رجل متزوج قبل وفاة والده كان لا يصلي الصلوات المفروضة ويعمل المعاصي وبعد وفاة والده هداه الله تعالى وأصبح يصلي ويعمل الخير والواجبات فماذا يعمل حتى يكفر الذنوب الماضية ويريح ضميره ؟ حفظ
السائل : بأنه إنسان متزوّج، قبل وفاة والدي كنت لا أصلي الصلوات المفروضة الخمسة وكنت أيضاً أعمل المعاصي ثم بعد وفاة والدي هداني الله إلى الطريق المستقيم وأصبحت أصلي وأعمل الخير وأحافظ على الواجبات فما الواجب علي لكي أكفّر عن ذنوبي الماضية وأريح ضميري أرجو من فضيلة الشيخ إجابة؟
الشيخ : الإنسان إذا تاب إلى الله توبة نصوحا فإن الله تعالى يقبل توبته ويعفو عن سيئاته مهما عظُمت قال الله تعالى: (( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئَاتِ )) وقال تعالى: (( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )) فإذا تاب الإنسان من ذنبه مهما عظُم فإن الله يتوب عليه ولكن ليُعلم أن للتوبة شروطا لا بد من تحقّقها وهي أولا: الإخلاص لله عز وجل بأن ينوي بتوبته الرجوع إلى ربه من معصيته إلى طاعته ولا ينوي بذلك التزلّف إلى البشر أو التقرّب إليهم أو الجاه أو المال أو ما أشبه ذلك بل تكون توبته خالصة لله وحده طلبا للنجاة من عقابه والوصول إلى ثوابه.
الثاني: الندم على ما مضى منه من التقصير في واجب أو انتهاك المحرّم.
وقد يُشكل هذا الشرط على بعض الناس لأن الندم انفعال نفسي فكيف يُمكن للإنسان أن يتصف به؟ والجواب على ذلك أن نقول: المراد بالندم أثره أي أن يظهر عليه الأسى والحزن على ما مضى من ذنبه فهذا هو الندم.
الثالث: أن يُقلع عنه في الحال، أن يُقعل عنه أي عن الذنب في الحال فلا تصح التوبة من ذنب مع الإصرار عليه لأن التوبة من ذنب مع الإصرار عليه نوع من الاستهزاء بالله عز وجل.
مثال ذلك لو قال أنا أتوب إلى الله عز وجل من غيبة الناس ولكنه لا يزال يغتابهم فكيف نقول: إن هذا توبته صحيحة؟ لو قال: أنا أتوب إلى الله من أكل الربا ولكنه لا يزال يأكل الربا فهذا لم يتُب.
لو قال أتوب إلى الله من ظلم الناس وهو لا يزال مستوليا على أموالهم بغير حق وما أشبه ذلك فإن توبته لا تصح مهما فعل لأنه لم يُقلع عن الذنب.
الشرط الرابع: أن يعزم على ألا يعود إلى الذنب في المستقبل يعني بأن تكون توبته قاطعة لهذا الذنب لن يعود إليه فإن قال: أتوب إلى الله وأقلع عن الذنب وندم عليه وأقلع منه لكن في نيته أن يعود إليه في وقت ما أو في حال ما فإن توبته لا تصح لا بد أن يعزم على ألا يعود، فإن قال قائل: عزم ألا يعود لكن غلبته نفسه فعاد هل تبطل توبته الأولى؟ فالجواب: لا، فالجواب لا تبطل توبته الأولى لأنها تحققت التوبة بعزمه ألا يعود وهذا هو الشرط وليس الشرط أن لا يعود بل العزم على ألا يعود وبينهما فرق ظاهر فإذا تاب إلى الله من ذنب توبة نصوحا ثم عاد إليه فإن توبته الأولى لا تبطل ولكن عليه أن يجدّد توبةً لفعل الذنب مرة أخرى.
الشرط الخامس لقبول التوبة: أن تكون في أوان القَبول أي في وقت قبولها لأنه يأتي على الناس أو على الإنسان نفسه زمان لا تُقبل منه التوبة فإذا طلعت الشمس من مغربها لم تُقبل التوبة لقول الله تعالى: (( هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ ءايَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ ءايَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ ءامَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا )) وذلك طلوع الشمس من مغربها فإن الشمس إذا طلعت من مغربها ءامن الناس كلهم ولكن (( لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ ءامَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا )) .
وكذلك التوبة فإنها: ( لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ولا تنقطع التوبة حتى تخرج الشمس من مغربها ) وإذا حضر الأجل لم تُقبل التوبة لقول الله تعالى: (( وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ )) فإذا عاين الإنسان ملك الموت فإنها لا تُقبل توبته لأن هذه توبة ليست عن رغبة بل توبة مضطر فلا ينفع ولهذا لما أدرك فرعون الغرق (( قَالَ ءامَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي ءامَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ )) فقيل له: (( ءالآنَ )) يعني ءالأن تتوب (( وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ ءايَةً )) فأنجاه الله ببدنه وأظهره من أجل أن يكون ءاية على موته وهلاكه لبني إسرائيل الذين أرعبهم حتى يتيقنوا أنه مات.
فالمهم أنك مهما عملت من الذنب إذا تبت إلى الله تعالى توبةً نصوحاً فإن الله يتوب عليك بل: (( إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين )) . نعم.
السائل : بارك الله فيكم. هذه مستمعة للبرنامج تقول فضيلة الشيخ.
الشيخ : الإنسان إذا تاب إلى الله توبة نصوحا فإن الله تعالى يقبل توبته ويعفو عن سيئاته مهما عظُمت قال الله تعالى: (( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئَاتِ )) وقال تعالى: (( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )) فإذا تاب الإنسان من ذنبه مهما عظُم فإن الله يتوب عليه ولكن ليُعلم أن للتوبة شروطا لا بد من تحقّقها وهي أولا: الإخلاص لله عز وجل بأن ينوي بتوبته الرجوع إلى ربه من معصيته إلى طاعته ولا ينوي بذلك التزلّف إلى البشر أو التقرّب إليهم أو الجاه أو المال أو ما أشبه ذلك بل تكون توبته خالصة لله وحده طلبا للنجاة من عقابه والوصول إلى ثوابه.
الثاني: الندم على ما مضى منه من التقصير في واجب أو انتهاك المحرّم.
وقد يُشكل هذا الشرط على بعض الناس لأن الندم انفعال نفسي فكيف يُمكن للإنسان أن يتصف به؟ والجواب على ذلك أن نقول: المراد بالندم أثره أي أن يظهر عليه الأسى والحزن على ما مضى من ذنبه فهذا هو الندم.
الثالث: أن يُقلع عنه في الحال، أن يُقعل عنه أي عن الذنب في الحال فلا تصح التوبة من ذنب مع الإصرار عليه لأن التوبة من ذنب مع الإصرار عليه نوع من الاستهزاء بالله عز وجل.
مثال ذلك لو قال أنا أتوب إلى الله عز وجل من غيبة الناس ولكنه لا يزال يغتابهم فكيف نقول: إن هذا توبته صحيحة؟ لو قال: أنا أتوب إلى الله من أكل الربا ولكنه لا يزال يأكل الربا فهذا لم يتُب.
لو قال أتوب إلى الله من ظلم الناس وهو لا يزال مستوليا على أموالهم بغير حق وما أشبه ذلك فإن توبته لا تصح مهما فعل لأنه لم يُقلع عن الذنب.
الشرط الرابع: أن يعزم على ألا يعود إلى الذنب في المستقبل يعني بأن تكون توبته قاطعة لهذا الذنب لن يعود إليه فإن قال: أتوب إلى الله وأقلع عن الذنب وندم عليه وأقلع منه لكن في نيته أن يعود إليه في وقت ما أو في حال ما فإن توبته لا تصح لا بد أن يعزم على ألا يعود، فإن قال قائل: عزم ألا يعود لكن غلبته نفسه فعاد هل تبطل توبته الأولى؟ فالجواب: لا، فالجواب لا تبطل توبته الأولى لأنها تحققت التوبة بعزمه ألا يعود وهذا هو الشرط وليس الشرط أن لا يعود بل العزم على ألا يعود وبينهما فرق ظاهر فإذا تاب إلى الله من ذنب توبة نصوحا ثم عاد إليه فإن توبته الأولى لا تبطل ولكن عليه أن يجدّد توبةً لفعل الذنب مرة أخرى.
الشرط الخامس لقبول التوبة: أن تكون في أوان القَبول أي في وقت قبولها لأنه يأتي على الناس أو على الإنسان نفسه زمان لا تُقبل منه التوبة فإذا طلعت الشمس من مغربها لم تُقبل التوبة لقول الله تعالى: (( هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ ءايَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ ءايَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ ءامَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا )) وذلك طلوع الشمس من مغربها فإن الشمس إذا طلعت من مغربها ءامن الناس كلهم ولكن (( لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ ءامَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا )) .
وكذلك التوبة فإنها: ( لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ولا تنقطع التوبة حتى تخرج الشمس من مغربها ) وإذا حضر الأجل لم تُقبل التوبة لقول الله تعالى: (( وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ )) فإذا عاين الإنسان ملك الموت فإنها لا تُقبل توبته لأن هذه توبة ليست عن رغبة بل توبة مضطر فلا ينفع ولهذا لما أدرك فرعون الغرق (( قَالَ ءامَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي ءامَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ )) فقيل له: (( ءالآنَ )) يعني ءالأن تتوب (( وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ ءايَةً )) فأنجاه الله ببدنه وأظهره من أجل أن يكون ءاية على موته وهلاكه لبني إسرائيل الذين أرعبهم حتى يتيقنوا أنه مات.
فالمهم أنك مهما عملت من الذنب إذا تبت إلى الله تعالى توبةً نصوحاً فإن الله يتوب عليك بل: (( إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين )) . نعم.
السائل : بارك الله فيكم. هذه مستمعة للبرنامج تقول فضيلة الشيخ.