رجل والده متوفى منذ فترة ولكن بعد تجهيزه للدفن استدعاه أحد أقاربه لتوديع والده وهو مكفنٌ ويجهز للدفن فلم أودعه بسلام أو تقبيل أو غير ذلك فما حكم ذلك علما أن الرجل كان بارا بوالده وكذلك إخوانه ودعا لهم بالتوفيق والنجاح ؟ حفظ
السائل : يقول بأن والده متوفى منذ فترة بسيطة ولكن عند تجهيزه للدفن أو بعد تجهيزه استدعاني أحد الأقرباء من أجل وداع والدي ولكن في ذلك الوقت كان مكفناً ومجهزاً ولم أودعه بسلام أو تقبيل أو غير ذلك ، ما حكم الشرع في ذلك علماً بأنني والحمد لله كنت باراً به ودعاني أنا وإخواني قبل وفاته ودعا لنا بالتوفيق والنجاح هل علينا شيء أفيدونا مأجورين ؟
الشيخ : وداع الميت بعد موته ليس بسنة مطلوبة ، ولكن العلماء قالوا : لا حرج أن يقبل الميت بعد موته ، استدلالا بفعل أبي بكر رضي الله عنه حين دخل على النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته وكان مسجى بثوب ، فكشف عن وجهه ثم قبله وقال له : ( بأبي أنت وأمي! طبت حياً وميتاً ، والله لا يجمع الله عليك موتتين ) .
وأما ما يصنعه بعض الناس اليوم في وداع الميت فيجعلونه في مكان ثم يمر من عنده أقاربه وأصحابه فإن هذا بدعة لم يكن معروفا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا عهد أصحابه ، ولم أعلم أنه جرى في هذه المناسبة أكثر مما حصل من أبي بكر رضي الله عنه ، بل كان الميت إذا مات أسرعوا في تجهيزه من تغسيل وتكفين والصلاة عليه ودفنه لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أسرعوا بالجنازة، فإن تك صالحةً فخير تقدمونها إليه ، وإن تك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم ) .
وإنني بهذه المناسبة أود أن أنبه على شيء بدأ الناس يحدثونه في أمر الجنائز ألا وهو تأخير دفن الميت حتى يقدم أهله وأقاربه وأصحابه من مكان بعيد ، فربما يبقى يوما أو يومين وهو لم يجهز ، وهذا خطأ ، فإن الميت إذا كان مؤمنا كان أحب شيء إليه أن يقدم إلى ما أعد الله له من النعيم ، ولهذا إذا خرجوا بالرجل من بيته وكان صالحا فإن نفسه تقول : قدموني قدموني .
فالذي ينبغي لأهل الميت أن يبادروا بتجهيزه والصلاة عليه ودفنه ، ولا حرج أن ينتظروا ساعة أو ساعتين أو نحو ذلك في مدة وجيزة لانتظار القريب الذي قد يتأثر إذا لم يحضر جنازته .
ثم على فرض أن القريب لم يحضر جنازته فلا حرج عليه أن يخرج إلى المقبرة ويصلي على قبره كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في المرأة التي كانت تقم المسجد ، أي تنظفه من القمامة ، فماتت ليلا وكرهوا أن يخبروا النبي صلى الله عليه وسلم بها مخافة المشقة عليه وكأنهم قللوا من شأنها رضي الله عنها ، فلما سأل عنها أخبروه بأنها ماتت فقال : ( هلا كنتم آذنتموني ) أي أخبرتموني بذلك ثم قال : ( دلوني على قبرها )، فدلوه على قبرها، فصلى عليها صلوات الله وسلامه عليه .
فالقريب والصديق إذا فاتته الصلاة عليه قبل الدفن فإنه يصلي عليه بعد الدفن ولو طالت المدة.