لقد خاض و تاه الكثير من الشباب في مسألة العذر بالجهل متى يعذر الجاهل بجهله و ماهي المراجع في هذه المسألة و هل وقع خلاف قديم بين السلف فيها و هل هو معتبر ؟ حفظ
السائل : من ضمن أسئلة هذا السائل فضيلة الشيخ يقول لقد خاض وتاه الكثير من الشباب في مسألة العذر بالجهل متى يُعذر الجاهل بجهله ودلونا على مراجع في هذه المسألة التي أثيرت وهل وقع خلاف قديم بين السلف وهل هو معتبر أم لا جزاكم الله خيرا؟
الشيخ : العذر بالجهل ثابت بالقرءان وثابت بالسنّة أيضا وهو مقتضى حكمة الله عز وجل ورحمته يقول الله تبارك وتعالى (( وَما كانَ رَبُّكَ مُهلِكَ القُرى حَتّى يَبعَثَ في أُمِّها رَسولًا يَتلو عَلَيهِم ءاياتِنا وَما كُنّا مُهلِكِي القُرى إِلّا وَأَهلُها ظالِمونَ )) ويقول الله تعالى (( إِنّا أَوحَينا إِلَيكَ كَما أَوحَينا إِلى نوحٍ وَالنَّبِيّينَ مِن بَعدِهِ )) إلى قوله (( رُسُلًا مُبَشِّرينَ وَمُنذِرينَ لِئَلّا يَكونَ لِلنّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعدَ الرُّسُلِ )) ولقول الله تبارك وتعالى (( وَما كُنّا مُعَذِّبينَ حَتّى نَبعَثَ رَسولًا )) ولقول الله تعالى (( وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَومًا بَعدَ إِذ هَداهُم حَتّى يُبَيِّنَ لَهُم ما يَتَّقونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيءٍ عَليمٌ )) والأيات في هذا عديدة كلها تدل على أنه لا كفر إلا بعد علم وهذا مقتضى حكمة الله ورحمته إذ أن الجاهل معذور وكيف يؤاخذه الله عز وجل وهو أرحم الراحمين وهو أرحم بالعبد من الوالدة بولدها على شيء لم يعلمه.
فمن شرط التكفير بما يُكفّر من قول أو عمل أن يكون عن علم وأن يكون عن قصد أيضا فلو لم يقصده الإنسان بل سبق لسانه إليه لشدّة غضب أو لشدة فرح أو لتأويل تأوّله فإنه لا يكون كافرا عند الله عز وجل يدل لهذا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لله أشد فرحا بتوبة عبده من أحدكم كان في فلاة من الأرض ومعه راحلته عليها طعامه وشرابه فأضلّها أي ضاعت منه فطلبها فلم يجدها فاضطجع تحت شجرة ينتظر الموت أيس منها فإذا براحلته عنده فأخذ بخطامها وقال اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح ) وهذا خطأ عظيم هو في نفسه كفر لكن الرجل ما قصده لكن لشدة الفرح سبق لسانه إلى هذا ولم يكن بذلك كافرا لأنه لم يقصد ما يقول.
وكذلك أخبر النبي عليه الصلاة والسلام عن رجل كان مسرفا على نفسه وخاف من الله تعالى أن يُعاقبه فأمر أهله إذا مات أن يحرقوه ويذروه في اليم ظنا منه أنه يتغيّب عن عذاب الله ولكن الله تعالى جمعه بعد وسأله لمَ فعل هذا قال يا رب خوفا منك فغفر الله له مع أنه كان شاكا في قدرة الله والشك في قدرة الله كفر لكنه متأوّل وجاهل فعفا الله عنه.
وليُعلم أن مسألة التكفير أصلها وشروطها لا يأخذها الإنسان من عقله وفكره وذوقه فيكفّر من شاء ويعصم من شاء، الأمر في التكفير وعدم التكفير إلى الله عز وجل كما أن الحكم بالوجوب أو التحريم أو التحليل إلى الله وحده كما قال تعالى (( وَلا تَقولوا لِما تَصِفُ أَلسِنَتُكُمُ الكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ لِتَفتَروا عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ )) فالأمر في التكفير والعصمة إلى الله تبارك وتعالى وأعني بالعصمة يعني الإسلام الذي يعصم الإنسان به دمه وماله هو إلى الله، إلى الله وحده فلا يجوز إطلاق الكفر على شخص لم تثبت في حقه شروط التكفير وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أن من دعا رجلا بالكفر أو قال يا عدو الله وليس كذلك فإنه يعود هذا الكلام على قائله يكون هو الكافر وهو عدو الله فليحذر الإنسان من إطلاق التكفير على من لم يُكفّره الله ورسوله وليحذر من إطلاق عداوة الله على من لم يكن عدوا لله ورسوله وليحبس لسانه فإن اللسان ءافة الآفات ولهذا لما حدّث النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل بما حدّثه به عن الإسلام قال له عليه الصلاة والسلام ( ألا أخبرك بمِلاك ذلك كله ) قال بلى يا رسول الله فأمسك النبي صلى الله عليه وسلم بلسان نفسه وقال ( كفّ عليك هذا ) يعني لا تُطلقه احبسه قيّده فقال يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلّم به؟ يعني هل نحن مؤاخذون بما نتكلّم به فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكُب الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم ) ولهذا يجب على الإنسان أن يكُف لسانه عما حرّم الله وأن لا يقول إذا قال إلا خيرا لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليقل خيرا أو ليصمت ) .
والخلاصة أن مسألة التكفير والعصمة ليست إلينا بل هي إلى الله ورسوله فمن كفّره الله ورسوله فهو كافر ومن لم يكفّره الله ورسوله فليس بكافر حتى وإن عظُمت ذنوبه في مفهومنا وفي أذواقنا، الأمر ليس إلينا الأمر في هذه الأمور إلى الله ورسوله.
ولابد للتكفير من شروط معلومة عند أهل العلم ومن أوْسع ما قرأت في هذا ما كتبه شيخ الإسلام رحمه الله في فتاويه وفي كتبه المستقلّة فأنصح السائل وغير السائل أن يرجع إلى كلام شيخ الإسلام ابن تيمية لأنه وأقولها شهادة عند الله أوْفى من رأيت كلاما في هذه المسألة العظيمة. نعم.
السائل : أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ محمد على هذا البيان.
الشيخ : العذر بالجهل ثابت بالقرءان وثابت بالسنّة أيضا وهو مقتضى حكمة الله عز وجل ورحمته يقول الله تبارك وتعالى (( وَما كانَ رَبُّكَ مُهلِكَ القُرى حَتّى يَبعَثَ في أُمِّها رَسولًا يَتلو عَلَيهِم ءاياتِنا وَما كُنّا مُهلِكِي القُرى إِلّا وَأَهلُها ظالِمونَ )) ويقول الله تعالى (( إِنّا أَوحَينا إِلَيكَ كَما أَوحَينا إِلى نوحٍ وَالنَّبِيّينَ مِن بَعدِهِ )) إلى قوله (( رُسُلًا مُبَشِّرينَ وَمُنذِرينَ لِئَلّا يَكونَ لِلنّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعدَ الرُّسُلِ )) ولقول الله تبارك وتعالى (( وَما كُنّا مُعَذِّبينَ حَتّى نَبعَثَ رَسولًا )) ولقول الله تعالى (( وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَومًا بَعدَ إِذ هَداهُم حَتّى يُبَيِّنَ لَهُم ما يَتَّقونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيءٍ عَليمٌ )) والأيات في هذا عديدة كلها تدل على أنه لا كفر إلا بعد علم وهذا مقتضى حكمة الله ورحمته إذ أن الجاهل معذور وكيف يؤاخذه الله عز وجل وهو أرحم الراحمين وهو أرحم بالعبد من الوالدة بولدها على شيء لم يعلمه.
فمن شرط التكفير بما يُكفّر من قول أو عمل أن يكون عن علم وأن يكون عن قصد أيضا فلو لم يقصده الإنسان بل سبق لسانه إليه لشدّة غضب أو لشدة فرح أو لتأويل تأوّله فإنه لا يكون كافرا عند الله عز وجل يدل لهذا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لله أشد فرحا بتوبة عبده من أحدكم كان في فلاة من الأرض ومعه راحلته عليها طعامه وشرابه فأضلّها أي ضاعت منه فطلبها فلم يجدها فاضطجع تحت شجرة ينتظر الموت أيس منها فإذا براحلته عنده فأخذ بخطامها وقال اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح ) وهذا خطأ عظيم هو في نفسه كفر لكن الرجل ما قصده لكن لشدة الفرح سبق لسانه إلى هذا ولم يكن بذلك كافرا لأنه لم يقصد ما يقول.
وكذلك أخبر النبي عليه الصلاة والسلام عن رجل كان مسرفا على نفسه وخاف من الله تعالى أن يُعاقبه فأمر أهله إذا مات أن يحرقوه ويذروه في اليم ظنا منه أنه يتغيّب عن عذاب الله ولكن الله تعالى جمعه بعد وسأله لمَ فعل هذا قال يا رب خوفا منك فغفر الله له مع أنه كان شاكا في قدرة الله والشك في قدرة الله كفر لكنه متأوّل وجاهل فعفا الله عنه.
وليُعلم أن مسألة التكفير أصلها وشروطها لا يأخذها الإنسان من عقله وفكره وذوقه فيكفّر من شاء ويعصم من شاء، الأمر في التكفير وعدم التكفير إلى الله عز وجل كما أن الحكم بالوجوب أو التحريم أو التحليل إلى الله وحده كما قال تعالى (( وَلا تَقولوا لِما تَصِفُ أَلسِنَتُكُمُ الكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ لِتَفتَروا عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ )) فالأمر في التكفير والعصمة إلى الله تبارك وتعالى وأعني بالعصمة يعني الإسلام الذي يعصم الإنسان به دمه وماله هو إلى الله، إلى الله وحده فلا يجوز إطلاق الكفر على شخص لم تثبت في حقه شروط التكفير وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أن من دعا رجلا بالكفر أو قال يا عدو الله وليس كذلك فإنه يعود هذا الكلام على قائله يكون هو الكافر وهو عدو الله فليحذر الإنسان من إطلاق التكفير على من لم يُكفّره الله ورسوله وليحذر من إطلاق عداوة الله على من لم يكن عدوا لله ورسوله وليحبس لسانه فإن اللسان ءافة الآفات ولهذا لما حدّث النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل بما حدّثه به عن الإسلام قال له عليه الصلاة والسلام ( ألا أخبرك بمِلاك ذلك كله ) قال بلى يا رسول الله فأمسك النبي صلى الله عليه وسلم بلسان نفسه وقال ( كفّ عليك هذا ) يعني لا تُطلقه احبسه قيّده فقال يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلّم به؟ يعني هل نحن مؤاخذون بما نتكلّم به فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكُب الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم ) ولهذا يجب على الإنسان أن يكُف لسانه عما حرّم الله وأن لا يقول إذا قال إلا خيرا لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليقل خيرا أو ليصمت ) .
والخلاصة أن مسألة التكفير والعصمة ليست إلينا بل هي إلى الله ورسوله فمن كفّره الله ورسوله فهو كافر ومن لم يكفّره الله ورسوله فليس بكافر حتى وإن عظُمت ذنوبه في مفهومنا وفي أذواقنا، الأمر ليس إلينا الأمر في هذه الأمور إلى الله ورسوله.
ولابد للتكفير من شروط معلومة عند أهل العلم ومن أوْسع ما قرأت في هذا ما كتبه شيخ الإسلام رحمه الله في فتاويه وفي كتبه المستقلّة فأنصح السائل وغير السائل أن يرجع إلى كلام شيخ الإسلام ابن تيمية لأنه وأقولها شهادة عند الله أوْفى من رأيت كلاما في هذه المسألة العظيمة. نعم.
السائل : أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ محمد على هذا البيان.