الزكاة فليسوا إخواننا في الدين لأنهم لم يؤتوا الزكاة، هذا ما تدل عليه الأية الكريمة ولكن قد جاءت السنّة ببيان أن تارك الزكاة أو أن مانع الزكاة ليس بكافر كفرا مخرجا عن الملة وهو ما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها، إلا إذا كان يوم القيامة صفّحت له صفائح من نار وأحمي عليها في نار جهنم فيكوى به جنبه وجبينه وظهره، كلما بردت أعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يُقضى بين العباد، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار ) فإن هذا الحديث يدل على أن تارك الزكاة يُمكن أن يدخل الجنة لقوله: ( ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار ) وعلى هذا فيكون مفهوم الأية الكريمة مخصوصا بمنطوق هذا الحديث ومن المعلوم بين أهل العلم أن السنّة النبوية تخصّص القرأن الكريم.
أما تارك الزكاة فلم يرد في السنّة تخصيصه بل جاء في السنّة ما يؤيده حيث ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في "صحيح مسلم" من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ) وفي السنن من حديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ) ووردت أحاديث أخرى هذا المعنى.
فهذا دليل من القرأن ومن السنّة أما كلام الصحابة فقد حكى إجماعهم غير واحد فقال عبد الله بن شقيق التابعي المشهور: " كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة " ، وحكى إجماعهم أي إجماع الصحابة على كفر تارك الصلاة الإمام إسحاق بن راهوية رحمه الله وغيره من أهل العلم ممن نقل الإجماع في ذلك.
ثم إن النظر يقتضي أيضا أن يكون كافرا لأن من عرف حقيقة الصلاة وفضلها وعناية الله بها والثواب الجزيل لمن حافظ عليها والعقاب على تاركها وأنها هي الفريضة التي فرضها الله على رسوله صلى الله عليه وسلم من غير واسطة وفرضها عليه في أعلى مكان بلغه النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج، أقول: من عرف فضلها ومرتبتها في الدين ثم عرف ما يترتب على تاركها من العقوبة العظيمة فإنه لا يُمكن إذا كان في قلبه إيمان أن يدعها ولقد تأمّلت الأدلة التي استدل بها من يقول بأن تارك الصلاة تهاونا وكسلا لا يكفر فوجدتها لا تخلو من أربع أو خمس حالات، الحال الأولى: أنه ليس فيها دلالة أصلا على أن تارك الصلاة لا يكفر.
والحال الثانية: أن تكون مقيدة بوصف لا يمكن أن يدع الموصوف به الصلاة.
والحال الثالثة: أن تكون مقيدة بحال يعذر فيها تارك الصلاة.
والحال الرابعة: أن تكون أدلة عامة ومن المعلوم أن الأدلة العامة تقضي عليها الأدلة الخاصة وتخصصها.
الحال الخامسة: أن تكون أحاديثَ ضعيفة لا تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أعلم حديثا واحدا ذكر فيه النبي عليه الصلاة والسلام أن تارك الصلاة من أهل الجنة أو أن تارك الصلاة مؤمن أو نحو ذلك مما يقتضي حمل النصوص الدالة على كفره، على الكفر الأصغر الذي لا يُخرج من الملة.
وإنني بهذه المناسبة أحذر إخواني المسلمين من التهاون بالصلاة وإضاعتها وأذكرهم بقوله تعالى: (( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَءامَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئًا )) والغالب على من أضاع الصلاة أن يتبع الشهوات لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر فإذا تركها فقَد ناهيا عن الفحشاء والمنكر فيوشك أن يقع فيه.
هذا وقد حمل بعض العلماء رحمهم الله الأحاديث الدالة على كفره، حملها على من ترك الصلاة جاحدا لوجوبها ولا شك أن هذا الحمل غير صحيح لوجهين، الوجه الأول: أنه صرْف للنصوص عن ظاهرها إلى معنى لا يدل عليه الظاهر.
والوجه الثاني: أنه إلغاء لوصف علّق الشارع عليه الحكم مع اعتبار وصف ءاخر لم يعلّق عليه الشارع الحكم ثم إنه منقوض بما لو كان الإنسان يصلي ويُحافظ على الصلاة لكن لا يعتقد وجوبها فإنه كافر ومع ذلك لم يكن تاركا للصلاة فدل هذا على أن المراد بترك الصلاة من تركها وهو يعتقد الوجوب أما من جحد الوجوب فهو كافر سواء صلى أم لم يصلي. نعم.
السائل : بارك الله فيكم على هذا التفصيل.
هذه رسالة وصلت من المستمع فلاح مهدي من العراق يقول في هذا السؤال.
الشيخ : نعم، هذا السؤال كما قلت هام جدا وذلك أن كثيرا من الناس يدع الصلاة تهاونا وكسلا بناء على أنه مؤمن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويعتبر نفسه من عصاه المؤمنين الذين يدخلون تحت المشيئة إن شاء الله عذّبهم وإن شاء غفر لهم لقول الله تعالى: (( إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ )) ولكن القول الراجح الذي تؤيّده الأدلة أنه أي تارك الصلاة تهاونا وكسلا كافر كفرا مخرجا عن الملة وذلك لدلالة القرأن والسنّة وأقوال الصحابة عليه، فمن أدلة القرأن قوله تعالى: (( فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَءاتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ )) فرتّب الله ثبوت الأخوّة في الدين على هذه الأمور الثلاثة، التوبة يعني من الشرك وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ومن المعلوم أن الحكم المرتب على أوصاف لا بد أن تكون هذه الأوصاف تامة فيه لأن المشروط لا يتم إلا بوجود الشرط فإذا لم يتوبوا من الشرك فليسوا إخواننا في الدين لأنهم مشركون وإن تابوا من الشرك ولم يُقيموا الصلاة فليسوا إخوانا لنا لأنهم لم يُقيموا الصلاة، وإن تابوا من الشرك ولم يؤتوا الزكاة فليسوا إخواننا في الدين لأنهم لم يؤتوا الزكاة، هذا ما تدل عليه الأية الكريمة ولكن قد جاءت السنّة ببيان أن تارك الزكاة أو أن مانع الزكاة ليس بكافر كفرا مخرجا عن الملة وهو ما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها، إلا إذا كان يوم القيامة صفّحت له صفائح من نار وأحمي عليها في نار جهنم فيكوى به جنبه وجبينه وظهره، كلما بردت أعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يُقضى بين العباد، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار ) فإن هذا الحديث يدل على أن تارك الزكاة يُمكن أن يدخل الجنة لقوله: ( ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار ) وعلى هذا فيكون مفهوم الأية الكريمة مخصوصا بمنطوق هذا الحديث ومن المعلوم بين أهل العلم أن السنّة النبوية تخصّص القرأن الكريم.
أما تارك الزكاة فلم يرد في السنّة تخصيصه بل جاء في السنّة ما يؤيده حيث ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في "صحيح مسلم" من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ) وفي السنن من حديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ) ووردت أحاديث أخرى هذا المعنى.
فهذا دليل من القرأن ومن السنّة أما كلام الصحابة فقد حكى إجماعهم غير واحد فقال عبد الله بن شقيق التابعي المشهور: " كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة " ، وحكى إجماعهم أي إجماع الصحابة على كفر تارك الصلاة الإمام إسحاق بن راهوية رحمه الله وغيره من أهل العلم ممن نقل الإجماع في ذلك.
ثم إن النظر يقتضي أيضا أن يكون كافرا لأن من عرف حقيقة الصلاة وفضلها وعناية الله بها والثواب الجزيل لمن حافظ عليها والعقاب على تاركها وأنها هي الفريضة التي فرضها الله على رسوله صلى الله عليه وسلم من غير واسطة وفرضها عليه في أعلى مكان بلغه النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج، أقول: من عرف فضلها ومرتبتها في الدين ثم عرف ما يترتب على تاركها من العقوبة العظيمة فإنه لا يُمكن إذا كان في قلبه إيمان أن يدعها ولقد تأمّلت الأدلة التي استدل بها من يقول بأن تارك الصلاة تهاونا وكسلا لا يكفر فوجدتها لا تخلو من أربع أو خمس حالات، الحال الأولى: أنه ليس فيها دلالة أصلا على أن تارك الصلاة لا يكفر.
والحال الثانية: أن تكون مقيدة بوصف لا يمكن أن يدع الموصوف به الصلاة.
والحال الثالثة: أن تكون مقيدة بحال يعذر فيها تارك الصلاة.
والحال الرابعة: أن تكون أدلة عامة ومن المعلوم أن الأدلة العامة تقضي عليها الأدلة الخاصة وتخصصها.
الحال الخامسة: أن تكون أحاديثَ ضعيفة لا تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أعلم حديثا واحدا ذكر فيه النبي عليه الصلاة والسلام أن تارك الصلاة من أهل الجنة أو أن تارك الصلاة مؤمن أو نحو ذلك مما يقتضي حمل النصوص الدالة على كفره، على الكفر الأصغر الذي لا يُخرج من الملة.
وإنني بهذه المناسبة أحذر إخواني المسلمين من التهاون بالصلاة وإضاعتها وأذكرهم بقوله تعالى: (( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَءامَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئًا )) والغالب على من أضاع الصلاة أن يتبع الشهوات لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر فإذا تركها فقَد ناهيا عن الفحشاء والمنكر فيوشك أن يقع فيه.
هذا وقد حمل بعض العلماء رحمهم الله الأحاديث الدالة على كفره، حملها على من ترك الصلاة جاحدا لوجوبها ولا شك أن هذا الحمل غير صحيح لوجهين، الوجه الأول: أنه صرْف للنصوص عن ظاهرها إلى معنى لا يدل عليه الظاهر.
والوجه الثاني: أنه إلغاء لوصف علّق الشارع عليه الحكم مع اعتبار وصف ءاخر لم يعلّق عليه الشارع الحكم ثم إنه منقوض بما لو كان الإنسان يصلي ويُحافظ على الصلاة لكن لا يعتقد وجوبها فإنه كافر ومع ذلك لم يكن تاركا للصلاة فدل هذا على أن المراد بترك الصلاة من تركها وهو يعتقد الوجوب أما من جحد الوجوب فهو كافر سواء صلى أم لم يصلي. نعم.
السائل : بارك الله فيكم على هذا التفصيل.
هذه رسالة وصلت من المستمع فلاح مهدي من العراق يقول في هذا السؤال.