ما الفرق بين حديث عائشة رضي الله عنها الذي معناه ( الذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه فله أجران ) ومعنى حديث ( رب قارىء للقرآن والقرآن يلعنه ) ؟ حفظ
السائل : ما الفرق بين حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها الذي ما معناه " الذي يقرؤ القرأن ويتعتع فيه فله أجران " ومعنى الحديث الذي يقول ما معناه " رب قارئ للقرأن والقرأن يلعنه " أفيدونا مأجورين؟
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى ءاله وأصحابه أجمعين، أما بعد فقبل الإجابة على هذا السؤال أود أن أنبه بأنه لا يمكن أن يوجد تعارض في كتاب الله سبحانه وتعالى بين ءاياته ولا في سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أحاديثها الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا بين القرأن والسنّة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الكل من عند الله وما كان من عند الله فلن يكون فيه تناقض قال الله تعالى: (( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءانَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا )) ولكن قد يبدو للناظر التعارض في هذا وحينئذ نحتاج إلى الجمع بين الأحاديث التي ظاهرها التعارض أو بين الأيات التي ظاهرها التعارض والجمع بين الأيات يكون بحمل بعضها على وجه لا يُخالف البعض الأخر، مثال ذلك قول الله تعالى: (( ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ )) وقوله تعالى: (( يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا )) فإن ظاهر هاتين الأيتين التعارض وأنهم يُنكرون أن يكونوا أشركوا بالله في الأية الأولى وفي الأية الثانية لا يكتمون الله حديثا فيخبرون بما هم عليه ولكننا نقول: الجمع بين هذه أو بين هاتين الأيتين أن للمشركين يوم القيامة أحوالا فتارة يُقرون بما فعلوا وتارة يُنكرون ما فعلوا ويوم القيامة يوم مقداره خمسون ألف سنة وقد يأتي التعارض ويكون أحد النصين ناسخا للأول وحينئذ لا تعارض لأن النص الأول ليس قائما حتى يكون معارضا للنص الثاني وهذا موجود في القرأن وفي السنّة ففي القرأن مثل قوله تعالى: (( إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ * الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ )) فالأية الأولى منسوخة صرّح الله بذلك في قوله (( الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا )) فلا يكون بينها وبين الثانية تعارض لأن الأولى بعد النسخ صارت غير قائمة.
وكذلك ما جاء في السنّة من النهي عن زيارة القبور في أول الأمر ثم الأمر بزيارتها في ءاخر الأمر.
على كل حال التعارض بين المنسوخ والناسخ غير قائم لأن المنسوخ قد رفع حكمه وقد يأتي التعارض ولكن يرجّح أحدهما على الأخر وإذا رجح أحدهما على الأخر فلا تعارض أيضا لأن المرجوح غير قائم بل هو مُهدر لا يُعمل به لشذوذه وبعد هذه المقدمة وهي أن نعلم أنه لا يمكن أن يوجد تعارض في الكتاب الكريم بين ءاياته ولا في السنّة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أحاديثها ولا بين القرأن والسنّة يمكن الإجابة على هذا السؤال فنقول إنه لا تعارض بين الحديثين إن صح الثاني وهو قوله: ( ربَّ قارئ للقرأن والقرأن يلعنه ) فإن المراد بالحديث الأول: ( الذي يقرأ القرأن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق ) المراد به الرجل الحريص على قراءة القرأن فيحرص على قراءة القرأن ولو كان يتتعتع فيه أي يشق عليه النطق به على وجه سليم ومع ذلك فيحافظ على قراءة القرأن فإن هذا له أجران، أجر التلاوة وأجر مشقة التلاوة.
أما الثاني إن صح فالمراد بقارئ القرأن الذي يلعنه القرأن هو القارئ يقرؤ القرأن ولكنه لا يؤمن بأخباره ولا يعمل بأحكامه، يكذّب الأخبار يحرّفها، يستكبر عن الأحكام فيُخالفها فمثل هذا القارئ يكون قارئا للقرأن لكنه في الحقيقة بريء من القرأن لتكذيبه القرأن أو استكباره عن العمل بأحكامه ولا فرق بين من يكذّب القرأن جملة أو يكذب خبرا واحدا من أخباره وبين أن يرفض أحكامه جملة أو يرفض حكما من أحكامه لأن الله سبحانه وتعالى جعل الكفر ببعض الشريعة كفرا بها كلها فقال تعالى ناعيا على أهل الكتاب: (( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ )) وجعل الذين يكفرون ببعض الرسل دون بعض كافرين بالجميع فقال تعالى: (( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا * أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا )) .
فهذا هو وجه أو فهذا هو القول في ما ذكره السائل وبه يتبيّن أنه ليس هناك تعارض أصلا بين ما ذكره السائل.
السائل : طيب، فضيلة الشيخ.
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى ءاله وأصحابه أجمعين، أما بعد فقبل الإجابة على هذا السؤال أود أن أنبه بأنه لا يمكن أن يوجد تعارض في كتاب الله سبحانه وتعالى بين ءاياته ولا في سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أحاديثها الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا بين القرأن والسنّة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الكل من عند الله وما كان من عند الله فلن يكون فيه تناقض قال الله تعالى: (( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءانَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا )) ولكن قد يبدو للناظر التعارض في هذا وحينئذ نحتاج إلى الجمع بين الأحاديث التي ظاهرها التعارض أو بين الأيات التي ظاهرها التعارض والجمع بين الأيات يكون بحمل بعضها على وجه لا يُخالف البعض الأخر، مثال ذلك قول الله تعالى: (( ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ )) وقوله تعالى: (( يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا )) فإن ظاهر هاتين الأيتين التعارض وأنهم يُنكرون أن يكونوا أشركوا بالله في الأية الأولى وفي الأية الثانية لا يكتمون الله حديثا فيخبرون بما هم عليه ولكننا نقول: الجمع بين هذه أو بين هاتين الأيتين أن للمشركين يوم القيامة أحوالا فتارة يُقرون بما فعلوا وتارة يُنكرون ما فعلوا ويوم القيامة يوم مقداره خمسون ألف سنة وقد يأتي التعارض ويكون أحد النصين ناسخا للأول وحينئذ لا تعارض لأن النص الأول ليس قائما حتى يكون معارضا للنص الثاني وهذا موجود في القرأن وفي السنّة ففي القرأن مثل قوله تعالى: (( إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ * الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ )) فالأية الأولى منسوخة صرّح الله بذلك في قوله (( الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا )) فلا يكون بينها وبين الثانية تعارض لأن الأولى بعد النسخ صارت غير قائمة.
وكذلك ما جاء في السنّة من النهي عن زيارة القبور في أول الأمر ثم الأمر بزيارتها في ءاخر الأمر.
على كل حال التعارض بين المنسوخ والناسخ غير قائم لأن المنسوخ قد رفع حكمه وقد يأتي التعارض ولكن يرجّح أحدهما على الأخر وإذا رجح أحدهما على الأخر فلا تعارض أيضا لأن المرجوح غير قائم بل هو مُهدر لا يُعمل به لشذوذه وبعد هذه المقدمة وهي أن نعلم أنه لا يمكن أن يوجد تعارض في الكتاب الكريم بين ءاياته ولا في السنّة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أحاديثها ولا بين القرأن والسنّة يمكن الإجابة على هذا السؤال فنقول إنه لا تعارض بين الحديثين إن صح الثاني وهو قوله: ( ربَّ قارئ للقرأن والقرأن يلعنه ) فإن المراد بالحديث الأول: ( الذي يقرأ القرأن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق ) المراد به الرجل الحريص على قراءة القرأن فيحرص على قراءة القرأن ولو كان يتتعتع فيه أي يشق عليه النطق به على وجه سليم ومع ذلك فيحافظ على قراءة القرأن فإن هذا له أجران، أجر التلاوة وأجر مشقة التلاوة.
أما الثاني إن صح فالمراد بقارئ القرأن الذي يلعنه القرأن هو القارئ يقرؤ القرأن ولكنه لا يؤمن بأخباره ولا يعمل بأحكامه، يكذّب الأخبار يحرّفها، يستكبر عن الأحكام فيُخالفها فمثل هذا القارئ يكون قارئا للقرأن لكنه في الحقيقة بريء من القرأن لتكذيبه القرأن أو استكباره عن العمل بأحكامه ولا فرق بين من يكذّب القرأن جملة أو يكذب خبرا واحدا من أخباره وبين أن يرفض أحكامه جملة أو يرفض حكما من أحكامه لأن الله سبحانه وتعالى جعل الكفر ببعض الشريعة كفرا بها كلها فقال تعالى ناعيا على أهل الكتاب: (( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ )) وجعل الذين يكفرون ببعض الرسل دون بعض كافرين بالجميع فقال تعالى: (( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا * أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا )) .
فهذا هو وجه أو فهذا هو القول في ما ذكره السائل وبه يتبيّن أنه ليس هناك تعارض أصلا بين ما ذكره السائل.
السائل : طيب، فضيلة الشيخ.