أنا فتاة أعاني من معاملة والدي القاسية و من ظلمه و جبروته إلى درجة أنها أحيانا تشك في أبوته مما تسمع منه من كلام جارح و أنا أكرهه كثيرا و لكن أدعو له بالهداية و كثيرا ما أقع في سبه و الكلام في غيبته ثم أستغفر له و أدعو له و أنا أتهرب منه لا أحب أن أواجهه و هو أيضا لا يسأل عني و أنا أحاول طاعته و حاولت إعطاء النصيحة له و لكنني لم أجد الجرأة الكافية لذلك و هو لا يعطي لأحدنا الفرصة لمواجهته و هو لا يستجيب لأهله بل لرفقاء السوء دون تفكير مع العلم بأنه مثقف و يردد أحاديث هي تناقض فعله فهل علي إثم في عدم محادثته و التهرب منه حيث أن ذلك رغم إرادتي و هل يعتبر ذلك من العقوق ؟ حفظ
السائل : السائلة تقول : تذكر بأنها فتاة تعاني من معاملة والدها القاسية ومن ظلمه وقهره وجبروته لدرجة أنها أحياناً تشك في أبوته مما تراه منه وتسمعه من كلامه الجارح تقول: ولا أخفي عليكم فإنني أكرهه كثيراً ولكني في نفس الوقت أدعو له بالهداية دائماً وكثيراً ما أقع في سبه والكلام في غيبته وأتدارك فعلي هذا بالاستغفار له وبالدعاء له، ولا أحب أن أواجهه بل أتهرب منه وهو أيضاً لا يسأل عني ولا يهتم بأمري ولكنني أحاول بقدر الإمكان أن أقوم بطاعته إذا أمرني حاولت مراراً تقديم النصيحة له لكنني لم أجد الجرأة الكافية وهو أيضاً لا يعطي لأحدنا فرصة لمواجهته ولا يستجيب لا لأهله ولا لغيرهم بل يفعل ما يمليه عليه رفقاء السوء دون أن يفكر هل ما يفعله صحيح أم خطأ دون النظر لعواقب الأمور وأفيدكم علماً بأنه مثقف ودائماً ما يردد بعض الأحاديث والعجيب أن تلك الأحاديث تناقض فعله وسؤالي يا فضيلة الشيخ محمد هل عليّ إثم في عدم محادثته والتهرب منه حيث أن ذلك رغم إرادتي؟ وجهوني في ضوء ذلك وهل يعتبر ذلك من العقوق؟
الشيخ : من المعلوم أن للوالدين حقا وللأولاد حقا للوالدين حق على أولادهم من ذكور وإناث وللأولاد حق على آبائهم وأمهاتهم، ولكنّ حق الوالدين على الأولاد أعظم من حق الأولاد على الوالدين لهذا أو أنصحك أولا: بالصبر على ما يحصل من أبيك من الأذية والجور والظلم وأرجو لك بذلك الصبر والاحتساب ثوابا من عند الله عزّ وجل ثانيا لا تقاطعيه إذا حصل منه هذا الشيء بل صليه وبري به وأنت الرابحة، أما بالنسبة للأب فإني أنصحه بأن يكون عونا لأولاده من ذكور وإناث على برّه وأن يتلطف إليهم وأن يكون رفيقا بهم وليعلم أن التعسف والجور والظلم على البنات من أعمال الجاهلية فإن أهل الجاهلية هم الذين يكرهون الإناث ويكرهون وجودهنّ حتى إن أحدهم (( وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ )) كانوا في الجاهلية من كراهتهم للنساء إذا ولد للإنسان مولودة ذهب يحفر لها ويدفنها وهي حية والعياذ بالله حتى ذكروا أن بعضهم كان يدع البنت إلى أن تميز أو تكون قريبة من التمييز ثم يخرج بها إلى البر ويحفر لها الحفرة فإذا أصاب لحيته شيء من التراب جعلت تنفض لحيته وتنقيها من التراب وهو يحفر لها الحفرة ليدفنها والعياذ بالله ثم يدفنها وأن بعضهم تستغيث به ابنته إذا رأته ألقاها في الحفرة تستغيث به يا أبت يا أبت ولكنه لا يرق لها بل يرمسها والعياذ بالله، وهذه القلوب أقسى من قلوب الذئاب فكل إنسان يكره النساء ويعاملهن المعاملة السيئة ففيه شبه من أهل الجاهلية فنصيحتي لهذا الأب: أن يتقي الله عز وجل فيما رزقه الله من الإناث وأن يعلم أنه إذا صبر عليهنّ وأدبهنّ كنّ له حجابا من النار كما جاءت بذلك السنة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فليرفق بهن لعلّ الله أن يرفق به إذا لاقاه يوم القيامة.
السائل : جزاكم الله خيرا.