كيف نفرق بين عشاء الميت و الصدقة لأن كثيرا من الناس يقومون بهذا العشاء في اليوم الأول و الثاني أو الثالث من وفاة الميت و هناك من يقوم بهذه الوليمة كعشاء للميت هل هذه واردة ؟ حفظ
السائل : يقول هذا السائل يا فضيلة الشيخ حفظكم الله كيف نفرّق بين عشاء الميت والصدقة لأن كثيرا من الناس يقومون بهذا العشاء في اليوم الأول والثاني أو الثالث من وفاة الفقيد وهناك من يقوم بهذه الوليمة كعشاء للميت هل هذه واردة؟
الشيخ : الصدقة للأموات جائزة لأن النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم أقرّها فقد استفتاه رجل فقال يا رسول الله إن أمي افتلتت نفسها وأظنها لو تكلّمت لتصدّقت أفأتصدّق عنها قال ( نعم ) واستفتاه سعد بن عبادة رضي الله عنه في مخراف له أي في بستان يُخرف يتصدّق به عن أمه فأفتاه النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم بالجواز لكننا لا نقول إن هذا مستحب يعني لا نقول للناس تصدّقوا عن موتاكم بل نقول إن تصدّقتم فلكم أجر الإحسان وأجر الصدقة للميت وإن لم تتصدّقوا فإننا لا نطالبكم بالصدقة ولا نقول إنها سنّة عن الميت لأن النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم لم يسنّها لأمته وإنما هي قضايا أعيان استفتي فيها فأفتى فيها بالجواز وفرق بين الجواز الذي لا يُنكر على فاعله والمشروع الذي يُطالب به العبد.
وأقول لإخواني الذين يسمعون كلامي هذا أقول لهم إنكم تريدون الخير للميت لا شك ولكن لماذا لا نتأسى بإرشاد النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم فإنه صلى الله عليه وسلم قال ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ) فجعل وظيفة العمل الدائم للميت هو دعاء الولد الصالح له ولم يقل أو ولد صالح يتصدّق له مع أن سياق الحديث في الأعمال لكنه صلى الله عليه وسلم عدل عن ذلك إلى الدعاء.
ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم لا يُمكن أن يعدل عن شيء إلى ءاخر إلا والخير في الأخر فإنه صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم أنصح الخلق للخلق وأعلم الخلق بشريعة الله وأفصح الخلق في التعبير وأعلمهم بمراده فكيف نعدل عن شيء أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم إلى شيء نجده في نفوسنا فقط فلو استشارني رجل وقال أيما أفضل أن أتصدّق عن أبي بألف أو أن أدعو له بالمغفرة والرحمة؟ قلت ادع له بالمغفرة والرحمة خير من أن تتصدّق ... بألف وإذا كنت تريد الصدقة اجعل الصدقة لنفسك فإنك سيمر بك يوم بل أيام تتمنى أن يكون في حسناتك صدقة بدرهم هذا ما أود أن أنصح به إخواننا.
أما ترتيب العشاء للميت في أول يوم وثاني يوم وثالث يوم من موته أو على ممر الأسبوع أو ممر السنة أو ما أشبه ذلك فكل هذا بدعة لأن ترتيب الأعمال الصالحة على وجه معيّن وقتا أو مكانا بدون دليل شرعي يجعل هذه العبادة يجعلها بدعة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ) فلابد من موافقة العبادة للشريعة في الأمور التالية، السبب والجنس والقدر والصفة والزمان والمكان، إذا لم توافق العبادة أو إذا لم يوافق العمل الشريعة في هذه الأمور الستة فإنه يكون بدعة ولا ينفع صاحبها ومن أين لهؤلاء الدليل على أن الميت يُسنّ أن يُتصدّق عنه في الأيام الثلاثة الأولى من موته أو على ممر الأسبوع أو ممر السنة أو ما أشبه ذلك أما لو تصدّق عنه بطعام في أي وقت كان فهذا لا بأس به لأن الصدقة بالطعام كالصدقة بالدراهم وقد تكون أنفع من الصدقة بالدراهم وقد تكون الصدقة بالدراهم أنفع حسب الحال والوقت؟ نعم.