قام أحد الإخوة بشراء سيارة بالتقسيط وقال له البائع خذ السيارة واخرج بها من المحل وهذا هو الاستلام الشرعي ونحن نقوم ببيعها لك إذا جاء من يطلبها ، فما حكم هذا ؟ حفظ
السائل : قام أحد الإخوة بشراء سيارة بالتقسيط وقال له البائع : خذ السيارة واخرج بها من المحل وهذا هو الاستلام الشرعي ، ونحن نقوم ببيعها لك إذا جاء من يطلبها ، فأرجو الإفادة في هذا السؤال مأجورين ؟
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، إن بيع التقسيط يكون على نوعين :
النوع الأول : أن تكون السلعة عند البائع مالكا لها قبل عقد بيع التقسيط فيبيعها بثمن مؤجل بأكثر من ثمنها حالا ، مثال ذلك : أن يكون عند شخص سيارة فيأتي شخص آخر ليشتريها منه بثمن مؤجل وتكون قيمة هذه السيارة بالثمن الحال ثلاثين ألفا وبالثمن المؤجل خمسة وثلاثين ألفا ، فيشتريها المشتري بالثمن المؤجل بخمسة وثلاثين ألفا فهذا البيع جائز ، لدخوله في عموم قوله تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ )) ، ولأن هذا نظير السلم الذي كان يُفعل في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم لكن السلم يعجل فيه الثمن ويؤخر فيه المثمن ، وهذا بالعكس عجل فيه المثمن وأخر فيه الثمن ، لكن المعنى واحد وهو تعجيل أحد العوضين وتأجيل أحدهم .
ولكن اختلف العلماء فيما إذا كان مقصود المشتري الدراهم لكنه توصل إلى الحصول عليها بهذا العقد ، فمن العلماء من منع ذلك كشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وقال : إن هذا حيلة على الربا .
ومنهم من أجاز ذلك وقال : إن المشتري له الحق أن يتصرف في السلعة بما شاء من بيعها أو إبقائها .
وهذه المسألة تسمى مسألة التورق ، والورع بلا شك ترك التعامل بها ، ولكن إن دعت الضرورة إليها ولم يجد المشتري من يقرضه ، ولا وجد وصولا إلى السلم المعروف في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وكان مضطرا إلى ذلك ، فإنه بهذه الثلاثة الشروط أرجو أن لا يكون بها بأس .
أما النوع الثاني من بيع التقسيط : فهو أن لا تكون السلعة عند البائع ولكن المشتري يعينها ثم يأتي إلى تاجر من التجار ويقول : أنا أريد السلعة الفلانية فاشتريها لي وبعها علي بثمن مؤجل أكثر مما اشتريتها به ، مثل أن يكون المشتري يحتاج إلى سيارة يستعملها فيجدها في المعرض ولكن ليس عنده ثمنها ، فيذهب إلى تاجر من التجار ويقول : أنا أريد السيارة الفلانية في المعرض الفلاني وليس عندي ثمن ، فيذهب التاجر ويشتري هذه السيارة بثمن حال ثم يبيعها على هذا الطالب لها بثمن مؤجل أكثر مما اشتراها به .
وهذا النوع حيلة على الربا ووقوع في المحذور الذي يكون في الربا ، وذلك لأن حقيقته أن التاجر أقرض هذا الطالب قيمة السلعة التي يريدها بزيادة ، والقاعدة المعروفة عند أهل العلم : " أن كل قرض جر نفعا للمقرض فإنه ربا " .
ولأن هذا العقد الذي صدر من التاجر عقد غير مقصود لأنه لم يشتر هذه السلعة إلا بعد أن جاء هذا الطالب فقد اشتراها من أجله ، من أجل الزيادة الربوية التي يحصل عليها ، ودليل ذلك أن التاجر لم يكن يفكر أن يشتري هذه السيارة لولا أن هذا الطالب جاء وعرض عليه هذه الصفقة .
واعتلال بعضهم بأن التاجر لا يلزم الطالب بها إذا اشتراها له اعتلال عليل ، وذلك لأنه من المعلوم أن الطالب لم يعرض على التاجر شراء هذه السلعة له إلا وهو عازم على أن يتملكها ، ولو كان عند التاجر شك حقيقي في أن هذا الطالب لا يقبل السلعة بعد شرائها ما اشتراها له هذا من المؤكد المعلوم حسب العادة وحسب الوضع الذي عليه حال هذا الطالب.
لذلك فإني أنصح إخواني المسلمين من تعاطي مثل هذه العقود التي ظاهرها الإباحة ولكن مقصودها ما يوقع في التحريم ، وليعلم أن الحيل على محارم الله لا تقلبها حلالا بل تزيدها خبثا إلى خبثها وتحريما إلى تحريمها ، لأن الحيل على محارم الله يقع فيها محذوران :
المحذور الأول : الوقوع في المعنى الذي حرمه الله ورسوله .
والثاني : الخداع لله عز وجل ، والله سبحانه وتعالى لا تلتبس عليه الأمور يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، وهو سبحانه وتعالى يوم القيامة يعذب الناس ، بل هو سبحانه وتعالى يوم القيامة يحاسب الناس على ما في صدروهم كما قال الله تعالى : (( إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ * يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ )) أي : تختبر السرائر ، وقال عز وجل : (( أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ * وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُور )) .
وبنو آدم لن يغنوا عن الإنسان شيئا فهو وإن تظاهر عندهم بالعمل المباح إذا كان المقصود به الشيء المحرم لن يغنوا عنه من الله شيئا ، وليعلم اللبيب العاقل المؤمن أن رزق الله سبحانه وتعالى لا ينال بمعاصيه ، وأن الله سبحانه وتعالى قد كتب على الإنسان وللإنسان ما اقتضته حكمته في الأزل ، فالغني غني والفقير فقير ، فليتق الله وليجمل في الطلب ولا ينال رزق الله تعالى بمعاصيه يقول الله تعالى : (( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ )) ويقول الله تعالى : (( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا )) ، أسأل الله تعالى أن يعصمنا جميعا من معاصيه وأن يوفقنا لمراضيه .
السائل : بارك الله فيكم فضيلة الشيخ .
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، إن بيع التقسيط يكون على نوعين :
النوع الأول : أن تكون السلعة عند البائع مالكا لها قبل عقد بيع التقسيط فيبيعها بثمن مؤجل بأكثر من ثمنها حالا ، مثال ذلك : أن يكون عند شخص سيارة فيأتي شخص آخر ليشتريها منه بثمن مؤجل وتكون قيمة هذه السيارة بالثمن الحال ثلاثين ألفا وبالثمن المؤجل خمسة وثلاثين ألفا ، فيشتريها المشتري بالثمن المؤجل بخمسة وثلاثين ألفا فهذا البيع جائز ، لدخوله في عموم قوله تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ )) ، ولأن هذا نظير السلم الذي كان يُفعل في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم لكن السلم يعجل فيه الثمن ويؤخر فيه المثمن ، وهذا بالعكس عجل فيه المثمن وأخر فيه الثمن ، لكن المعنى واحد وهو تعجيل أحد العوضين وتأجيل أحدهم .
ولكن اختلف العلماء فيما إذا كان مقصود المشتري الدراهم لكنه توصل إلى الحصول عليها بهذا العقد ، فمن العلماء من منع ذلك كشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وقال : إن هذا حيلة على الربا .
ومنهم من أجاز ذلك وقال : إن المشتري له الحق أن يتصرف في السلعة بما شاء من بيعها أو إبقائها .
وهذه المسألة تسمى مسألة التورق ، والورع بلا شك ترك التعامل بها ، ولكن إن دعت الضرورة إليها ولم يجد المشتري من يقرضه ، ولا وجد وصولا إلى السلم المعروف في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وكان مضطرا إلى ذلك ، فإنه بهذه الثلاثة الشروط أرجو أن لا يكون بها بأس .
أما النوع الثاني من بيع التقسيط : فهو أن لا تكون السلعة عند البائع ولكن المشتري يعينها ثم يأتي إلى تاجر من التجار ويقول : أنا أريد السلعة الفلانية فاشتريها لي وبعها علي بثمن مؤجل أكثر مما اشتريتها به ، مثل أن يكون المشتري يحتاج إلى سيارة يستعملها فيجدها في المعرض ولكن ليس عنده ثمنها ، فيذهب إلى تاجر من التجار ويقول : أنا أريد السيارة الفلانية في المعرض الفلاني وليس عندي ثمن ، فيذهب التاجر ويشتري هذه السيارة بثمن حال ثم يبيعها على هذا الطالب لها بثمن مؤجل أكثر مما اشتراها به .
وهذا النوع حيلة على الربا ووقوع في المحذور الذي يكون في الربا ، وذلك لأن حقيقته أن التاجر أقرض هذا الطالب قيمة السلعة التي يريدها بزيادة ، والقاعدة المعروفة عند أهل العلم : " أن كل قرض جر نفعا للمقرض فإنه ربا " .
ولأن هذا العقد الذي صدر من التاجر عقد غير مقصود لأنه لم يشتر هذه السلعة إلا بعد أن جاء هذا الطالب فقد اشتراها من أجله ، من أجل الزيادة الربوية التي يحصل عليها ، ودليل ذلك أن التاجر لم يكن يفكر أن يشتري هذه السيارة لولا أن هذا الطالب جاء وعرض عليه هذه الصفقة .
واعتلال بعضهم بأن التاجر لا يلزم الطالب بها إذا اشتراها له اعتلال عليل ، وذلك لأنه من المعلوم أن الطالب لم يعرض على التاجر شراء هذه السلعة له إلا وهو عازم على أن يتملكها ، ولو كان عند التاجر شك حقيقي في أن هذا الطالب لا يقبل السلعة بعد شرائها ما اشتراها له هذا من المؤكد المعلوم حسب العادة وحسب الوضع الذي عليه حال هذا الطالب.
لذلك فإني أنصح إخواني المسلمين من تعاطي مثل هذه العقود التي ظاهرها الإباحة ولكن مقصودها ما يوقع في التحريم ، وليعلم أن الحيل على محارم الله لا تقلبها حلالا بل تزيدها خبثا إلى خبثها وتحريما إلى تحريمها ، لأن الحيل على محارم الله يقع فيها محذوران :
المحذور الأول : الوقوع في المعنى الذي حرمه الله ورسوله .
والثاني : الخداع لله عز وجل ، والله سبحانه وتعالى لا تلتبس عليه الأمور يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، وهو سبحانه وتعالى يوم القيامة يعذب الناس ، بل هو سبحانه وتعالى يوم القيامة يحاسب الناس على ما في صدروهم كما قال الله تعالى : (( إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ * يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ )) أي : تختبر السرائر ، وقال عز وجل : (( أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ * وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُور )) .
وبنو آدم لن يغنوا عن الإنسان شيئا فهو وإن تظاهر عندهم بالعمل المباح إذا كان المقصود به الشيء المحرم لن يغنوا عنه من الله شيئا ، وليعلم اللبيب العاقل المؤمن أن رزق الله سبحانه وتعالى لا ينال بمعاصيه ، وأن الله سبحانه وتعالى قد كتب على الإنسان وللإنسان ما اقتضته حكمته في الأزل ، فالغني غني والفقير فقير ، فليتق الله وليجمل في الطلب ولا ينال رزق الله تعالى بمعاصيه يقول الله تعالى : (( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ )) ويقول الله تعالى : (( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا )) ، أسأل الله تعالى أن يعصمنا جميعا من معاصيه وأن يوفقنا لمراضيه .
السائل : بارك الله فيكم فضيلة الشيخ .