أرجو إيضاح المنهج الصحيح لطالب العلم المبتدىء و كذلك إيضاح الكتب التي يبدأ فيها طالب العلم ؟ حفظ
السائل : يقول فضيلة الشيخ أرجو إيضاح المنهج الصحيح لطالب العلم المبتدئ وكذلك إيضاح الكتب التي يبدؤ فيها طالب العلم جزاكم الله خيرا؟
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبيّنا محمد خاتم النبيّين وإمام المتقين وعلى ءاله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، المنهج الصحيح لطالب العلم مبتدئا كان أو راغبا أو منتهيا هو أن يسير في عقيدته وأقواله وأفعاله وأخلاقه على ما علمه من كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم لأن ثمرة العلم هو العمل به والعلم إذا لم يعمل به من أعطاه الله إياه صار وبالا عليه لأنه بالعلم قامت عليه الحجة وتبيّنت له المحجة فإذا عاند وخالف صار علمه حجة عليه ووبالا عليه ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم ( القرءان حجة لك أو عليك ) .
وعلى طالب العلم المبتدئ والراغب والمنتهي أن يظهر أثر علمه عليه بالوقار والسمت الحسن والخلق الجميل حتى يكون محترما بين الناس معظّما فيهم لأن الكلمة من المحترم المعظّم تزن ألف كلمة من المستهان به إن قُبِلت الكلمة من المستهان به.
وعلى طالب العلم أن يُبلّغ ما علمه من شريعة الله لقول النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم ( بلّغوا عني ولو ءاية ) فالعلماء ورثة الأنبياء والوارث يجب أن يكون على هدي الموروث لأن الوارث يحل محل الموروث فيما ترك فكما أن المال إذا مات صاحبه انتقل المال نفسه إلى ورثته فكذلك الأنبياء عليهم الصلاة والسلام إذا ماتوا انتقل ميراثهم وهو العلم إلى من بعدهم فمن أخذ به أخذ بحظ وافر وعليه أن يسلك ما سلكه الرسل عليهم الصلاة والسلام في هداية الخلق ودعوتهم إلى الحق فطالب العلم المبتدئ والراغب والمنتهي عليه مسؤولية في نشر علمه ودعوة الخلق إلى الحق.
وعلى طالب العلم المبتدئ والراغب والمنتهي عليه أن لا يقع في قلبه حسد لأحد فإن الحسد من أخلاق اليهود وهو خُلُق ذميم وأول ما يتضرّر به صاحبه لأنه كلما رأى نعمة الله على أحد احترق قلبه وضاقت نفسه ولم ير نعمة الله عليه في شيء بل ربما يتدرّج به الحسد إلى أن يشعر بنفسه أن الله قد ظلمه حيث أعطى فلانا ما لم يعطه وقد أنكر الله هذا على أولئك الحسدة في قوله (( أَم يَحسُدونَ النّاسَ عَلى ما ءاتاهُمُ اللَّهُ مِن فَضلِهِ فَقَد ءاتَينا ءالَ إِبراهيمَ الكِتابَ وَالحِكمَةَ وَءاتَيناهُم مُلكًا عَظيمًا )) .
وليعلم الحاسد من طالب العلم وطالب المال وطالب الولد أن حسده لا يمكن أن يمنع فضل الله على المحسود وليسترشد بما أرشد الله إليه في قوله تعالى (( وَلا تَتَمَنَّوا ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعضَكُم عَلى بَعضٍ لِلرِّجالِ نَصيبٌ مِمَّا اكتَسَبوا وَلِلنِّساءِ نَصيبٌ مِمَّا اكتَسَبنَ وَاسأَلُوا اللَّهَ مِن فَضلِهِ )) فإذا رأى من فاقه علما ودينا وولدا ومالا فليعلم أن ذلك من فضل الله وليسأل الله من فضله الذي أعطى هذا أن يعطيك وأما كوْنك تحسده وتكره ما أنعم الله به عليه فهذا خطأ في التصوّر وسفه في العقل وضلال في الدين.
أما الكتب التي أنصح بها طالب العلم فأوّلها كتاب الله عز وجل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد الذي أكّد الله عز وجل أنه ييسّره للذكر قال الله تعالى (( وَلَقَد يَسَّرنَا القُرءانَ لِلذِّكرِ )) فليتجه الإنسان طالب العلم إلى القرءان الكريم حفظا وتلاوة وتدبّرا وفهما وعملا بما دل عليه حتى ينال بذلك سعادة الدنيا والأخرة وليحرص على مراجعة كتب المفسّرين الموثوقين في علمهم وأمانتهم لأن مشارب المفسّرين في القرءان الكريم مختلفة ومنها ما هو ضلال فيُحاول من كان هذا مشربه إلى أن يُحرّف نصوص القرءان إلى ما يعتقده.
مثال ذلك قال الله تبارك وتعالى في القرءان الكريم (( الرَّحمانُ عَلَى العَرشِ استَوى )) وقد ذكر الله تعالى استواءه على عرشه في سبعة مواضع من القرءان الكريم كلها بلفظ استوى على العرش (( الرَّحمانُ عَلَى العَرشِ استَوى )) والاستواء على الشيء معلوم في اللغة العربية التي نزل بها القرءان الكريم كما قال تعالى (( وَإِنَّهُ لَتَنزيلُ رَبِّ العالَمينَ * نَزَلَ بِهِ الرّوحُ الأَمينُ * عَلى قَلبِكَ لِتَكونَ مِنَ المُنذِرينَ * بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبينٍ )) وقال تعالى (( إِنّا أَنزَلناهُ قُرءانًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُم تَعقِلونَ )) وقال تعالى (( إِنّا جَعَلناهُ قُرءانًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُم تَعقِلونَ )) وقال تعالى (( وَلَقَد نَعلَمُ أَنَّهُم يَقولونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذي يُلحِدونَ إِلَيهِ أَعجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبينٌ )) واللغة العربية في الاستواء إذا تعدّى بعلى أن معناه العلو على الشيء كما قال تعالى (( وَجَعَلَ لَكُم مِنَ الفُلكِ وَالأَنعامِ ما تَركَبونَ * لِتَستَووا عَلى ظُهورِهِ ثُمَّ تَذكُروا نِعمَةَ رَبِّكُم إِذَا استَوَيتُم عَلَيهِ وَتَقولوا سُبحانَ الَّذي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنّا لَهُ مُقرِنينَ )) فاستواء الله على عرشه علوّه عليه على وجه يختص به ويليق به جل وعلا ولكننا لا نعلم كيفيته لأن الله تعالى أخبرنا بأنه استوى على عرشه ولم يُخبرنا كيف استوى ولهذا لما سأل رجل الإمام مالكا رحمه الله فقال يا أبا عبد الله (( الرَّحمانُ عَلَى العَرشِ استَوى )) كيف استوى، أطرق مالك برأسه حتى جعل يتصبّب عرقا من شدة ما نزل عليه من هذا السؤال ثم قال " الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة " وقال " ما أراك إلا مبتدعا " ثم أمر به فأخرج من المسجد النبوي لأنه سأل عن شيء لا يسعه إلا السكوت عنه فإن الصحابة لم يسألوا عنه رسول الله صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم وهم أحرص منا على معرفة صفات الله عز وجل وأشد منا تعظيما لله وأشد منا حبّا للعلم وعندهم من إذا سألوا فهو أجدر بالإجابة منا، عندهم من إذا سألوه فهو أجدر بالإجابة منا وهو رسول الله صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم ولم يسألوا.
يوجد من المفسّرين من يفسّر (( استَوى عَلَى العَرشِ )) أي استولى عليه وملكه وقهره بقوّة السلطان والسيطرة ولا شك أن هذا معنى باطل مخالف لما تقتضيه دلالة القرءان الكريم ولما كان عليه السلف الصالح وأئمة المسلمين فمثل هذا التفسير يجب أن يحترز الإنسان منه وأن لا يغتر به لأن هذا التفسير قد يُصاغ بأسلوب بياني يملك شعور الإنسان حتى يصدّق به، يُصدّق به مع كونه تحريفا لكتاب الله.
والأمثلة على هذا كثيرة منهم من يحاول صرف الأيات الكريمة إلى معتقده ومنهم من يحاول صرفها إلى مذهبه الفقهي ومنهم من يحاول صرفها إلى مذهبه النحوي فيقول هذا شاذ وهذا غير قياسي وما أشبه ذلك.
الخلاصة إني أقول أهم كتاب يعتني به طالب العلم كتاب الله عز وجل لكن ليكون تلقّيه لمعاني كتاب الله عز وجل من الكتب الموثوقة في التفسير التي قام بتأليفها علماء موثوقون في علمهم وفي دينهم وفي أمانتهم ثم بعد ذلك ما صح من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم ويبدأ بالمختصرات منها مثل كتاب "عمدة الأحكام" للحافظ عبد الغني المقدسي ثم "بلوغ المرام" للحافظ ابن حجر العسقلاني ثم "المنتقى من أخبار المصطفى" للمجد بن تيمية جد شيخ الإسلام ابن تيمية وبعد هذا المختصرات الفقهية كـ "زاد المستقنع" في الفقه الحنبلي وما يُشابهه من المختصرات الفقهية في المذاهب الأخرى ولكن لا يجعل هذه الكتب الفقهية التي ألّفها علماء دليلا يحتج به لأن كلام العلماء رحمهم الله مهما بلغوا في العلم يحتاج إلى أن يُحتج له وليس دليلا يُحتج به فأقوال العلماء يُحتج لها ولا يُحتج بها لكنها لا شك أنها مما يُستأنس به ويُستشهد به فإذا تمكّن الإنسان من هذه الكتب الفقهية ويسّر الله له شيخا يُبيّن له معناها ويُبيّن الراجح من المرجوح فإنه يحصل على خير كثير، وإنني أحث طلبة العلم على الاعتناء بالأصول والقواعد لأنها هي العلم حقيقة أما أفراد المسائل فهي وإن كانت علما لكنها لا تعطي الإنسان ملكة يستطيع بها أن يعرف الراجح من المرجوح والصحيح من الضعيف وأسأل الله تعالى أن يُكثر من أمثال هذا السائل في جامعاتنا.
السائل : ءامين ءامين جزاك الله خير يا شيخ.
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبيّنا محمد خاتم النبيّين وإمام المتقين وعلى ءاله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، المنهج الصحيح لطالب العلم مبتدئا كان أو راغبا أو منتهيا هو أن يسير في عقيدته وأقواله وأفعاله وأخلاقه على ما علمه من كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم لأن ثمرة العلم هو العمل به والعلم إذا لم يعمل به من أعطاه الله إياه صار وبالا عليه لأنه بالعلم قامت عليه الحجة وتبيّنت له المحجة فإذا عاند وخالف صار علمه حجة عليه ووبالا عليه ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم ( القرءان حجة لك أو عليك ) .
وعلى طالب العلم المبتدئ والراغب والمنتهي أن يظهر أثر علمه عليه بالوقار والسمت الحسن والخلق الجميل حتى يكون محترما بين الناس معظّما فيهم لأن الكلمة من المحترم المعظّم تزن ألف كلمة من المستهان به إن قُبِلت الكلمة من المستهان به.
وعلى طالب العلم أن يُبلّغ ما علمه من شريعة الله لقول النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم ( بلّغوا عني ولو ءاية ) فالعلماء ورثة الأنبياء والوارث يجب أن يكون على هدي الموروث لأن الوارث يحل محل الموروث فيما ترك فكما أن المال إذا مات صاحبه انتقل المال نفسه إلى ورثته فكذلك الأنبياء عليهم الصلاة والسلام إذا ماتوا انتقل ميراثهم وهو العلم إلى من بعدهم فمن أخذ به أخذ بحظ وافر وعليه أن يسلك ما سلكه الرسل عليهم الصلاة والسلام في هداية الخلق ودعوتهم إلى الحق فطالب العلم المبتدئ والراغب والمنتهي عليه مسؤولية في نشر علمه ودعوة الخلق إلى الحق.
وعلى طالب العلم المبتدئ والراغب والمنتهي عليه أن لا يقع في قلبه حسد لأحد فإن الحسد من أخلاق اليهود وهو خُلُق ذميم وأول ما يتضرّر به صاحبه لأنه كلما رأى نعمة الله على أحد احترق قلبه وضاقت نفسه ولم ير نعمة الله عليه في شيء بل ربما يتدرّج به الحسد إلى أن يشعر بنفسه أن الله قد ظلمه حيث أعطى فلانا ما لم يعطه وقد أنكر الله هذا على أولئك الحسدة في قوله (( أَم يَحسُدونَ النّاسَ عَلى ما ءاتاهُمُ اللَّهُ مِن فَضلِهِ فَقَد ءاتَينا ءالَ إِبراهيمَ الكِتابَ وَالحِكمَةَ وَءاتَيناهُم مُلكًا عَظيمًا )) .
وليعلم الحاسد من طالب العلم وطالب المال وطالب الولد أن حسده لا يمكن أن يمنع فضل الله على المحسود وليسترشد بما أرشد الله إليه في قوله تعالى (( وَلا تَتَمَنَّوا ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعضَكُم عَلى بَعضٍ لِلرِّجالِ نَصيبٌ مِمَّا اكتَسَبوا وَلِلنِّساءِ نَصيبٌ مِمَّا اكتَسَبنَ وَاسأَلُوا اللَّهَ مِن فَضلِهِ )) فإذا رأى من فاقه علما ودينا وولدا ومالا فليعلم أن ذلك من فضل الله وليسأل الله من فضله الذي أعطى هذا أن يعطيك وأما كوْنك تحسده وتكره ما أنعم الله به عليه فهذا خطأ في التصوّر وسفه في العقل وضلال في الدين.
أما الكتب التي أنصح بها طالب العلم فأوّلها كتاب الله عز وجل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد الذي أكّد الله عز وجل أنه ييسّره للذكر قال الله تعالى (( وَلَقَد يَسَّرنَا القُرءانَ لِلذِّكرِ )) فليتجه الإنسان طالب العلم إلى القرءان الكريم حفظا وتلاوة وتدبّرا وفهما وعملا بما دل عليه حتى ينال بذلك سعادة الدنيا والأخرة وليحرص على مراجعة كتب المفسّرين الموثوقين في علمهم وأمانتهم لأن مشارب المفسّرين في القرءان الكريم مختلفة ومنها ما هو ضلال فيُحاول من كان هذا مشربه إلى أن يُحرّف نصوص القرءان إلى ما يعتقده.
مثال ذلك قال الله تبارك وتعالى في القرءان الكريم (( الرَّحمانُ عَلَى العَرشِ استَوى )) وقد ذكر الله تعالى استواءه على عرشه في سبعة مواضع من القرءان الكريم كلها بلفظ استوى على العرش (( الرَّحمانُ عَلَى العَرشِ استَوى )) والاستواء على الشيء معلوم في اللغة العربية التي نزل بها القرءان الكريم كما قال تعالى (( وَإِنَّهُ لَتَنزيلُ رَبِّ العالَمينَ * نَزَلَ بِهِ الرّوحُ الأَمينُ * عَلى قَلبِكَ لِتَكونَ مِنَ المُنذِرينَ * بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبينٍ )) وقال تعالى (( إِنّا أَنزَلناهُ قُرءانًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُم تَعقِلونَ )) وقال تعالى (( إِنّا جَعَلناهُ قُرءانًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُم تَعقِلونَ )) وقال تعالى (( وَلَقَد نَعلَمُ أَنَّهُم يَقولونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذي يُلحِدونَ إِلَيهِ أَعجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبينٌ )) واللغة العربية في الاستواء إذا تعدّى بعلى أن معناه العلو على الشيء كما قال تعالى (( وَجَعَلَ لَكُم مِنَ الفُلكِ وَالأَنعامِ ما تَركَبونَ * لِتَستَووا عَلى ظُهورِهِ ثُمَّ تَذكُروا نِعمَةَ رَبِّكُم إِذَا استَوَيتُم عَلَيهِ وَتَقولوا سُبحانَ الَّذي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنّا لَهُ مُقرِنينَ )) فاستواء الله على عرشه علوّه عليه على وجه يختص به ويليق به جل وعلا ولكننا لا نعلم كيفيته لأن الله تعالى أخبرنا بأنه استوى على عرشه ولم يُخبرنا كيف استوى ولهذا لما سأل رجل الإمام مالكا رحمه الله فقال يا أبا عبد الله (( الرَّحمانُ عَلَى العَرشِ استَوى )) كيف استوى، أطرق مالك برأسه حتى جعل يتصبّب عرقا من شدة ما نزل عليه من هذا السؤال ثم قال " الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة " وقال " ما أراك إلا مبتدعا " ثم أمر به فأخرج من المسجد النبوي لأنه سأل عن شيء لا يسعه إلا السكوت عنه فإن الصحابة لم يسألوا عنه رسول الله صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم وهم أحرص منا على معرفة صفات الله عز وجل وأشد منا تعظيما لله وأشد منا حبّا للعلم وعندهم من إذا سألوا فهو أجدر بالإجابة منا، عندهم من إذا سألوه فهو أجدر بالإجابة منا وهو رسول الله صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم ولم يسألوا.
يوجد من المفسّرين من يفسّر (( استَوى عَلَى العَرشِ )) أي استولى عليه وملكه وقهره بقوّة السلطان والسيطرة ولا شك أن هذا معنى باطل مخالف لما تقتضيه دلالة القرءان الكريم ولما كان عليه السلف الصالح وأئمة المسلمين فمثل هذا التفسير يجب أن يحترز الإنسان منه وأن لا يغتر به لأن هذا التفسير قد يُصاغ بأسلوب بياني يملك شعور الإنسان حتى يصدّق به، يُصدّق به مع كونه تحريفا لكتاب الله.
والأمثلة على هذا كثيرة منهم من يحاول صرف الأيات الكريمة إلى معتقده ومنهم من يحاول صرفها إلى مذهبه الفقهي ومنهم من يحاول صرفها إلى مذهبه النحوي فيقول هذا شاذ وهذا غير قياسي وما أشبه ذلك.
الخلاصة إني أقول أهم كتاب يعتني به طالب العلم كتاب الله عز وجل لكن ليكون تلقّيه لمعاني كتاب الله عز وجل من الكتب الموثوقة في التفسير التي قام بتأليفها علماء موثوقون في علمهم وفي دينهم وفي أمانتهم ثم بعد ذلك ما صح من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم ويبدأ بالمختصرات منها مثل كتاب "عمدة الأحكام" للحافظ عبد الغني المقدسي ثم "بلوغ المرام" للحافظ ابن حجر العسقلاني ثم "المنتقى من أخبار المصطفى" للمجد بن تيمية جد شيخ الإسلام ابن تيمية وبعد هذا المختصرات الفقهية كـ "زاد المستقنع" في الفقه الحنبلي وما يُشابهه من المختصرات الفقهية في المذاهب الأخرى ولكن لا يجعل هذه الكتب الفقهية التي ألّفها علماء دليلا يحتج به لأن كلام العلماء رحمهم الله مهما بلغوا في العلم يحتاج إلى أن يُحتج له وليس دليلا يُحتج به فأقوال العلماء يُحتج لها ولا يُحتج بها لكنها لا شك أنها مما يُستأنس به ويُستشهد به فإذا تمكّن الإنسان من هذه الكتب الفقهية ويسّر الله له شيخا يُبيّن له معناها ويُبيّن الراجح من المرجوح فإنه يحصل على خير كثير، وإنني أحث طلبة العلم على الاعتناء بالأصول والقواعد لأنها هي العلم حقيقة أما أفراد المسائل فهي وإن كانت علما لكنها لا تعطي الإنسان ملكة يستطيع بها أن يعرف الراجح من المرجوح والصحيح من الضعيف وأسأل الله تعالى أن يُكثر من أمثال هذا السائل في جامعاتنا.
السائل : ءامين ءامين جزاك الله خير يا شيخ.