في بلدتنا نحيي ليلة القدر و ذلك بالقيام بعد صلاة المغرب بدقائق و توزيع الأكل و الثواب في المسجد و يستمر القيام إلى طلوع الفجر فما حكم هذه العمل ؟ حفظ
السائل : في بلدتنا نحيي ليلة القدر وذلك بالقيام بعد صلاة المغرب بدقائق وتوزيع الأكل والثواب في المسجد ويستمر القيام إلى طلوع الفجر فما حكم هذا العمل؟
الشيخ : هذا العمل غير صحيح أولا لأن ليلة القدر لا تُعلم عينها فلا يُدرى أهي ليلة سبع وعشرين أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين أو تسع وعشرين أو إحدى وعشرين أو ليلة اثنتين وعشرين أو أربع وعشرين أو ست وعشرين أو ثمان وعشرين أو ثلاثين، لا يُعلم بأي ليلة هي أخفاها الله تبارك وتعالى، أخفى علمها عن عباده من أجل أن تكثر أعمالهم في طلبها ويتبيّن الصادق مما ليس بصادق والجاد ممن ليس بجاد فهي ليست ليلة سبع وعشرين بل هي في العشر الأواخر من ليلة إحدى وعشرين إلى ليلة الثلاثين كل ليلة يحتمل أن تكون ليلة القدر فتخصيصها بسبع وعشرين خطأ هذا واحد.
ثانيا الاجتماع على هذا الوجه الذي ذكره السائل ليس من عمل السلف الصالح وما ليس من عمل السلف الصالح فهو بدعة وقد حذّر النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم من البدع وقال: ( كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار ) فعلى المسلمين في ءاخر الأمة أن ينظروا ماذا صنع أول الأمة وليتأسّوا بهم فإنهم على الصراط المستقيم وقد قال الإمام مالك رحمه الله: " لن يُصلح ءاخر هذه الأمة إلا ما أصلح أوّلها " فنصيحتي لإخواني هؤلاء أن لا يُتعبوا أنفسهم ببدعة سمّاها الرسول صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم ضلالة وأن ينفرد كل منهم بعبادته من ليلة إحدى وعشرين إلى ثلاثين تحرّيا لليلة القدر وأن يجتمعوا مع الإمام على ما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفعله وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يزيد على إحدى عشرة ركعة في رمضان ولا غيره كما قالت ذلك أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها التي هي من أعلم الناس بحال الرسول صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم حين سئلت كيف كانت صلاة النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم في رمضان؟ قالت: " كان لا يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً " وهذه الأربع والأربع يصليها على ركعتين ركعتين يعني الأربع الأولى بتسليمتين والأربع الثانية بتسليمتين وليس كما توهمه بعض الناس أنه يجمع الأربع بتسليمة واحدة فإن حديث عائشة نفسه ورد مفصّلا من طريق ءاخر أنه كان يصلي ركعتين ركعتين ومجمل حديثها يُفسّر بمفصّله وأيضا قال النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم: ( صلاة الليل مثنى مثنى ) والأصل أن فعله لا يُخالف قوله ولذلك نبيّن لإخواننا ونعتقد أنه واجب علينا أن نبيّن أن الذين ظنوا أن معنى الحديث أنه يصلي أربعا بتسليمة واحدة ثم يصلي أربعا بتسليمة واحدة لم يصيبوا في ظنهم بل صلاة الليل مثنى مثنى في رمضان وفي غيره فإذا قال قائل: كيف قالت: " يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن " ؟ فالجواب: أن الأربع الأولى متشابهة في الطول في القراءة والركوع والسجود والقعود متشابهة ثم يستريح بعدها قليلا كما يفيده العطف بـ"ثم" لأن "ثم" تدل على المهلة ثم يصلي أربعاً قد تكون مثل الأولى وقد تكون أقل منها وقد تكون أكثر يعني في التطويل ثم يستريح ثم يصلي ثلاثا هي الوتر. نعم.
السائل : أحسن الله إليكم يقول السائل من الجزائر هل يُجازى صاحب البدعة ..
الشيخ : وبهذه المناسبة أيضا.
السائل : تفضل يا شيخ.
الشيخ : أود أن أنبه إخواني الأئمة على مسألة قد يفعلها بعض الناس وهي أنه يصلي في رمضان بالناس القيام ثم يجعل القيام كلّه وترا فيصلي تسع ركعات سردا لا يجلس إلا في الثامنة يتشهد ثم يقوم ويصلي التاسعة ويتشهد ويسلّم محتجا بأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك في وتره ونحن نؤيّده على أنه ينبغي نشر السنّة لكن نشر السنّة كما وردت فهل قام النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه بهذا العدد؟ إن كان هناك حديث فليُرشدنا إليه ونحن له إن شاء الله متبعون وداعون ولكن لا يستطيع أن يُثبت هذا أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه هذا العدد بتسليم واحد وإذا لم يكن كذلك فإن الإنسان إذا صلى لنفسه غيره إذا صلى لغيره ولهذا زجر النبي صلى الله عليه وسلم من أطال الصلاة في الناس وقال: ( إذا صلى لنفسه فليطوّل ما شاء ) ولا يخفى على إنسان أن مثل هذا القيام يشق على الناس من يبقى طول هذا القيام لا يحتاج إلى نقض الوضوء يعني إلى البول أو الغائط أو غير ذلك، قد يكون في الجماعة من يحتاج إلى هذا وقد يكون في الجماعة من له شغل يريد أن يصلي مع الإمام تسليمتين وينصرف وقد يكون أشياء أخرى فيدخل هذا الفعل بما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم من التطويل ثم إن الناس إذا جاؤوا بعد أن كبّر لهذا الوتر ماذا ينوون؟ أكثر الناس سينوي أنه تهجّد لا وتر فيفوت الإنسان الذي دخل معه تفوته نيّة الوتر ويبقى حيران فأنا أشكر كل إنسان يحب أن يطبّق السنّة بقوله وفعله وأرجو الله لي وله الثبات على ذلك، لكن كوننا نطبّق السنّة على غير ما وردت هذا خطأ فنقول لإخواننا: من صلى الوتر تسعا على هذا الوصف في بيته كما فعله الرسول عليه الصلاة والسلام فقد أصاب السنّة وأما من قام به في الناس فقد أخطأ السنّة لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعله أبدا والعاقل البصير يعرف أن هذا الدين يسر سهل فكيف نشق على الناس بسرد تسع ركعات ونشوّش عليهم نيّتهم ويبقى الناس بعد هذا متذبذبين أننوي الوتر أو ننوي التهجّد أو ماذا؟ سبحان الله أسأل الله أن يوفقني وإخواني المسلمين لاتباع الهدى واجتناب الهوى وأن يهدينا صراطه المستقيم.
السائل : جزاكم الله خيرا يا شيخ حفظكم الله. يقول أخيرا السائل من الجزائر يا شيخ.