ورد لفظ الهدى في القرآن الكريم كثيرا قوله تعالى " إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا"، فهل الإنسان مخير أم مسير ؟ و هل للإنسان إرادة إما أن يكون طيبا أو خبيثا ؟ حفظ
السائل : هذا السائل من السودان يقول فضيلة الشيخ ورد لفظ الهدى في القرءان الكريم كثيرا مثلا في قوله تعالى (( إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا )) والأسئلة هل الإنسان مخير أم مسير وهل للإنسان إرادة أن يكون طيبا أو خبيثا أرجو بهذا توجيه مأجورين؟
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى ءاله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين هذا السؤال هام جدا وذلك أنه سأل عن الهداية المذكورة في قوله تعالى (( إِنّا هَدَيناهُ السَّبيلَ إِمّا شاكِرًا وَإِمّا كَفورًا )) والأسئلة هل الإنسان مخير أم مسير؟ وهل للإنسان إرادة أن يكون طيبا أو خبيثا أرجو بهذا توجيه مأجورين.
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى ءاله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. هذا السؤال هام جدا وذلك أنه سأل عن الهداية المذكورة في قوله تعالى (( إِنّا هَدَيناهُ السَّبيلَ إِمّا شاكِرًا وَإِمّا كَفورًا )) وسأل هل الإنسان مخير، هل قال أو مسيّر؟
السائل : نعم. مخيّر أم مسيّر.
الشيخ : هل الإنسان مخيّر أو مسيّر وهل له إرادة أن يفعل أو لا يفعل.
السائل : نعم.
الشيخ : والجواب عن الأول أن الهداية المذكورة في القرءان تنقسم إلى قسمين.
السائل : نعم.
الشيخ : هداية دلالة وبيان وهداية توفيق وإرشاد فأما الهداية الأولى فهي مثل الأية التي ساقها السائل وهي قوله تعالى (( إِنّا هَدَيناهُ السَّبيلَ إِمّا شاكِرًا وَإِمّا كَفورًا )) يعني إنا بيّنا للإنسان السبيل والطريق الصحيح سواء كان شاكرا أو كان كفورا فالكل بُيّن له الحق لكن من الناس من منّ الله عليه فشكر والتزم بالحق ومن الناس من كان على خلاف ذلك.
ومن أمثلة الهداية التي يُراد بها الدلالة قوله تبارك وتعالى عن نبيه صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم (( وَإِنَّكَ لَتَهدي إِلى صِراطٍ مُستَقيمٍ )) أي لتدل إلى الصراط المستقيم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد بيّن وعلّم أمته الصراط المستقيم وترك أمته على محجة بيضاء ليلها كنهارها.
أما النوع الثاني من الهداية فهو هداية التوفيق والإرشاد ومن أمثلتها قوله تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم (( إِنَّكَ لا تَهدي مَن أَحبَبتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهدي مَن يَشاءُ )) فالمراد بهذه الهداية هداية التوفيق فإن النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم لا يملك أن يهدي أحدا هداية توفيق يوفقه بها إلى الإيمان والعمل الصالح وهذه الأية نزلت بشأن أبي طالب عم النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم الذي دعاه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الهدى ولكن لم يوفّق لذلك فأنزل الله هذه الأية تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم (( إِنَّكَ لا تَهدي مَن أَحبَبتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهدي مَن يَشاءُ )) .
وقد يراد بالهداية الهدايتان جميعا أي هداية العلم والبيان وهداية التوفيق والإرشاد ومن ذلك قوله تبارك وتعالى في سورة الفاتحة (( اهدنا الصراط المستقيم )) فإن هذه الأية تشمل هداية العلم والبيان وهداية التوفيق والإرشاد والقارئ إذا قال (( اهدنا الصراط المستقيم )) يُريد بذلك المعنيين جميعا، يُريد أن يعلمه الله عز وجل ويريد أن يوفقه الله تعالى لسلوك الحق، هذا هو الجواب عن الجزء الأول في سؤاله.
أما الجزء الثاني وهو هل الإنسان مسيّر أو مخيّر وهل له إرادة أو ليس له إرادة فنقول الإنسان مخيّر إن شاء ءامن وإن شاء كفر بمعنى أن له الاختيار وإن كان ليس سواء لا يستوي الكفر والإيمان لكن له اختيار أن يختار الإيمان أو أن يختار الكفر.
السائل : نعم.
الشيخ : وهذا أمر مشاهد معلوم فليس أحد أجبر الكافر على أن يكفر وليس أحد أجبر المؤمن على أن يؤمن بل الكافر كفر باختياره والمؤمن ءامن باختياره كما أن الإنسان يخرج من بيته باختياره ويرجع إليه باختياره وكما أن الإنسان يدخل المدرسة الفلانية باختياره ويدخل الجامعة الفلانية باختياره وكما أن الإنسان يُسافر باختياره إلى مكة أو إلى المدينة أو ما أشبه ذلك وهذا أمر لا إشكال فيه ولا جدال فيه ولا يُمكن أن يجادَل فيه إلا مكابر.
السائل : نعم.
الشيخ : نعم هناك أشياء لا يمكن أن تكون باختيار الإنسان كحوادث تحدث على الإنسان من انقلاب سيارة أو صدم أو سقوط بيت عليه أو احتراق أو ما أشبه هذا، هذا لا شك أنه لا اختيار للإنسان فيه بل هو قضاء وقدر ممن له الأمر.
ولهذا عاقب الله سبحانه وتعالى الكافرين على كفرهم لأنهم كفروا باختيارهم ولو كان بغير اختيار منهم لم يُعاقبوا ألا ترى أن الإنسان إذا أكره على الفعل ولو كان كفرا أو على القول ولو كان كفرا فإنه لا يُعاقب عليه لأنه بغير اختيار منه، ألا ترى أن النائم قد يتكلم وهو نائم بالكفر وقد يرى نفسه ساجدا لصنم وهو نائم ولا يؤاخذ بهذا لأن ذلك بغير اختياره فالشيء الذي لا اختيار للإنسان فيه لا يعاقب عليه فإذا عاقب الله الإنسان على فعله السيئة دل ذلك على أنه عوقب بحق وعدل لأنه فعل السيئة باختياره.
وأما توهّم بعض الناس أن الإنسان مسيّر لا مخيّر من كوْن الله سبحانه وتعالى قد قضى ما أراد في علمه الأزلي بأن هذا الإنسان من أهل الشقاء وهذا الإنسان من أهل السعادة فإن هذا لا حجة فيه وذلك أن الإنسان ليس عنده علم بما قدّر الله سبحانه وتعالى إذ أن هذا سر مكتوم لا يعلمه الخلق فلا تعلم نفس ماذا تكسب غدا وهو حين يُقدم على المخالفة بترك الواجب أو فعل المحرّم يُقدم على غير أساس وعلى غير علم لأنه لا يعلم ماذا كتِب عليه إلا إذا وقع منه فعلا فالإنسان المصلي لا يعلم أن الله كتب له أن يصلي إلا إذا صلى والإنسان السارق لا يعلم أن الله كتب عليه أن يسرق إلا إذا سرق وهو لم يُجبر على السرقة ولم يُجبر المصلي على الصلاة بل صلى باختياره والسارق سرق باختياره.
ولما حدّث النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بأنه ما من أحد إلا وقد كتِب مقعده من الجنة ومقعده من النار قالوا يا رسول الله أفلا ندع العمل ونتكل قال ( لا، اعملوا فكل ميسر لما خلِق له ) فأمر بالعمل والعمل اختياري وليس اضطراريا ولا إجباريا فإذا كان يقول عليه الصلاة والسلام ( اعملوا فكل ميسّر لما خلق له ) نقول للإنسان اعمل يا أخي صالح، اعمل صالحا حتى يتبيّن أنك ميسّر لعمل أهل السعادة وهو باختياره لا شك إن شاء عمل عملا صالحا وإن شاء عمل عملا سيئا.
ولا يجوز للإنسان أن يحتج بالقدر على الشرع فيعصي الله ويقول هذا أمر كتِب علي، يترك الصلاة مع الجماعة يقول هذا أمر كتِب علي، يشرب الخمر يقول هذا ما كتِب علي، يطلق نظره في النساء الأجنبيات ويقول هذا أمر كتِب علي، نقول ما الذي أعلمك أنه مكتوب عليك فعملته، أنت لم تعلم أنه كتِب إلا بعد أن تعمل لماذا لم تُقدّر أن الله كتبك من أهل السعادة فتعمل بعمل أهل السعادة.
وأما قول السائل هل للإنسان إرادة فنقول نعم له إرادة بلا شك قال الله تبارك وتعالى (( مِنكُم مَن يُريدُ الدُّنيا وَمِنكُم مَن يُريدُ الآخِرَةَ )) وقال تعالى (( وَمَن أَرادَ الآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعيَها وَهُوَ مُؤمِنٌ )) وقال تعالى (( مَن كانَ يُريدُ حَرثَ الآخِرَةِ نَزِد لَهُ في حَرثِهِ وَمَن كانَ يُريدُ حَرثَ الدُّنيا نُؤتِهِ مِنها وَما لَهُ فِي الآخِرَةِ مِن نَصيبٍ )) والأيات في هذا معروفة.
وكذلك الأحاديث معروفة في أن الإنسان يعمل باختيار وإرادة ولهذا إذا وقع العمل الذي فيه المخالفة من غير إرادة ولا اختيار عفي عنه قال الله تعالى (( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا )) فقال الله ( قد فعلت ) وقال تعالى (( وَلَيسَ عَلَيكُم جُناحٌ فيما أَخطَأتُم بِهِ وَلكِن ما تَعَمَّدَت قُلوبُكُم )) وهذا أمر ولله الحمد ظاهر ولا إشكال فيه إلا على سبيل المنازعة والمخاصمة والمنازعة والمخاصمة منهي عنهما إذا لم يكن المقصود بذلك الوصول إلى الحق.
وقد خرج النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم ذات يوم على أصحابه وهم يتنازعون في القدر فتأثّر من ذلك عليه الصلاة والسلام لأن هذا النزاع لا يؤدّي إلى شيء إلا إلى خصومة وتطاول كلام وغير ذلك وإلا فالأمر واضح ولله الحمد. نعم.
السائل : بارك الله فيكم.
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى ءاله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين هذا السؤال هام جدا وذلك أنه سأل عن الهداية المذكورة في قوله تعالى (( إِنّا هَدَيناهُ السَّبيلَ إِمّا شاكِرًا وَإِمّا كَفورًا )) والأسئلة هل الإنسان مخير أم مسير؟ وهل للإنسان إرادة أن يكون طيبا أو خبيثا أرجو بهذا توجيه مأجورين.
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى ءاله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. هذا السؤال هام جدا وذلك أنه سأل عن الهداية المذكورة في قوله تعالى (( إِنّا هَدَيناهُ السَّبيلَ إِمّا شاكِرًا وَإِمّا كَفورًا )) وسأل هل الإنسان مخير، هل قال أو مسيّر؟
السائل : نعم. مخيّر أم مسيّر.
الشيخ : هل الإنسان مخيّر أو مسيّر وهل له إرادة أن يفعل أو لا يفعل.
السائل : نعم.
الشيخ : والجواب عن الأول أن الهداية المذكورة في القرءان تنقسم إلى قسمين.
السائل : نعم.
الشيخ : هداية دلالة وبيان وهداية توفيق وإرشاد فأما الهداية الأولى فهي مثل الأية التي ساقها السائل وهي قوله تعالى (( إِنّا هَدَيناهُ السَّبيلَ إِمّا شاكِرًا وَإِمّا كَفورًا )) يعني إنا بيّنا للإنسان السبيل والطريق الصحيح سواء كان شاكرا أو كان كفورا فالكل بُيّن له الحق لكن من الناس من منّ الله عليه فشكر والتزم بالحق ومن الناس من كان على خلاف ذلك.
ومن أمثلة الهداية التي يُراد بها الدلالة قوله تبارك وتعالى عن نبيه صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم (( وَإِنَّكَ لَتَهدي إِلى صِراطٍ مُستَقيمٍ )) أي لتدل إلى الصراط المستقيم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد بيّن وعلّم أمته الصراط المستقيم وترك أمته على محجة بيضاء ليلها كنهارها.
أما النوع الثاني من الهداية فهو هداية التوفيق والإرشاد ومن أمثلتها قوله تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم (( إِنَّكَ لا تَهدي مَن أَحبَبتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهدي مَن يَشاءُ )) فالمراد بهذه الهداية هداية التوفيق فإن النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم لا يملك أن يهدي أحدا هداية توفيق يوفقه بها إلى الإيمان والعمل الصالح وهذه الأية نزلت بشأن أبي طالب عم النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم الذي دعاه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الهدى ولكن لم يوفّق لذلك فأنزل الله هذه الأية تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم (( إِنَّكَ لا تَهدي مَن أَحبَبتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهدي مَن يَشاءُ )) .
وقد يراد بالهداية الهدايتان جميعا أي هداية العلم والبيان وهداية التوفيق والإرشاد ومن ذلك قوله تبارك وتعالى في سورة الفاتحة (( اهدنا الصراط المستقيم )) فإن هذه الأية تشمل هداية العلم والبيان وهداية التوفيق والإرشاد والقارئ إذا قال (( اهدنا الصراط المستقيم )) يُريد بذلك المعنيين جميعا، يُريد أن يعلمه الله عز وجل ويريد أن يوفقه الله تعالى لسلوك الحق، هذا هو الجواب عن الجزء الأول في سؤاله.
أما الجزء الثاني وهو هل الإنسان مسيّر أو مخيّر وهل له إرادة أو ليس له إرادة فنقول الإنسان مخيّر إن شاء ءامن وإن شاء كفر بمعنى أن له الاختيار وإن كان ليس سواء لا يستوي الكفر والإيمان لكن له اختيار أن يختار الإيمان أو أن يختار الكفر.
السائل : نعم.
الشيخ : وهذا أمر مشاهد معلوم فليس أحد أجبر الكافر على أن يكفر وليس أحد أجبر المؤمن على أن يؤمن بل الكافر كفر باختياره والمؤمن ءامن باختياره كما أن الإنسان يخرج من بيته باختياره ويرجع إليه باختياره وكما أن الإنسان يدخل المدرسة الفلانية باختياره ويدخل الجامعة الفلانية باختياره وكما أن الإنسان يُسافر باختياره إلى مكة أو إلى المدينة أو ما أشبه ذلك وهذا أمر لا إشكال فيه ولا جدال فيه ولا يُمكن أن يجادَل فيه إلا مكابر.
السائل : نعم.
الشيخ : نعم هناك أشياء لا يمكن أن تكون باختيار الإنسان كحوادث تحدث على الإنسان من انقلاب سيارة أو صدم أو سقوط بيت عليه أو احتراق أو ما أشبه هذا، هذا لا شك أنه لا اختيار للإنسان فيه بل هو قضاء وقدر ممن له الأمر.
ولهذا عاقب الله سبحانه وتعالى الكافرين على كفرهم لأنهم كفروا باختيارهم ولو كان بغير اختيار منهم لم يُعاقبوا ألا ترى أن الإنسان إذا أكره على الفعل ولو كان كفرا أو على القول ولو كان كفرا فإنه لا يُعاقب عليه لأنه بغير اختيار منه، ألا ترى أن النائم قد يتكلم وهو نائم بالكفر وقد يرى نفسه ساجدا لصنم وهو نائم ولا يؤاخذ بهذا لأن ذلك بغير اختياره فالشيء الذي لا اختيار للإنسان فيه لا يعاقب عليه فإذا عاقب الله الإنسان على فعله السيئة دل ذلك على أنه عوقب بحق وعدل لأنه فعل السيئة باختياره.
وأما توهّم بعض الناس أن الإنسان مسيّر لا مخيّر من كوْن الله سبحانه وتعالى قد قضى ما أراد في علمه الأزلي بأن هذا الإنسان من أهل الشقاء وهذا الإنسان من أهل السعادة فإن هذا لا حجة فيه وذلك أن الإنسان ليس عنده علم بما قدّر الله سبحانه وتعالى إذ أن هذا سر مكتوم لا يعلمه الخلق فلا تعلم نفس ماذا تكسب غدا وهو حين يُقدم على المخالفة بترك الواجب أو فعل المحرّم يُقدم على غير أساس وعلى غير علم لأنه لا يعلم ماذا كتِب عليه إلا إذا وقع منه فعلا فالإنسان المصلي لا يعلم أن الله كتب له أن يصلي إلا إذا صلى والإنسان السارق لا يعلم أن الله كتب عليه أن يسرق إلا إذا سرق وهو لم يُجبر على السرقة ولم يُجبر المصلي على الصلاة بل صلى باختياره والسارق سرق باختياره.
ولما حدّث النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بأنه ما من أحد إلا وقد كتِب مقعده من الجنة ومقعده من النار قالوا يا رسول الله أفلا ندع العمل ونتكل قال ( لا، اعملوا فكل ميسر لما خلِق له ) فأمر بالعمل والعمل اختياري وليس اضطراريا ولا إجباريا فإذا كان يقول عليه الصلاة والسلام ( اعملوا فكل ميسّر لما خلق له ) نقول للإنسان اعمل يا أخي صالح، اعمل صالحا حتى يتبيّن أنك ميسّر لعمل أهل السعادة وهو باختياره لا شك إن شاء عمل عملا صالحا وإن شاء عمل عملا سيئا.
ولا يجوز للإنسان أن يحتج بالقدر على الشرع فيعصي الله ويقول هذا أمر كتِب علي، يترك الصلاة مع الجماعة يقول هذا أمر كتِب علي، يشرب الخمر يقول هذا ما كتِب علي، يطلق نظره في النساء الأجنبيات ويقول هذا أمر كتِب علي، نقول ما الذي أعلمك أنه مكتوب عليك فعملته، أنت لم تعلم أنه كتِب إلا بعد أن تعمل لماذا لم تُقدّر أن الله كتبك من أهل السعادة فتعمل بعمل أهل السعادة.
وأما قول السائل هل للإنسان إرادة فنقول نعم له إرادة بلا شك قال الله تبارك وتعالى (( مِنكُم مَن يُريدُ الدُّنيا وَمِنكُم مَن يُريدُ الآخِرَةَ )) وقال تعالى (( وَمَن أَرادَ الآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعيَها وَهُوَ مُؤمِنٌ )) وقال تعالى (( مَن كانَ يُريدُ حَرثَ الآخِرَةِ نَزِد لَهُ في حَرثِهِ وَمَن كانَ يُريدُ حَرثَ الدُّنيا نُؤتِهِ مِنها وَما لَهُ فِي الآخِرَةِ مِن نَصيبٍ )) والأيات في هذا معروفة.
وكذلك الأحاديث معروفة في أن الإنسان يعمل باختيار وإرادة ولهذا إذا وقع العمل الذي فيه المخالفة من غير إرادة ولا اختيار عفي عنه قال الله تعالى (( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا )) فقال الله ( قد فعلت ) وقال تعالى (( وَلَيسَ عَلَيكُم جُناحٌ فيما أَخطَأتُم بِهِ وَلكِن ما تَعَمَّدَت قُلوبُكُم )) وهذا أمر ولله الحمد ظاهر ولا إشكال فيه إلا على سبيل المنازعة والمخاصمة والمنازعة والمخاصمة منهي عنهما إذا لم يكن المقصود بذلك الوصول إلى الحق.
وقد خرج النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم ذات يوم على أصحابه وهم يتنازعون في القدر فتأثّر من ذلك عليه الصلاة والسلام لأن هذا النزاع لا يؤدّي إلى شيء إلا إلى خصومة وتطاول كلام وغير ذلك وإلا فالأمر واضح ولله الحمد. نعم.
السائل : بارك الله فيكم.