قرأت في الآية الكريمة ( إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا و الآخرة ) بأن فيها دليلا على أن قاذف زوجة الرسول صلى الله عليه و سلم لا توبة له أليس باب التوبة مفتوح إذا تاب العبد وجهونا ؟ حفظ
السائل : قرأت في الآية الكريمة: (( إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ )) قرأت بأن فيها دليلاً على أن قاذف زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم لا توبة له أليس باب التوبة مفتوحاً إذا تاب العبد وجهونا في ضوء هذا السؤال؟
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين من المعلوم أن الله سبحانه وتعالى قال في كتابه العزيز: (( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )) وقال تعالى: (( إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا )) وقال الله تعالى: (( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا )) وقال الله تعالى: (( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ )) يعني بالزنا (( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ )) فبين الله تعالى أن التوبة لها تأثير حتى في رمي المحصنات بالزنا، وأما ما ذكره السائل عن بعض العلماء أن من قذف زوجات النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالزنا فإنها لا تقبل توبتهم فمرادهم أنه لا يرتفع عنه القتل وذلك أن من رمى زوجات النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أو واحدة منهنّ سواء كانت عائشة أو غيرها فإنه كافر مرتد خارج عن الإسلام ولو صلى وصام، ولو حج واعتمر لأنه إذا قذف زوجات النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فالزانية خبيثة بلا شك وقد قال الله تعالى: (( الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ )) وإذا كانت خبيثة وزوجها محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لزم من ذلك أن يكون الرسول وحاشاه خبيثا وعلى هذا يكون قذف واحدة من أمهات المؤمنين كفرا وردة فإذا تاب الإنسان من ذلك قبل الله توبته ولكن يجب أن يقتل للأخذ بالثأر من رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ لا يمكن للمؤمن أن يرضى أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجا للعاهرات فلنا الحق في أن نقتله لأن هذا حق رسولنا صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا نعلم أنه عفا.
وخلاصة ذلك أن الذين قالوا: إن من قذف زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم لا توبة له يريدون بذلك أنه لا يرتفع عنه القتل ولا يريدون أن الله تعالى لا يعفو عنه فإن الله تعالى يقبل توبة كل تائب وإذا أردت أن تعرف مدى عظم قذف إحدى زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم بالزنا فانظر ماذا أنزل الله تعالى في الذين جاؤوا بالإفك من الآيات العظيمة التي هي كالصواعق على من جاء بالإفك انظر إلى قوله تعالى: (( وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ )) يتبين لك مدى عظم قذف زوجات الرسول عليه الصلاة والسلام بالزنا فنسأل الله تعالى أن يبتر لسان من قذف إحدى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم بالزنا وأن يسلط عليه من يقيم عليه الحد إنه على كل شيء قدير.
السائل : جزاكم الله خيرا فضيلة الشيخ.