حدثونا عن أهمية العلم الشرعي بالنسبة لطالب العلم و ماهي الطريقة المثلى لطالب العلم الشرعي و ماذا يجب عليه في حفظ القرآن الكريم و كيف نستطيع أن نفهم العقيدة الإسلامية خاصة إذا كان الشخص وحيدا و لا يوجد من يساعده في ذلك في مسألة الأسماء و الصفات لله عز و جل ؟ حفظ
السائل : فضيلة الشيخ حدثونا عن أهمية العلم الشرعي بالنسبة لطالب العلم ما هي الطريقة المثلى لطالب العلم الشرعي؟ وماذا يجب عليه في حفظ القرآن الكريم؟ وكيف نستطيع أن نفهم العقيدة الإسلامية خاصةً إذا كان الشخص وحيداً وليس لديه من يساعده في ذلك في مسألة الصفات والأسماء لله عز وجل؟
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين طلب العلم الشرعي فرض على كل مسلم لكنه على قسمين الأول: فرض عين والثاني: فرض كفاية.
أما فرض العين فيجب على كل مسلم أن يتعلم من شرع الله ما يحتاج إلى فهمه فمثلا إذا كان عنده مال يجب عليه أن يتعلم ما هي الأموال التي تجب فيها الزكاة؟ وما مقدار الزكاة الواجبة؟ وما شروطها؟ ومن المستحقون لها؟ ليعبد الله تعالى على علم وبصيرة وإذا كان تاجرا فعليه أن يتعلم من أحكام تجارته ما يستعين به على تطبيق التجارة على القواعد الشرعية إذا كان ناظرا على الأوقاف فيجب عليه أن يتعلم من أحكام الأوقاف ما يستعين به على أداء مهمته وهلم جرا.
أما فرض الكفاية: فهو ما عدا ذلك من العلوم الشرعية فإن على الأمة الإسلامية أن تحفظ دينها بتعلم أحكامه وعلى هذا فكل طالب علم يعتبر أنه قائم بفرض كفاية يثاب على طلبه ثواب الفريضة وهذه بشرى سارة لطلاب العلم أن يكونوا حال طلبهم قائمين بفريضة من فرائض الله عز وجل ومن المعلوم أن القيام بالفرائض أحب إلى الله تعالى من القيام بالنوافل كما ثبت في الحديث القدسي الصحيح: ( أن الله تبارك وتعالى قال: ما تقرب إلي عبدي بشيءٍ أحب إلي مما افترضت عليه ).
وأما كيفية الطلب فيبدأ الإنسان بما هو أهم وأهم شيء هو علم كتاب الله عز وجل وفهمه لقول الله تبارك وتعالى: (( أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الأَوَّلِينَ )) أي أنه وبخهم عز وجل لعدم تدبرهم كلام الله عز وجل وقال تعالى: (( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا )) وقال الله تبارك وتعالى: (( كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ )) والتدبر تفهم المعنى ولهذا كان الصحابة رضي الله عنهم لا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل ثم بعد ذلك ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من أقواله وأفعاله وتقريراته ثم ما كتبه أهل العلم مما استنبطوه من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعلى رأسهم وفي مقدمتهم الصحابة رضي الله عنهم فإنهم خير القرون بنص الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهم أقرب الناس إلى فهم كتاب الله وفهم سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وليبدأ في المتون بالمختصرات قبل المطولات لأن طلب العلم كالسلم إلى السقف يبدأ فيه الإنسان من أول درجة ثم يصعد درجة درجة حتى يبلغ الغاية وقولي حتى يبلغ الغاية ليس معناه أن الإنسان يمكن أن يحيط بكل شيء علما هذا لا يمكن (( وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ )) حتى ينتهي العلم إلى الله عز وجل ولكن يبدأ بالأهم فالأهم ويبدأ بالمختصرات قبل المطولات وخير ما نراه في باب الأسماء والصفات من الكتب المختصرة العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية فإنها كعقيدة مختصرة سهلة جامعة نافعة وأكثر ما جاء به في صفات الله من القرآن الكريم وأما كيف تستعمل هذه الأدلة فإن الطريق الصحيح والمنهج السليم فيها أن يجريها الإنسان على ظاهرها اللائق بالله عز وجل فيجريها على ما يدل عليه ظاهرها لكن من غير تمثيل ولا تكييف فإذا قرأ قول الله تعالى وهو يخاطب إبليس: (( مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ )) آمن بأن لله يدين اثنتين حقيقة لا مجازا لكن لا يجوز أن يقول: كيفيتهما كذا وكذا ولا أن يقول أنهما مثل أيدي المخلوقين يعني لا يمثل ولا يكيف، وكذلك إذا قرأ قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( ما من قلب من قلوب بني أدم إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن ) فيثبت لله عز وجل أصابع حقيقة ولكن لا يمثل ولا يكيف فلا يقول: إن أصابع الله عز وجل كأصابع المخلوق ولا يكيف صفة معينة يقدرها في ذهنه لهذه الأصابع ودليل هذا أن الله سبحانه وتعالى خاطبنا في القرآن باللغة العربية فما دل عليه اللفظ بمقتضى اللغة العربية فهو ثابت لقوله تعالى: (( إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ )) وقوله تعالى: (( نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ )) فبيّن الله تعالى أنه أنزل القرآن وصيره باللغة العربية من أجل أن نعقله ونفهمه وهذه هي القاعدة في إرسال الله الرسل يرسلهم الله تعالى بلغة أقوامهم ليبينوا لهم قال الله تعالى: (( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ )) فنجري آيات الصفات على ما تقتضيه اللغة العربية لكننا لا نمثل ولا نكيف أما عدم التمثيل فلأن الله تعالى نهانا أن نضرب له المثل فقال: (( فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ أن اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ )) وأخبرنا عز وجل أنه لا مثل له فقال تعالى: (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ )) وقال تعالى: (( رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا )) وبهذه الآيات يتبين أنه لا يحل لنا أن نمثل بصفات الله عز وجل وأما امتناع التكييف بأن نقول: كيفية يده كذا كيفية أصابعه كذا فلقول الله تعالى: (( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا )) ولقوله تعالى: (( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ )) ومن المعلوم أن الله تعالى أخبرنا عن صفاته ولم يخبرنا عن كيفيتها فإذا حاولنا أن نكيف صرنا ممن افترى على الله كذبا هذه هي القاعدة في باب أسماء الله وصفاته فلو قال لك قائل المراد باليدين النعمة أو القدرة فبكل سهولة أنت قل هذا باطل لأن هذا خلاف مدلولهما في اللغة العربية والقرآن نزل باللغة العربية ولا نقبل هذا التحريف إلا بدليل من كتاب الله أو سنة رسوله أو أقوال السلف وإذا قال لك قائل: المراد باستواء الله على العرش استيلاؤه عليه فقل هذا باطل لأن الاستواء على الشيء لا يعني الاستيلاء عليه في اللغة العربية والقرآن نزل باللغة العربية ومعنى الاستواء على الشيء في اللغة العلو عليه علوا خاصا ليس العلو المطلق العام الشامل وإذا قال لك قائل: (( وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ )) أي يبقى ثواب الله فقل: هذا باطل لأن الله وصف الوجه بالجلال والإكرام فقال: (( وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ )) وذو صفة الوجه ومعلوم أن الثواب لا يوصف بأنه ذو الجلال والإكرام وسر على هذا المنهج تسلم من البدع الضالة فإن النبي صلى الله عليه وسلم حذر من البدع قال: ( إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة ) والعجب أن هؤلاء المحرفين الذين يقولون المراد باليد النعمة أو القدرة والمراد بالوجه الثواب والمراد بالاستواء الاستيلاء يدعون أنهم فعلوا ذلك تنزيها لله عما لا يليق به وفي الحقيقة أنهم بفعلهم هذا وصفوا الله بما لا يليق به فقد أخبر عن شيء هو في نظرهم غير صحيح فيكون في كلام الله إما الكذب وإما التلبيس والتعمية على الخلق والله عز وجل يقول: (( يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ )) ويقول عز وجل: (( يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )) فالله عز وجل قد بين لنا في القرآن كل شيء ولا سيما ما يتعلق بأسمائه وصفاته فقد بينه الله تعالى بيانا كافيا شافيا ولا يحتاج إلى أقيسة هؤلاء التي يدعونها عقلية وهي خيالات وهمية ثم إني أنصح من أراد طلب العلم أن يختار شيخا له موثوقا في علمه وموثوقا في دينه سليم العقيدة سليم المنهج مستقيم الاتجاه لأن التلميذ سيكون نسخة من أستاذه فإن وفق الله له أستاذا سليما مستقيما صار على نهجه وإن كانت الأخرى فسينحرف كما انحرف أستاذه فإذا قدر أنه لا يستطيع الوصول إلى مثل هذا الأستاذ الموصوف بما ذكرنا فقد اتسع الأمر ولله الحمد في الآونة الأخيرة وصارت أصوات العلماء تصل إلى أقصى الدنيا عبر الشريط فيمكنه أن يقرأ على الأستاذ بما يسمعه من الشريط ويقيد ما يشكل عليه من الكلام ويراجع به الأستاذ المتكلم إما عن طريق الهاتف أو عن طريق الفاكس أو عن طريق المكاتبة فكل شيء متيسر ولله الحمد ومعلوم أن تلقي العلم عن الشيخ أقرب إلى التحصيل وأسرع وأسلم من الزلل ولهذا نجد الذين يعتمدون على مجرد قراءة الكتب يحصل منهم الخطأ الكثير ولا يصلون إلى الغاية من العلم إلا بعد زمن طويل لكن عند الضرورة لا بأس أن تستند إلى الكتب وإلى الأشرطة وما أشبه ذلك بشرط أن تكون هذه الأشرطة والكتب عن مأمون في علمه ودينه ومنهجه.
السائل : بارك الله فيكم.
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين طلب العلم الشرعي فرض على كل مسلم لكنه على قسمين الأول: فرض عين والثاني: فرض كفاية.
أما فرض العين فيجب على كل مسلم أن يتعلم من شرع الله ما يحتاج إلى فهمه فمثلا إذا كان عنده مال يجب عليه أن يتعلم ما هي الأموال التي تجب فيها الزكاة؟ وما مقدار الزكاة الواجبة؟ وما شروطها؟ ومن المستحقون لها؟ ليعبد الله تعالى على علم وبصيرة وإذا كان تاجرا فعليه أن يتعلم من أحكام تجارته ما يستعين به على تطبيق التجارة على القواعد الشرعية إذا كان ناظرا على الأوقاف فيجب عليه أن يتعلم من أحكام الأوقاف ما يستعين به على أداء مهمته وهلم جرا.
أما فرض الكفاية: فهو ما عدا ذلك من العلوم الشرعية فإن على الأمة الإسلامية أن تحفظ دينها بتعلم أحكامه وعلى هذا فكل طالب علم يعتبر أنه قائم بفرض كفاية يثاب على طلبه ثواب الفريضة وهذه بشرى سارة لطلاب العلم أن يكونوا حال طلبهم قائمين بفريضة من فرائض الله عز وجل ومن المعلوم أن القيام بالفرائض أحب إلى الله تعالى من القيام بالنوافل كما ثبت في الحديث القدسي الصحيح: ( أن الله تبارك وتعالى قال: ما تقرب إلي عبدي بشيءٍ أحب إلي مما افترضت عليه ).
وأما كيفية الطلب فيبدأ الإنسان بما هو أهم وأهم شيء هو علم كتاب الله عز وجل وفهمه لقول الله تبارك وتعالى: (( أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الأَوَّلِينَ )) أي أنه وبخهم عز وجل لعدم تدبرهم كلام الله عز وجل وقال تعالى: (( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا )) وقال الله تبارك وتعالى: (( كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ )) والتدبر تفهم المعنى ولهذا كان الصحابة رضي الله عنهم لا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل ثم بعد ذلك ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من أقواله وأفعاله وتقريراته ثم ما كتبه أهل العلم مما استنبطوه من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعلى رأسهم وفي مقدمتهم الصحابة رضي الله عنهم فإنهم خير القرون بنص الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهم أقرب الناس إلى فهم كتاب الله وفهم سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وليبدأ في المتون بالمختصرات قبل المطولات لأن طلب العلم كالسلم إلى السقف يبدأ فيه الإنسان من أول درجة ثم يصعد درجة درجة حتى يبلغ الغاية وقولي حتى يبلغ الغاية ليس معناه أن الإنسان يمكن أن يحيط بكل شيء علما هذا لا يمكن (( وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ )) حتى ينتهي العلم إلى الله عز وجل ولكن يبدأ بالأهم فالأهم ويبدأ بالمختصرات قبل المطولات وخير ما نراه في باب الأسماء والصفات من الكتب المختصرة العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية فإنها كعقيدة مختصرة سهلة جامعة نافعة وأكثر ما جاء به في صفات الله من القرآن الكريم وأما كيف تستعمل هذه الأدلة فإن الطريق الصحيح والمنهج السليم فيها أن يجريها الإنسان على ظاهرها اللائق بالله عز وجل فيجريها على ما يدل عليه ظاهرها لكن من غير تمثيل ولا تكييف فإذا قرأ قول الله تعالى وهو يخاطب إبليس: (( مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ )) آمن بأن لله يدين اثنتين حقيقة لا مجازا لكن لا يجوز أن يقول: كيفيتهما كذا وكذا ولا أن يقول أنهما مثل أيدي المخلوقين يعني لا يمثل ولا يكيف، وكذلك إذا قرأ قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( ما من قلب من قلوب بني أدم إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن ) فيثبت لله عز وجل أصابع حقيقة ولكن لا يمثل ولا يكيف فلا يقول: إن أصابع الله عز وجل كأصابع المخلوق ولا يكيف صفة معينة يقدرها في ذهنه لهذه الأصابع ودليل هذا أن الله سبحانه وتعالى خاطبنا في القرآن باللغة العربية فما دل عليه اللفظ بمقتضى اللغة العربية فهو ثابت لقوله تعالى: (( إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ )) وقوله تعالى: (( نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ )) فبيّن الله تعالى أنه أنزل القرآن وصيره باللغة العربية من أجل أن نعقله ونفهمه وهذه هي القاعدة في إرسال الله الرسل يرسلهم الله تعالى بلغة أقوامهم ليبينوا لهم قال الله تعالى: (( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ )) فنجري آيات الصفات على ما تقتضيه اللغة العربية لكننا لا نمثل ولا نكيف أما عدم التمثيل فلأن الله تعالى نهانا أن نضرب له المثل فقال: (( فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ أن اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ )) وأخبرنا عز وجل أنه لا مثل له فقال تعالى: (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ )) وقال تعالى: (( رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا )) وبهذه الآيات يتبين أنه لا يحل لنا أن نمثل بصفات الله عز وجل وأما امتناع التكييف بأن نقول: كيفية يده كذا كيفية أصابعه كذا فلقول الله تعالى: (( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا )) ولقوله تعالى: (( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ )) ومن المعلوم أن الله تعالى أخبرنا عن صفاته ولم يخبرنا عن كيفيتها فإذا حاولنا أن نكيف صرنا ممن افترى على الله كذبا هذه هي القاعدة في باب أسماء الله وصفاته فلو قال لك قائل المراد باليدين النعمة أو القدرة فبكل سهولة أنت قل هذا باطل لأن هذا خلاف مدلولهما في اللغة العربية والقرآن نزل باللغة العربية ولا نقبل هذا التحريف إلا بدليل من كتاب الله أو سنة رسوله أو أقوال السلف وإذا قال لك قائل: المراد باستواء الله على العرش استيلاؤه عليه فقل هذا باطل لأن الاستواء على الشيء لا يعني الاستيلاء عليه في اللغة العربية والقرآن نزل باللغة العربية ومعنى الاستواء على الشيء في اللغة العلو عليه علوا خاصا ليس العلو المطلق العام الشامل وإذا قال لك قائل: (( وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ )) أي يبقى ثواب الله فقل: هذا باطل لأن الله وصف الوجه بالجلال والإكرام فقال: (( وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ )) وذو صفة الوجه ومعلوم أن الثواب لا يوصف بأنه ذو الجلال والإكرام وسر على هذا المنهج تسلم من البدع الضالة فإن النبي صلى الله عليه وسلم حذر من البدع قال: ( إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة ) والعجب أن هؤلاء المحرفين الذين يقولون المراد باليد النعمة أو القدرة والمراد بالوجه الثواب والمراد بالاستواء الاستيلاء يدعون أنهم فعلوا ذلك تنزيها لله عما لا يليق به وفي الحقيقة أنهم بفعلهم هذا وصفوا الله بما لا يليق به فقد أخبر عن شيء هو في نظرهم غير صحيح فيكون في كلام الله إما الكذب وإما التلبيس والتعمية على الخلق والله عز وجل يقول: (( يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ )) ويقول عز وجل: (( يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )) فالله عز وجل قد بين لنا في القرآن كل شيء ولا سيما ما يتعلق بأسمائه وصفاته فقد بينه الله تعالى بيانا كافيا شافيا ولا يحتاج إلى أقيسة هؤلاء التي يدعونها عقلية وهي خيالات وهمية ثم إني أنصح من أراد طلب العلم أن يختار شيخا له موثوقا في علمه وموثوقا في دينه سليم العقيدة سليم المنهج مستقيم الاتجاه لأن التلميذ سيكون نسخة من أستاذه فإن وفق الله له أستاذا سليما مستقيما صار على نهجه وإن كانت الأخرى فسينحرف كما انحرف أستاذه فإذا قدر أنه لا يستطيع الوصول إلى مثل هذا الأستاذ الموصوف بما ذكرنا فقد اتسع الأمر ولله الحمد في الآونة الأخيرة وصارت أصوات العلماء تصل إلى أقصى الدنيا عبر الشريط فيمكنه أن يقرأ على الأستاذ بما يسمعه من الشريط ويقيد ما يشكل عليه من الكلام ويراجع به الأستاذ المتكلم إما عن طريق الهاتف أو عن طريق الفاكس أو عن طريق المكاتبة فكل شيء متيسر ولله الحمد ومعلوم أن تلقي العلم عن الشيخ أقرب إلى التحصيل وأسرع وأسلم من الزلل ولهذا نجد الذين يعتمدون على مجرد قراءة الكتب يحصل منهم الخطأ الكثير ولا يصلون إلى الغاية من العلم إلا بعد زمن طويل لكن عند الضرورة لا بأس أن تستند إلى الكتب وإلى الأشرطة وما أشبه ذلك بشرط أن تكون هذه الأشرطة والكتب عن مأمون في علمه ودينه ومنهجه.
السائل : بارك الله فيكم.