نحن جماعة نشتغل في المملكة وبعد فترة من الزمن نرسل مصاريف للأهل بالسودان مع الإخوة السودانيين فنقوم ببيع الريالات لهم مقابل الجنيه السوداني ويقوم هؤلاء بتسليم المبلغ للأهل بالجنيه السوداني فهل في هذا ربا ؟ حفظ
السائل : نحن نشتغل في المملكة وبعد فترة من الزمن نُرسل مصاريف للأهل بالسودان مع بعض الإخوة السودانيين ونقوم ببيع الريالات لهم مقابل الجنيه السوداني ويقوم هؤلاء بتسليم المبلغ بالجنيهات السودانية إلى الأهل فهل في ذلك ربا أرجو التوضيح مأجورين؟
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى ءاله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، قبل الكلام على الجواب أو قبل الكلام في الجواب عن هذا السؤال أود أن أبيّن أن الله سبحانه وتعالى حرّم في كتابه الربا فقال تعالى: (( وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا )) وجاء فيه من الوعيد الشديد ما لم يأتي في ذنب سواه إلا الشرك فقال الله تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ )) وقال الله سبحانه وتعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ )) .
وقال الله سبحانه وتعالى: (( فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ )) وثبت عن النبي صلي الله عليه وءاله وسلم أنه لعن ءاكل الربا، وموكله، وشاهديه، وكاتبه، وقال: ( هم سواء ) .
فالربا أمره عظيم وشأنه خطير ومن نبت جسمه على الربا فقد نبت جسمه على السحت والعياذ بالله والمرابون من هذه الأمة مشابهون لليهود الذين قال الله فيهم: (( فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا * وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا )) .
ولا أظن مسلما يرضى لنفسه أن يكون مشابها لليهود بل لو قلت لأي واحد من المسلمين أنت يهودي لنفر من ذلك أشد النفور ولخاصمك على هذه الكلمة التي وصمته بها وقد بيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم الربا أين يكون وكيف يكون فقال عليه الصلاة والسلام: ( الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والتمر بالتمر، والشعير بالشعير، والملح بالملح مثلاً بمثل، سواء بسواء، يداً بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربا ) فهذه الأصناف الستة هي التي يكون فيها الربا إذا باع الإنسان جنسا منها بمثله فإنه يجري فيهما ربا الفضل وربا النسيئة ولا بد لتوقي هذين النوعين من الربا لا بد من التساوي بينهما وزنا فيما يوزن وكيلا فيما يكال والتقابض قبل التفرّق لقوله علية الصلاة والسلام: ( مثلاً بمثل، سواء بسواء، يداً بيد ) .
وإذا بيع جنس بأخر موافق له في علة الربا فلا بد من شرط واحد وهو التقابض قبل التفرّق لقوله عليه الصلاة والسلام: ( فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد ) .
أما إذا كان لا يوافقه في علة الربا كبيع البر بالذهب أو الفضة فإنه لا يجري الربا بينهما فلا يُشترط فيهما تقابض ولا يُشترط فيهما تماثل ولهذا يجوز أن تبيع صاعا من البر بدرهم أو درهمين أو دينار أو دينارين وإن لم تقبض العوض لأنه لا ربا بين مكيل وموزون وعلى هذا يتنزّل التبادل في العملات كالجنيه السوداني والريال السعودي فانه لا بأس أن يحصل التفاضل بينهما ولكن لا بد من التقابض في مجلس العقد قبل التفرّق فإذا كان عند الإنسان السوداني في السعودية دراهم سعودية وأراد أن يحوّلها إلى جنيهات سودانية فإنه يذهب إلى أهل الصرف ويُعطيهم الدراهم السعودية ويأخذ بدلها في الحال جنيهات سودانية ثم يرسلها إلى أهله أو يرسل دراهم سعودية إلى أهله وهم هناك يصرفونها إلى جنيهات سودانية ويأخذون العوض فورا، هذه هي الطريق السليمة إما هذا وإما هذا.
وإما أن يُعطي دراهم سعودية هنا ويأخذ عوضها جنيهات سودانية في السودان فإن هذا لا يجوز لأنه ربا نسيئة وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( إذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد ) . نعم.
السائل : بارك الله فيكم. هذا السائل أخوكم في الله علي زروق يقول.