ماهي قصة الأعمى و الأبرص و الأقرع و هل لها علاقة بالتوحيد و الفقه ؟ حفظ
السائل : أبو عبد العزيز إبراهيم أبو حامد من الرياض يقول فضيلة الشيخ نسمع عن قصة الأبرص والأقرع والأعمى فما هي قصتهم وهل لها علاقة بالتوحيد والفقه؟
الشيخ : نعم. قصة الأقرع وهو الذي ليس في رأسه شعر أن الله تعالى أراد أن يمتحنه وصاحبيه وهم الأبرص والأعمى فأرسل إليهم ملَكا وسألهم ماذا يُريدون فأما الأقرع فأخبر أنه يريد أن يُذهب الله عنه القَرَع ويرزقه شعرا حسنا وسأله ماذا يحِب من المال فقال الإبل فأعطاه ناقة عُشَراء وبارك الله في هذه الناقة ونُتِجت إبلا كثيرة حتى صار له وادٍ من الإبل وأما الأبرص فسأله الملَك ماذا يريد فقال أريد أن يرزقني الله تعالى جلدا حسنا ويذهب عني هذا الذي قذر الناس به فأعطي هذا وسأله ماذا يريد من المال فقال البقر فأعطاه بقرة حاملا وبارك الله فيها حتى صار له وادٍ من البقر.
وأما الأعمى فأتاه الملَك وسأله ماذا يريد فقال أريد أن يرد الله إليّ بصري فأبصر به الناس ولم يسأل بصرا قويا كما سأل صاحباه فالأول الأقرع طلب شعرا حسنا والثاني طلب جلدا حسنا فأعطِيا ما سألا، الثالث الأعمى إنما طلب ما تحصل به الكفاية بصرا يُبصر به الناس وصار هذا أبرك الثلاثة وسأله عن المال فلم يطلب أيضا أعلى المال بل طلب شاة فأعطي الشاة وبارك الله له فيها فصار له وادٍ من الغنم ثم أراد الله عز وجل أن يُكمّل الابتلاء فأتى الملَك إلى الأقرع بصورته وهيئته يعني أتاه بصورة إنسان أقرع وسأله أن يُعطيَه من المال وذكّره بنعمة الله عليه وأنه كان أقرع فأعطاه الله تعالى شعرا حسنا وكان فقيرا فأعطاه الله المال ولكنه والعياذ بالله أنكر نعمة الله وقال إنما أوتيت هذا المال كابرا عن كابر يعني ورثته من أب عن جد وأبى أن يعطيَه وأتى الأبرص ومثل، أجابه بمثل ما أجابه به الأقرع وأتى الأعمى بصورته وهيئته وقال إنه فقير وابن سبيل وقد انقطعت به الحبال في سفره فسأله أن يعطيَه شاة فقال له قد كنت أعمى فردّ الله علي بصري وكنت فقيرا فأعطاني الله المال فخذ ما شئت منه ودع ما شئت فوالله لا أجهدك اليوم بشيء أخذته لله يعني ما أمنعك خذ اللي تبي هذا الأعمى شكر نعمة الله عليه برد البصر وشكر نعمة الله عليه بالصدقة بما أراد السائل من المال وكان هذا الرجل أعني الملَك يقول لكل واحد من الاثنين إن كنت كاذبا فصيّرك الله إلى ما كنت فدعا عليهما أن يردّهما الله إلى حالهما إن كانا كاذبين وهما لا شك أنهما كاذبان والظاهر إن الله تعالى ردهما إلى حالهما الأولى فسلب الأقرع شعره وماله وكذلك الأبرص أما الأعمى فقال له الملك أمسِك عليك مالك يعني لا أريد شيئا وإنما ابتليتم فقد رضي الله عنك وسخِط على صاحبيك، هذه هي القصة وفيها من العِبر شيء كثير وفيها ما يُنافي التوحيد وذلك بكفر النعمة بالنسبة للأقرع والأبرص وفيها أيضا ما يؤكّد قدرة الله عز وجل حيث إن الله تعالى أزال القرع والبرص والعمى من هؤلاء في لحظة واحدة.
وفيه أيضا من الفقه أنه ينبغي للإنسان أن يتصدّق مما أعطاه الله عز وجل.
وفيه أيضا من السلوك والمنهج إن الله سبحانه وتعالى قد يبتلي العبد بالنعم كما يبتليه بالنقم واختلف أرباب السلوك يعني أصحاب العبادات ورقة القلوب أيهما أفضل وأشد بلاء فقال بعض العلماء الفقر والمرض أشد بلاء من الغنى والصحة لأنه قَلّ من يصبر وقال الأخرون بل الصحة والغنى أشد لأنه قَلّ من يشكر والحقيقة أن كلا منهما ابتلاء وامتحان من الله عز وجل فالله تعالى قد يُعطي المال والصحة والبنين وغير ذلك من حسنات الدنيا ليبتلي من أعطاه أيشكر أم يكفر وقد يسلب الله هذه النعم ليبتلي من سلبها عنه أيصبر أم يتضجر فعلى الإنسان أن ينتبه لمثل هذه الأمور وأن لا يتخذ من نعم الله سبحانه وتعالى وسيلة إلى البطر والأشَر فإن الله قال (( وَلا يَحسَبَنَّ الَّذينَ كَفَروا أَنَّما نُملي لَهُم خَيرٌ لِأَنفُسِهِم إِنَّما نُملي لَهُم لِيَزدادوا إِثمًا وَلَهُم عَذابٌ مُهينٌ )) . نعم.
السائل : أحسن الله إليكم وبارك فيكم يا شيخ.