البعض من الناس يصلي الصلاة الفائتة و أقصد الصلاة التي تهاون في أدائها ، مثلا شخص لم يصل إلا و عمره في العشرين ثم أراد أن يقضي ما فات ذلك فيصلي مع كل وقت وقتا آخر ، فما رأيكم في ذلك ؟ حفظ
السائل : البعض من الناس يا فضيلة الشيخ يصلي الصلاة الفائتة وأقصد الصلاة التي تهاون في أدائها مثلا شخص لم يصلي إلا وعمره في العشرين ثم أراد أن يقضي ما فات ذلك فيصلي مع كل وقت وقتاً ءاخر فما رأيكم في ذلك مأجورين؟
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى ءاله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، قبل الإجابة على هذا السؤال أود أن أقول لإخواني المستمعين إن الصلاة شأنها عظيم وخطرها جسيم وليس شيء من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة كما قال ذلك عبد الله بن شقيق عن أصحاب النبي صلى الله عليه وءاله وسلم أنهم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة فالواجب على المؤمن أن يتقي الله عز وجل وأن يُحافظ على صلاته كما أمره بذلك ربه في قوله: (( حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ )) وكما أثنى الله عز وجل على الذين يُحافظون على صلواتهم وجعل ذلك من أسباب إرث الفردوس وهو أعلى الجنة.
والصلوات نور في القلب وفي الوجه وفي القبر، نور تزول به ظلمات الجهل الصلوات صلة بين الإنسان وبين ربه يقف بين يديه يُناجيه بكلامه وقد ثبت في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وءاله وسلم قال: ( قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال: (( الحمد لله رب العالمين )) قال الله تعالى: حمدني عبدي، وإذا قال: (( الرحمان الرحيم )) قال: أثنى علي عبدي، وإذا قال: (( مالك يوم الدين )) قال: مجدني عبدي، وإذا قال: (( إياك نعبد وإياك نستعين )) قال: هذا بيني وبين عبدي نصفين، وإذا قال: (( اهدنا الصراط المستقيم )) قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل ) فلا يليق بالمؤمن أن يضيّع هذه الفرصة العظيمة، أن يضيّع مناجاة الله سبحانه وتعالى بالسهو واللهو ولا شك أن الإنسان الذي يعرف ما للصلاة من قيمة في الإسلام وما لها من ثواب وأجر عند الله عز وجل أنه لا يُضيع هذه الصلاة أبدا ولهذا كانت إضاعتها وتركها كفرا مخرجا عن الملة على القول الراجح من أقوال أهل العلم دليله من الكتاب والسنّة وأقوال الصحابة والنظر الصحيح.
أما الكتاب فقد قال الله تعالى في المشركين: (( فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَءاتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ )) فجعل الله تعالى شرط كونهم إخوة لنا في الدين أن يتوبوا من الشرك وأن يقيموا الصلاة وأن يؤتوا الزكاة فإذا تخلّف الشرط كلا أو بعضا فإن المشروط لا يتم ولا يمكن أن تنتفي الأخوة الإيمانية إلا بالخروج عن الإيمان كلية.
وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ) وروى عنه أصحاب السنن أنه قال صلى الله عليه وسلم: ( العهد الذي بيننا وبينهم ) أي بين المشركين والكافرين ( الصلاة فمن تركها فقد كفر ) .
ونقل عبد الله بن شقيق عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة.
والنظر الصحيح يقتضي ذلك فإنه لا يمكن لشخص يكون في قلبه إيمان وهو يعلم عظم الصلاة وفائدتها والوعيد على من تهاون بها أن يدعها أبدا ومن هنا يتبيّن لنا الجواب أي جواب السؤال الذي أوردتموه.
السائل : نعم.
الشيخ : فنقول: إن هذا الذي ترك الصلاة من حين بلغ إلى أن تم له عشرون سنة وهو يعلم وجوبها لا يقضيها لأنه في هذه المدة كافر والكافر لا يقضي ما فاته من الأعمال لقول الله تعالى: (( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ )) وإذا قدّرنا أنه ليس بكافر لجهله وتهاونه أو اعتقاد أن ترك الصلاة ليس بكفر كما هو رأي لكثير من العلماء فإنه لا يقضيها أيضا على القول الراجح وإن قضاها لم تُقبل منه لأن الله سبحانه وتعالى فرض الصلاة في أوقات معلومة فقال جل وعلا: (( إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا )) فإذا أخّرها عن وقتها متعمّدا بلا عذر فقد أتى بها على وجه لم يؤمر به فتكون مردودة عليه لقول النبي صلى الله عليه وءاله وسلم: ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) .
وبهذا نعرف أن القول الراجح أن هذا الشاب الذي لم يصلي إلا حين تم له عشرون سنة ليس عليه قضاء للصلوات الفائتة بعد بلوغه ولكن عليه أن يُصلح عمله ويُكثر من الاستغفار ومن الصلاة النافلة لأن النوافل تكمّل بها الفرائض يوم القيامة ونرجو له من الله عز وجل تمام المغفرة والرحمة.
السائل : بارك الله فيكم فضيلة الشيخ.
الشيخ : نعم.
السائل : يقول هذه السائلة من ليبيا.