منذ مدة وبينما أنا في الطريق البري بين الرياض والمدينة رأيت حادثا شنيعا وقع بين سيارتين وأعرف سائق إحدى هاتين السيارتين وقد توفي رحمه الله ، وبعد قليل حضر قريب المتوفي وبعد التمعن عرف السيارة وسألني : هل صاحبها مات ؟ فأشفقت عليه وقلت له : لا أعرف ، كما أني لا أعرف السيارة ، فاستحلفني بالله العظيم أن أخبره ما الحقيقة ولكنني خوفا من أن يقع له حادث مماثل نتيجة للصدمة أنكرت ذلك ، وبعد مدة سألت عن هذا ، فمن قائل إنني آثم على إخفائي الحقيقة ومن قائل إنني إن شاء الله مأجور بأنني طمأنته حتى يصل سالما إلى أهله ، وأنا حائر هل علي إثم وهل علي كفارة ؟ حفظ
السائل : يقول فيها منذ مدة وبينما أنا في الطريق البري بين الرياض والمدينة رأيت حادثاً شنيعاً وقع بين سيارتين وأعرف سائق إحدى هاتين السيارتين وقد توفي رحمه الله وبعد قليل حضر قريب لهذا الشخص وبعد تمعّن عرف السيارة فسألني هل صاحبها توفي؟ فأشفقت عليه وقلت له: لا أعرف كما أنني لا أعرف السيارة فاستحلفني بالله العظيم أن أخبره بالحقيقة ولكنني خوفاً من أن يقع له حادث مماثل نتيجة للفزع أنكرت ذلك وبعد مدة سألت فمن قائل بأنني ءاثم على إخفاء الحقيقة ومن قائل بأنني إن شاء الله مأجور لأنني طمأنته حتى يصل إلى أهله وأنا حائر هل علي إثم؟ وهل علي كفارة نرجو التوجيه مأجورين؟
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى ءاله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، يجب على الإنسان أن يكون صادقا في مقاله وفعاله وأن يكشف عن الحقيقة مهما كان الأمر إلا إذا خشي ضررا فإنه يمكنه أن يتأوّل فينوي بقلبه خلاف ما يفهمه مخاطبه وعلى ذلك فإن الجواب على ما قاله السائل أنه مجتهد ونيته حسنة وطيبة ولكنه مخطئ والإنسان إذا اجتهد ونوى الخير فإنه لن يلحقه وزر لأنه لم يتعمد الإثم وقد قال الله تعالى: (( وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ )) فنحن نطمئن الأخ بأن هذه القضية التي حصلت منه ليس عليه فيها إثم لأنه لم يتعمد الإثم ولكنني أقول، ننصحه ونقول له لا تعُد لمثلها بل أخبر بالحقيقة فإن خفت أن يترتب على الحقيقة محذور فلا بأس أن تتأوّل بمعنى أن تريد بلفظك ما يُخالف ظاهره بحيث يفهمه المخاطب على معنى وأنت تريد معنى ءاخر فمثلا لو قال لك قائل: إن عندك لفلان كذا وكذا وديعة وأنت تخشى أنك لو أخبرته بأن لفلان عندك كذا وكذا وديعة لتسلّط على فلان وظلمه فلك أن تتأوّل فتقول مثلا والله ما له عندي شيء فهو سيفهم منك أن " ما " نافية وأن المعنى: أنه ليس له عندك شيء لكنك تنوي أن " ما " اسم موصول بمعنى الذي يعني تقول والله الذي له عندي شيء وهو كذلك فالذي له عندك شيء فهذا هو التأويل وفي التأويل مندوحة عن الكذب فلو أن الرجل لما جاء وسألك عن هذه السيارة وهل مات الذي أصيب بالحادث قلت: والله ما أعرفه تنوي ما أعرفه شقيا مثلا أو ما أعرفه سارقا أو ما أعرفه فاعلا كذا وكذا أي تقيّد لفظك بالأمر الواقع الحقيقي الذي يكون صدقا باعتبار نيتك وإن كان هو يفهم خلاف هذا الأمر الواقع لأنه سيفهم أن جوابك على حسب ما سألك. نعم.
السائل : بارك الله فيكم. هذا المستمع أخوكم في الله عبد الله ناصر من جدة يقول.