تكلم على حديث : ( بدء الدين غريباً وسيعود غريباً ) . وما يجري في زماننا من المعاصي والبدع . حفظ
الشيخ : هذا شيء ، وشيء ثان ، قد أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بحقيقة نلمسها الآن في هذا الزمان لمس اليد كما يقال ، ذلك قوله صلى الله عليه وسلم ( إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً فطوبى للغرباء ) ، إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً أي كما بدأ ، فطوبى للغرباء ، هذا الحديث هكذا في صحيح مسلم ، ثم جاء في بعض الروايات الأخرى الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم تفسير هؤلاء الغرباء والتفسير جاء على نوعين أحدهما لما قيل له من هم الغرباء يا رسول الله ؟ قال ( هم ناس قليلون صالحون بين ناس كثيرين ، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم ) و هذه الحقيقة لا يشترك في معرفتها خاصة الناس وهم العلماء بل بعض العلماء وإنما كل المتدينين يلمسون هذه الحقيقة وذلك يتضح من السؤال التالي هل أكثر المسلمين اليوم يطيعون الله في أحكام دينهم أم يعصونه ؟؟ يعصون الأكثرون هم المخالفون ، فإذا صدق هذا الحديث ، الغرباء هم ناس قليلون صالحون بين ناس كثيرين ، من يعصهم أكثر ممن يطيعهم الذين لا يصلون أكثر من الذين يصلون ، الذين لا يتقون الله في أنفسهم وفي ذويهم ونساءهم وبناتهم وأولادهم أكثر من الذين يتقون وهكذا ، ولكن هناك شيء آخر ، الغربة ناس قليلون صالحون بين ناس كثيرين من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم ، المعصية قسمان قسم لأمر معروف ثوابه باتفاق المسلمين كالأمثلة السابقة كالصلاة مثلا ، تبرج النساء ، فهذا فرض وذاك محرم ، كل هذا الأحكام متفق عليها بين المسلمين ، مع ذلك فأكثر الناس لها تاركون ومخالفون لكن هناك أحكام أخرى يختلف فيها علماء المسلمين أنفسهم ، يقولون مثلا اختلافهم في البدعة الحسنة والبدعة السيئة مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قد صرح في أكثر من حديث واحد فقال ( وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) وقال في الحديث الآخر ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) مع هذه الأحاديث وغيرها تسمعون اليوم بعض من ينسب إلى العلم يقول لا . هناك بدعة حسنة وهناك خلاف بين طائفتين من خاصة المسلمين وهم العلماء ، فطائفة تقول بقول الرسول ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) وطائفة تقول لا . هذا الحديث ليس على هذا المنوال وإنما هناك بدعة حسنة وأيضا هذا يحتاج إلى درس خاص فلا أستطيع الخوض فيه الآن ، إنما هو التذكير بمعنى هذا الحديث حديث الغربة في روايتين ، نحن الآن في صدد الرواية الأولى ، ( الغرباء هم ناس قليلون صالحون بين ناس كثيرين من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم )، الحديث الثاني سيجلي لنا معنى كامن في الحديث الأول لا يتنبه له كثير من الناس ، لما قيل له عليه السلام من هم الغرباء ؟ قال ( هم الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي من بعدي ) إذا هنا غربتان ، غربة الصالحين بين الجمهور الطالحين ، وغربة ثانية غربة الصالحين في الصالحين ، لأن الصالحين هنا قسمان صالحون اتجهوا إلى عبادة الله قسم منهم على سنة رسول الله ، وقسم منهم خرجوا عن سنة رسول الله من حيث لا يشعرون أو يشعرون حسابهم عند الله تبارك وتعالى ، فالرسول صلى الله عليه وسلم أخبر عن واقعنا في هذا الزمان ، قال ( الغرباء هم الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي من بعدي )