ما حكم استخدام المواد الكحولية في البوية و الأدوية والروائح وغيرها .؟ حفظ
السائل : ما حكم الشرع في نظركم في استخدام المواد الكحولية في كل من البويات والأدوية والروائح وغيرها أرجو الإفادة مأجورين؟
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى ءاله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، المواد الكحولية من المواد المسكرة ( وكل مسكر خمر ) كما ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل خمر فإنه حرام بالكتاب والسنّة وإجماع الأمة فلا يجوز شرب الخمر بأي حال من الأحوال إلا عند الضرورة إذا كانت الضرورة تندفع به وذلك فيما لو غص بلقمة وليس عنده ما يدفع به هذا الغص إلا خمر يشربه ليدفع هذه اللقمة فإن ذلك جائز لأن هذه ضرورة تندفع بتناول الخمر والضرورة التي تندفع بتناول الحرام تُحِل الحرام وعلى هذا تتنزل القاعدة المشهورة عند أهل العلم أن الضرورات تبيح المحظورات وهذه القاعدة مبنية على قول الله تعالى: (( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ )) إلى قوله: (( فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ )) .
ولكن هل الخمر نجسة أو ليست بنجسة؟ أكثر أهل العلم على أن الخمر نجسة مستدلين بقوله تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )) ولكن ذهب بعض أهل العلم إلى أن الخمر طاهرة من حيث الطهارة الحسية محتجا بأن الخمر حين حرمت في المدينة استقبل الناس بها السكك والأسواق فأراقوها فيها ولو كانت نجسة لحرُم إراقتها في الأسواق والسكك لأنها طرقات المسلمين وطرقات المسلمين لا يجوز أن يُلقى فيها أو يُراق فيها شيء من النجاسات كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( اتقوا الملاعن الثلاث: البرازة في الموارد، وقارعة الطريق، والظل ) وبأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمرهم بغسل الأواني حينما حرمت الخمر كما أمرهم بغسل الأواني حينما حرمت الحمير، وأقوى من ذلك أن رجلاً أتى براوية خمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهداها إليه، فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم أنها حرمت، فسارَّه رجل يقول له بعها فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( بم ساررته؟ ) قال: قلت: بعها يا رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( إن الله إذا حرّم شيئاً حرم ثمنه ) ففتح الرجل فم الراوية وأراق الخمر الذي فيها، في المكان الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم جالسا حوله ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بغسل هذه الراوية ولو كان الخمر نجساً لأمره النبي صلى الله عليه وسلم بغسل الراوية منه لأن الحاجة داعية إلى ذلك في هذا الموقف فإن الرجل سوف ينطلق وينتفع براويته وفيها أثر الخمر.
وأما ما استدل به القائلون بالنجاسة فالجواب عنه سهل فإن قول الله تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ )) يُراد بها الرجس المعنوي العملي ولهذا قال: (( رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ )) ويدل على أن هذا هو المراد أن الميسر والأنصاب والأزلام ليست نجاستها حسية بالاتفاق فما بالنا نقول: إن كلمة (( رجس )) التي أُخبِر بها عن الأربعة الخمر والميسر والأنصاب والأزلام تكون رجسا حسيا باعتبار الخمر ورجسا معنويا باعتبار قريناته الثلاثة؟ هذا لا يمكن أن يقال به إلا بدليل صريح على أن الخمر نجس دليل منفصل عن هذه الأية حتى يمكن أن نقول إن كلمة رجس مشترك مستعمل في معنييه فباعتبار الخمر يكون المراد به النجس نجاسة حسية وباعتبار قريناته الثلاثة يكون المراد به النجس نجاسة معنوية.
ويدلك على أن الرجس يمكن أن يُطلق على الرجس المعنوي قوله تعالى: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا )) فإن المراد بالرجس هنا بلا شك الرجس المعنوي لأن الرجس الحسي يكون منهم كما يكون من غيرهم فكل واحد يبول وكل واحد يتغوط.
وبناء على ذلك نقول: هل يجوز أن نستعمل هذه الكحول في أمر لا يحصل به ما يحصل بشربها من الفساد كاستعمالها في البوية، في تطهير الجروح ونحو ذلك؟ والذي أرى في هذا أنه لا بأس باستعمالها في هذه الأشياء لأن الناس في حاجة إلى ذلك وليس في النصوص ما يدل دلالة صريحة على وجوب اجتناب المسكر بكل حال وإنما فيها الدلالة على وجوب اجتناب المسكر في استعماله في الشرب وفي الأكل ولنقرأ قول الله تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ )) فعلل الله الأمر باجتنابه بهذه العلة التي لا تكون إلا إذا تناوله الإنسان أكلا أو شربا وهي أن الشيطان يريد أن يوقع بيننا العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدنا عن ذكر الله وعن الصلاة وهذه العلة لا تحصل فيما إذا استعمل في التدهين وشبهه ولكن نقول: اجتنابه أوْلى حتى في التدهين وشبهه تورّعا إذ قد يكون الأمر بالاجتناب على سبيل الإطلاق شاملا لهذه الصورة أي لصورة ما لا يؤكل ويُشرب ولكن إذا دعت الحاجة إلى ذلك فلا بأس باستعماله ولا حرج فيه لأن الشيء المشتبه يزول حكم الاشتباه فيه عند الحاجة إليه وخلاصة القول أن استعمال الكحول في الدهونات وشبهها ليس بحرام ولكن اجتنابه أوْلى إلا إذا دعت الحاجة إليه. نعم.
السائل : شكر الله لكم يا فضيلة الشيخ. المستمع عاطف محمد مصري يعمل باليمن في سؤاله الثاني يقول.
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى ءاله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، المواد الكحولية من المواد المسكرة ( وكل مسكر خمر ) كما ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل خمر فإنه حرام بالكتاب والسنّة وإجماع الأمة فلا يجوز شرب الخمر بأي حال من الأحوال إلا عند الضرورة إذا كانت الضرورة تندفع به وذلك فيما لو غص بلقمة وليس عنده ما يدفع به هذا الغص إلا خمر يشربه ليدفع هذه اللقمة فإن ذلك جائز لأن هذه ضرورة تندفع بتناول الخمر والضرورة التي تندفع بتناول الحرام تُحِل الحرام وعلى هذا تتنزل القاعدة المشهورة عند أهل العلم أن الضرورات تبيح المحظورات وهذه القاعدة مبنية على قول الله تعالى: (( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ )) إلى قوله: (( فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ )) .
ولكن هل الخمر نجسة أو ليست بنجسة؟ أكثر أهل العلم على أن الخمر نجسة مستدلين بقوله تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )) ولكن ذهب بعض أهل العلم إلى أن الخمر طاهرة من حيث الطهارة الحسية محتجا بأن الخمر حين حرمت في المدينة استقبل الناس بها السكك والأسواق فأراقوها فيها ولو كانت نجسة لحرُم إراقتها في الأسواق والسكك لأنها طرقات المسلمين وطرقات المسلمين لا يجوز أن يُلقى فيها أو يُراق فيها شيء من النجاسات كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( اتقوا الملاعن الثلاث: البرازة في الموارد، وقارعة الطريق، والظل ) وبأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمرهم بغسل الأواني حينما حرمت الخمر كما أمرهم بغسل الأواني حينما حرمت الحمير، وأقوى من ذلك أن رجلاً أتى براوية خمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهداها إليه، فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم أنها حرمت، فسارَّه رجل يقول له بعها فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( بم ساررته؟ ) قال: قلت: بعها يا رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( إن الله إذا حرّم شيئاً حرم ثمنه ) ففتح الرجل فم الراوية وأراق الخمر الذي فيها، في المكان الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم جالسا حوله ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بغسل هذه الراوية ولو كان الخمر نجساً لأمره النبي صلى الله عليه وسلم بغسل الراوية منه لأن الحاجة داعية إلى ذلك في هذا الموقف فإن الرجل سوف ينطلق وينتفع براويته وفيها أثر الخمر.
وأما ما استدل به القائلون بالنجاسة فالجواب عنه سهل فإن قول الله تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ )) يُراد بها الرجس المعنوي العملي ولهذا قال: (( رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ )) ويدل على أن هذا هو المراد أن الميسر والأنصاب والأزلام ليست نجاستها حسية بالاتفاق فما بالنا نقول: إن كلمة (( رجس )) التي أُخبِر بها عن الأربعة الخمر والميسر والأنصاب والأزلام تكون رجسا حسيا باعتبار الخمر ورجسا معنويا باعتبار قريناته الثلاثة؟ هذا لا يمكن أن يقال به إلا بدليل صريح على أن الخمر نجس دليل منفصل عن هذه الأية حتى يمكن أن نقول إن كلمة رجس مشترك مستعمل في معنييه فباعتبار الخمر يكون المراد به النجس نجاسة حسية وباعتبار قريناته الثلاثة يكون المراد به النجس نجاسة معنوية.
ويدلك على أن الرجس يمكن أن يُطلق على الرجس المعنوي قوله تعالى: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا )) فإن المراد بالرجس هنا بلا شك الرجس المعنوي لأن الرجس الحسي يكون منهم كما يكون من غيرهم فكل واحد يبول وكل واحد يتغوط.
وبناء على ذلك نقول: هل يجوز أن نستعمل هذه الكحول في أمر لا يحصل به ما يحصل بشربها من الفساد كاستعمالها في البوية، في تطهير الجروح ونحو ذلك؟ والذي أرى في هذا أنه لا بأس باستعمالها في هذه الأشياء لأن الناس في حاجة إلى ذلك وليس في النصوص ما يدل دلالة صريحة على وجوب اجتناب المسكر بكل حال وإنما فيها الدلالة على وجوب اجتناب المسكر في استعماله في الشرب وفي الأكل ولنقرأ قول الله تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ )) فعلل الله الأمر باجتنابه بهذه العلة التي لا تكون إلا إذا تناوله الإنسان أكلا أو شربا وهي أن الشيطان يريد أن يوقع بيننا العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدنا عن ذكر الله وعن الصلاة وهذه العلة لا تحصل فيما إذا استعمل في التدهين وشبهه ولكن نقول: اجتنابه أوْلى حتى في التدهين وشبهه تورّعا إذ قد يكون الأمر بالاجتناب على سبيل الإطلاق شاملا لهذه الصورة أي لصورة ما لا يؤكل ويُشرب ولكن إذا دعت الحاجة إلى ذلك فلا بأس باستعماله ولا حرج فيه لأن الشيء المشتبه يزول حكم الاشتباه فيه عند الحاجة إليه وخلاصة القول أن استعمال الكحول في الدهونات وشبهها ليس بحرام ولكن اجتنابه أوْلى إلا إذا دعت الحاجة إليه. نعم.
السائل : شكر الله لكم يا فضيلة الشيخ. المستمع عاطف محمد مصري يعمل باليمن في سؤاله الثاني يقول.