ورد قوله تعالى في سورة فاطر ( إنما يخشى الله من عباده العلماء ) و تفسير الآية في سورة البقرة ( و اتقوا الله و يعلمكم الله ) هل تأتي التقوى قبل العلم أم العلم قبل التقوى و كيف تكون التقوى بدون علم بناء على ما جاء في تفسير الآية الكريمة ( واتقوا الله ) أي خافوه و راقبوه و اتبعوا أمره و اتركوا زجره ؟ حفظ
السائل : هذا سائل للبرنامج الحقيقة أرسل بمجموعة من الأسئلة يقول في هذا السؤال في الأية الكريمة في سورة فاطر (( إِنَّما يَخشَى اللَّهَ مِن عِبادِهِ العُلَماءُ )) وتفسير الأية في سورة البقرة (( وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ )) هل تأتي التقوى قبل العلم أم العلم قبل التقوى وكيف تكون التقوى بدون علم بناء على ما جاء في تفسير الأية الكريمة (( وَاتَّقُوا اللَّهَ )) أي خافوه وراقبوه واتبعوا أمره واتركوا زجره جزاكم الله خيرا؟
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى ءاله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، قال الله تبارك وتعالى (( إِنَّما يَخشَى اللَّهَ مِن عِبادِهِ العُلَماءُ )) والخشية قوة الخوف من الله تبارك وتعالى لكمال عظمته وسلطانه وهذا لا يتأتى إلا من شخص عالم بالله وأسمائه وصفاته ولهذا قال (( إِنَّما يَخشَى اللَّهَ مِن عِبادِهِ العُلَماءُ )) أي ما يخشاه الخشية التامة إلا العلماء والمراد العلماء بالله وأسمائه وصفاته وأحكامه وليس العلماء بطبقات الأرض وأجواء السماء وعلم الفيزياء وما أشبه ذلك فإن هؤلاء علومهم لا تؤثر عليهم بالنسبة لخشية الله ولهذا نجد من هؤلاء العلماء الكبار الذين هم رؤوس في الكفر والعياذ بالله لكن المراد بالعلماء هنا العلماء بالله وأسمائه وصفاته وأحكامه فهم الذين يخشون الله تعالى حق خشيته والخشية مبنيّة على العلم فكلما كان الإنسان أعلم بالله كان أشد خشية لله وأعظم محبة له تبارك وتعالى وأما قوله تعالى (( وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ )) فإن كثيرا من الناس يظنون أن قوله (( وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ )) مبني على قوله (( وَاتَّقُوا اللَّهَ )) وليس كذلك بل الأمر بتقوى الله أمر مستقل ولا يُمكن تقوى الله إلا بالعلم بالله وقد ترجم البخاري رحمه الله على هذا المعنى في قوله في صحيحه باب العلم قبل القول والعمل ثم استدل لذلك بقول الله تعالى (( فَاعلَم أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَاستَغفِر لِذَنبِكَ وَلِلمُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ )) وعلى هذا فلا تعارض بين الأيتين لأن قوله (( وَاتَّقُوا اللَّهَ )) أمر مستقل بالتقوى ولا يمكن أن يتقي الإنسان ربه إلا إذا علم ما يتقيه أما قوله (( وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ )) فهي جملة مستأنفة تفيد أن العلم الذي نناله إنما هو من عند الله وحده فلا علم لنا إلا ما علّمنا الله تبارك وتعالى.
وتعليم الله إيانا نوعان غريزي وكسبي.
فالغريزي هو ما يؤتيه الله تعالى للعبد من العلم الذي لا يحتاج إلى تعلّم، أرأيت الصبي تلده أمه ويهتدي كيف يتناول ثديها ليرضع منه بدون أن يُعلّمه أحد وكذلك البهائم تعلم ما ينفعها مما يضرّها دون أن يسبق لها تعليم من أحد.
وأما التعليم الكسبي فهو ما يورثه الله العبد بتعلّمه بالعلم وتعاطي أسبابه حيث يتعلّم على المشايخ ومن بطون الكتب ومن أصوات أشرطة التسجيل وغير ذلك ولهذا لما سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن الروح ما هي مع أنها مادة الحياة ولا حياة للبدن إلا بها أمر الله نبيه أن يقول (( الرّوحُ مِن أَمرِ رَبّي وَما أوتيتُم مِنَ العِلمِ إِلّا قَليلًا )) وهذا يتضمن توبيخهم عن السؤال عن الروح كأنه قال الروح من أمر الله وما بقي عليكم أن تسألوا عن شيء إلا عن الروح، ما بقي عليكم من العلوم أن تدركوه إلا علم الروح ولهذا قال (( وَما أوتيتُم مِنَ العِلمِ إِلّا قَليلًا )) والحاصل أن قوله (( إِنَّما يَخشَى اللَّهَ مِن عِبادِهِ العُلَماءُ )) تفيد أن من كان بالله أعلم كان له أخشى.
وأما ءاية البقرة (( وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ )) فليس فيها أن التقوى مقدّمة على العلم لأنه لا يمكن تقوى إلا بعلم ما يُتقى وأن الجملة (( وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ )) ليس لها ارتباط بما قبلها. نعم.
السائل : أحسن الله إليكم وبارك فيكم فضيلة الشيخ.
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى ءاله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، قال الله تبارك وتعالى (( إِنَّما يَخشَى اللَّهَ مِن عِبادِهِ العُلَماءُ )) والخشية قوة الخوف من الله تبارك وتعالى لكمال عظمته وسلطانه وهذا لا يتأتى إلا من شخص عالم بالله وأسمائه وصفاته ولهذا قال (( إِنَّما يَخشَى اللَّهَ مِن عِبادِهِ العُلَماءُ )) أي ما يخشاه الخشية التامة إلا العلماء والمراد العلماء بالله وأسمائه وصفاته وأحكامه وليس العلماء بطبقات الأرض وأجواء السماء وعلم الفيزياء وما أشبه ذلك فإن هؤلاء علومهم لا تؤثر عليهم بالنسبة لخشية الله ولهذا نجد من هؤلاء العلماء الكبار الذين هم رؤوس في الكفر والعياذ بالله لكن المراد بالعلماء هنا العلماء بالله وأسمائه وصفاته وأحكامه فهم الذين يخشون الله تعالى حق خشيته والخشية مبنيّة على العلم فكلما كان الإنسان أعلم بالله كان أشد خشية لله وأعظم محبة له تبارك وتعالى وأما قوله تعالى (( وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ )) فإن كثيرا من الناس يظنون أن قوله (( وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ )) مبني على قوله (( وَاتَّقُوا اللَّهَ )) وليس كذلك بل الأمر بتقوى الله أمر مستقل ولا يُمكن تقوى الله إلا بالعلم بالله وقد ترجم البخاري رحمه الله على هذا المعنى في قوله في صحيحه باب العلم قبل القول والعمل ثم استدل لذلك بقول الله تعالى (( فَاعلَم أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَاستَغفِر لِذَنبِكَ وَلِلمُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ )) وعلى هذا فلا تعارض بين الأيتين لأن قوله (( وَاتَّقُوا اللَّهَ )) أمر مستقل بالتقوى ولا يمكن أن يتقي الإنسان ربه إلا إذا علم ما يتقيه أما قوله (( وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ )) فهي جملة مستأنفة تفيد أن العلم الذي نناله إنما هو من عند الله وحده فلا علم لنا إلا ما علّمنا الله تبارك وتعالى.
وتعليم الله إيانا نوعان غريزي وكسبي.
فالغريزي هو ما يؤتيه الله تعالى للعبد من العلم الذي لا يحتاج إلى تعلّم، أرأيت الصبي تلده أمه ويهتدي كيف يتناول ثديها ليرضع منه بدون أن يُعلّمه أحد وكذلك البهائم تعلم ما ينفعها مما يضرّها دون أن يسبق لها تعليم من أحد.
وأما التعليم الكسبي فهو ما يورثه الله العبد بتعلّمه بالعلم وتعاطي أسبابه حيث يتعلّم على المشايخ ومن بطون الكتب ومن أصوات أشرطة التسجيل وغير ذلك ولهذا لما سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن الروح ما هي مع أنها مادة الحياة ولا حياة للبدن إلا بها أمر الله نبيه أن يقول (( الرّوحُ مِن أَمرِ رَبّي وَما أوتيتُم مِنَ العِلمِ إِلّا قَليلًا )) وهذا يتضمن توبيخهم عن السؤال عن الروح كأنه قال الروح من أمر الله وما بقي عليكم أن تسألوا عن شيء إلا عن الروح، ما بقي عليكم من العلوم أن تدركوه إلا علم الروح ولهذا قال (( وَما أوتيتُم مِنَ العِلمِ إِلّا قَليلًا )) والحاصل أن قوله (( إِنَّما يَخشَى اللَّهَ مِن عِبادِهِ العُلَماءُ )) تفيد أن من كان بالله أعلم كان له أخشى.
وأما ءاية البقرة (( وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ )) فليس فيها أن التقوى مقدّمة على العلم لأنه لا يمكن تقوى إلا بعلم ما يُتقى وأن الجملة (( وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ )) ليس لها ارتباط بما قبلها. نعم.
السائل : أحسن الله إليكم وبارك فيكم فضيلة الشيخ.