كثير من أئمة المساجد يقنتون في صلاة الفجر ويدعون بدعاء قنوت الوتر ( اللهم اهدنا فيمن هديت ) ويزيدون عليه أدعية أخرى ويخصون هذا الدعاء بالفجر دون الصلوات الأخرى بشكل مستمر ، وبعضهم إذا نسيه سجد سجود السهو فما حكم هذا القنوت ؟ وماذا يفعل المأموم إذا قنت الإمام فهل يرفع يديه معه أم يبقي يديه إلى جنبيه ويبقى صامتا ؟ حفظ
السائل : كثير من أئمة المساجد يقنتون في صلاة الفجر في الركعة الثانية ويدعون بدعاء: ( اللهم اهدنا فيمن هديت ) ويزيدون عليه أدعية أخرى مختلفة ويجعلون هذا الدعاء مختصا بصلاة الفجر دون الصلوات الأخرى وبشكل مستمر وليس كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو في دعاء النوازل لمدة معيّنة وبعضهم إذا نسي هذا الدعاء سجد سجود السهو ما حكم هذا القنوت؟ وماذا يفعل المؤتم إذا قنت الإمام هل يرفع يديه مع المؤتمين ويقول: ءامين أم يًبقي يديه إلى جنبيه ويبقى صامتا ولا يشترك معهم في هذا القنوت نرجو التوجيه مأجورين؟
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى ءاله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، القنوت في صلاة الفجر بصفة مستمرة لغير سبب شرعي يقتضيه مخالف لسنّة الرسول صلى الله عليه وسلم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يقنت في صلاة الفجر على وجه مستمر لغير سبب شرعي والذي ثبت عنه من القنوت في الفرائض أنه كان يقنت في الفرائض عند وجود سببه كتسلّط المشركين على المستضعفين من المسلمين ونحو ذلك.
وقد ذكر أهل العلم رحمهم الله أنه يُقنت في الفرائض إذا نزلت بالمسلمين نازلة تستدعي ذلك ولا يختص هذا بصلاة الفجر بل في جميع الصلوات ثم اختلفوا: هل الذي يقنت الإمام وحده والمراد بالإمام من له السلطة العليا في الدولة أو يقنت كل إمام جماعة في مسجد أو يقنت كل مصلّ ولو منفردا؟ فمن أهل العلم من قال: إن القنوت في النوازل خاص بالإمام أي بذي السلطة العليا في الدولة لأن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي كان يقنت في مسجده ولم يُنقل أن غيره كان يقنت في الوقت الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقنت فيه ممن يصلون في مساجدهم.
ومنهم من قال: إنه يقنت كل إمام جماعة لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت لأنه إمام المسجد وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) .
ومنهم من قال: إنه يقنت كل مصل لأن هذا أمر نازل بالمسلمين والمؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضا.
على كل حال القول الراجح بلا شك أنه لا يُقنت في صلاة الفجر بصفة دائمة لغير سبب شرعي وأن ذلك خلاف هدي النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما إذا كان هناك سبب فإنه يُقنت في جميع الصلوات الخمس على الخلاف الذي أشرت إليه ءانفا ولكن القنوت كما قال السائل ليس هو قنوت الوتر: ( اللهم اهدني فيمن هديت ) ولكن القنوت هو الدعاء بما يُناسب الحال التي من أجلها شُرع القنوت كما كان ذلك هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم إن السائل قال: إذا كان الإنسان مأموما هل يُتابع هذا الإمام فيرفع يديه ويؤمّن معه أم يُرسل يديه على جنبيه؟
والجواب على ذلك أن نقول: بل يؤمّن على دعاء الإمام ويرفع يديه تبعا للإمام وخوْفا من المخالفة وقد نص الإمام أحمد رحمه الله على أن الرجل إذا ائتم بإمام يقنت في صلاة الفجر فإنه يُتابعه ويؤمن على دعائه مع أن الإمام أحمد رحمه الله لا يرى مشروعية القنوت في صلاة الفجر في المشهور عنه لكنه رحمه الله رخّص في ذلك أي في متابعة الإمام الذي يقنت في صلاة الفجر خوفا من الخلاف الذي قد يحدث معه اختلاف القلوب وهذا هو الذي جاء عن الصحابة رضي الله عنهم فإن أمير المؤمنين عثمان بن عفان في ءاخر خلافته كان يُتم الصلاة في منى في الحج فأنكر عليه من أنكر من الصحابة ومع ذلك فإنهم كانوا يُتابعونه ويتمون الصلاة ويُذكر عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قيل له: يا أبا عبد الرحمان كيف تصلي مع أمير المؤمنين عثمان أربعا ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر يفعلون ذلك؟ فقال رضي الله عنه: " الخلاف شر " .
وبقي في قول السائل : " أو يرسل يديه على فخذيه " فإن ظاهر كلامه أنه يظن أن المشروع بعد الرفع من الركوع إرسال اليدين على الفخذين وهذا وإن قال به من قال من أهل العلم قول مرجوح والصحيح الذي دلت عليه السنّة أن المصلي إذا رفع من الركوع فإنه يصنع في يديه كما صنع فيهما قبل الركوع أي يضع يده اليمنى على اليسرى فوق الصدر ودليل ذلك حديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال: ( كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة ) وهذا ثابت في "صحيح البخاري" وقوله: ( في الصلاة ) يعم جميع أحوال الصلاة لكن يخرج منه حال السجود لأن اليدين على الأرض وحال الجلوس لأن اليدين على الفخذين وحال الركوع لأن اليدين على الركبتين فما عدا ذلك تكون فيه اليد اليمنى على ذراع اليد اليسرى كما يقتضيه هذا العموم.
هذا هو القول الراجح في هذه المسألة وبعض العلماء قال: إن السنّة أن يُرسل يديه بعد الركوع والإمام أحمد رحمه الله قال: " يُخيّر بين أن يضع يده اليمنى على اليسرى أو يُرسلهما " لكن اتباع ما دل عليه حديث سهل بن سعد أوْلى وهو أن يصنع في يديه بعد الركوع كما كان يصنع فيهما قبل الركوع.
وليس الشأن في أن هذا هو المشروع أو ذاك لكن الشأن ما سلكه بعض الإخوة المجتهدين حول هذه المسألة وأشباهها من مسائل الخلاف حيث ظنوا أن الخلاف فيها كبير ورتّبوا على ذلك الولاء والبراء حتى كانوا يُنكرون إنكارا بالغا على من خالفهم في هذا الأمر ولا شك أن هذا مسلك مخالف لما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم ولما قاله أهل العلم في أن مسائل الاجتهاد التي يسوغ فيها الاجتهاد لا يُنكر فيها على المرء لأن قول كل واحد من الناس ليس حجة على الأخرين إلا المعصوم محمدا صلى الله عليه وسلم.
ولهذا فإني بهذه المناسبة أوجّه النصيحة لإخواني الذين وفّقهم الله للاستقامة والاتجاه السليم والحرص على اتباع السنّة أن لا يجعلوا من هذا الخلاف سببا لاختلاف القلوب والتسلّط بالألسن على غيرهم وأكل لحوم الناس وضرب ءاراء العلماء بعضها ببعض فإن في ذلك شرا وفسادا كبيرا نسأل الله أن يجمع كلمتنا على الحق في كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم.
السائل : بارك الله فيكم. فضيلة الشيخ.
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى ءاله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، القنوت في صلاة الفجر بصفة مستمرة لغير سبب شرعي يقتضيه مخالف لسنّة الرسول صلى الله عليه وسلم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يقنت في صلاة الفجر على وجه مستمر لغير سبب شرعي والذي ثبت عنه من القنوت في الفرائض أنه كان يقنت في الفرائض عند وجود سببه كتسلّط المشركين على المستضعفين من المسلمين ونحو ذلك.
وقد ذكر أهل العلم رحمهم الله أنه يُقنت في الفرائض إذا نزلت بالمسلمين نازلة تستدعي ذلك ولا يختص هذا بصلاة الفجر بل في جميع الصلوات ثم اختلفوا: هل الذي يقنت الإمام وحده والمراد بالإمام من له السلطة العليا في الدولة أو يقنت كل إمام جماعة في مسجد أو يقنت كل مصلّ ولو منفردا؟ فمن أهل العلم من قال: إن القنوت في النوازل خاص بالإمام أي بذي السلطة العليا في الدولة لأن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي كان يقنت في مسجده ولم يُنقل أن غيره كان يقنت في الوقت الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقنت فيه ممن يصلون في مساجدهم.
ومنهم من قال: إنه يقنت كل إمام جماعة لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت لأنه إمام المسجد وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) .
ومنهم من قال: إنه يقنت كل مصل لأن هذا أمر نازل بالمسلمين والمؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضا.
على كل حال القول الراجح بلا شك أنه لا يُقنت في صلاة الفجر بصفة دائمة لغير سبب شرعي وأن ذلك خلاف هدي النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما إذا كان هناك سبب فإنه يُقنت في جميع الصلوات الخمس على الخلاف الذي أشرت إليه ءانفا ولكن القنوت كما قال السائل ليس هو قنوت الوتر: ( اللهم اهدني فيمن هديت ) ولكن القنوت هو الدعاء بما يُناسب الحال التي من أجلها شُرع القنوت كما كان ذلك هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم إن السائل قال: إذا كان الإنسان مأموما هل يُتابع هذا الإمام فيرفع يديه ويؤمّن معه أم يُرسل يديه على جنبيه؟
والجواب على ذلك أن نقول: بل يؤمّن على دعاء الإمام ويرفع يديه تبعا للإمام وخوْفا من المخالفة وقد نص الإمام أحمد رحمه الله على أن الرجل إذا ائتم بإمام يقنت في صلاة الفجر فإنه يُتابعه ويؤمن على دعائه مع أن الإمام أحمد رحمه الله لا يرى مشروعية القنوت في صلاة الفجر في المشهور عنه لكنه رحمه الله رخّص في ذلك أي في متابعة الإمام الذي يقنت في صلاة الفجر خوفا من الخلاف الذي قد يحدث معه اختلاف القلوب وهذا هو الذي جاء عن الصحابة رضي الله عنهم فإن أمير المؤمنين عثمان بن عفان في ءاخر خلافته كان يُتم الصلاة في منى في الحج فأنكر عليه من أنكر من الصحابة ومع ذلك فإنهم كانوا يُتابعونه ويتمون الصلاة ويُذكر عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قيل له: يا أبا عبد الرحمان كيف تصلي مع أمير المؤمنين عثمان أربعا ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر يفعلون ذلك؟ فقال رضي الله عنه: " الخلاف شر " .
وبقي في قول السائل : " أو يرسل يديه على فخذيه " فإن ظاهر كلامه أنه يظن أن المشروع بعد الرفع من الركوع إرسال اليدين على الفخذين وهذا وإن قال به من قال من أهل العلم قول مرجوح والصحيح الذي دلت عليه السنّة أن المصلي إذا رفع من الركوع فإنه يصنع في يديه كما صنع فيهما قبل الركوع أي يضع يده اليمنى على اليسرى فوق الصدر ودليل ذلك حديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال: ( كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة ) وهذا ثابت في "صحيح البخاري" وقوله: ( في الصلاة ) يعم جميع أحوال الصلاة لكن يخرج منه حال السجود لأن اليدين على الأرض وحال الجلوس لأن اليدين على الفخذين وحال الركوع لأن اليدين على الركبتين فما عدا ذلك تكون فيه اليد اليمنى على ذراع اليد اليسرى كما يقتضيه هذا العموم.
هذا هو القول الراجح في هذه المسألة وبعض العلماء قال: إن السنّة أن يُرسل يديه بعد الركوع والإمام أحمد رحمه الله قال: " يُخيّر بين أن يضع يده اليمنى على اليسرى أو يُرسلهما " لكن اتباع ما دل عليه حديث سهل بن سعد أوْلى وهو أن يصنع في يديه بعد الركوع كما كان يصنع فيهما قبل الركوع.
وليس الشأن في أن هذا هو المشروع أو ذاك لكن الشأن ما سلكه بعض الإخوة المجتهدين حول هذه المسألة وأشباهها من مسائل الخلاف حيث ظنوا أن الخلاف فيها كبير ورتّبوا على ذلك الولاء والبراء حتى كانوا يُنكرون إنكارا بالغا على من خالفهم في هذا الأمر ولا شك أن هذا مسلك مخالف لما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم ولما قاله أهل العلم في أن مسائل الاجتهاد التي يسوغ فيها الاجتهاد لا يُنكر فيها على المرء لأن قول كل واحد من الناس ليس حجة على الأخرين إلا المعصوم محمدا صلى الله عليه وسلم.
ولهذا فإني بهذه المناسبة أوجّه النصيحة لإخواني الذين وفّقهم الله للاستقامة والاتجاه السليم والحرص على اتباع السنّة أن لا يجعلوا من هذا الخلاف سببا لاختلاف القلوب والتسلّط بالألسن على غيرهم وأكل لحوم الناس وضرب ءاراء العلماء بعضها ببعض فإن في ذلك شرا وفسادا كبيرا نسأل الله أن يجمع كلمتنا على الحق في كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم.
السائل : بارك الله فيكم. فضيلة الشيخ.