ماهي أركان الإيمان و ما حكم الإيمان بها ؟ حفظ
السائل : ما هي أركان الإيمان؟ وما حكم الإيمان بها؟
الشيخ : أركان الإيمان هي ما أخبر به النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم جبريل حين سأله عن الإيمان فقال: ( أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الأخر والقدر خيره وشره ) ومن لم يؤمن بها جميعا فهو كافر يعني لو ءامن ببعض وكفر ببعض فهو كافر لأن الذي يؤمن ببعض الشريعة ويكفر ببعضها فهو كافر بالجميع والذي يؤمن ببعض الرسل ويكفر ببعضهم كافر بالجميع كما قال الله تعالى موبّخا بني إسرائيل: (( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ )) وقال تعالى: (( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا * أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا )) فبيّن الله تعالى أن هؤلاء الذين يؤمنون ببعض الرسل دون بعض هم الكافرون حقا فأركان الإيمان إذًا ستة أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الأخر والقدر خيره وشره فأما الإيمان بالله فأن يؤمن الإنسان بأن الله تعالى حي عليم قادر منفرد بالربوبية وبالألوهية وبأسمائه وصفاته ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ويؤمن بأنه على كل شيء قدير وأن أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون.
والإيمان بالملائكة أن تؤمن بهذا العالم من الخلق وهم أعني الملائكة عالم غيبي لا نشاهدهم إلا إذا أراد الله أن نشاهدهم لحكمة فهذا يقع، هذا العالم من المخلوقات خلِقوا من نور أعني الملائكة وهم مطيعون لله تعالى دائما يُسبّحون الليل والنهار لا يفترون، نعلم منهم جبريل وميكائيل وإسرافيل أما جبريل فهو موكّل بالوحي يأتي به من الله عز وجل إلى من أوحاه الله إليه وأما اسرافيل فإنه موكّل بالنفخ في الصور وأما ميكائيل فإنه موكّل بالقطر والنبات ومنهم أي من الملائكة من وكّلوا بحفظ بني ءادم كما قال تعالى: (( لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ )) ومنهم من هو موكّل بإحصاء أعمال ابن ءادم يكتبها عليه كما قال الله تبارك وتعالى، نعم، كما قال الله تعالى: (( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ )) فهم عن أيماننا وعن شمائلنا لكن لا نراهم وقد يُرى الملك بصورة إنسان مثلا كما جاء جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلّم في صورة رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يُرى عليه أثر السفر ولا يعرفه أحد من الصحابة جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم جِلسة المتأدّب وأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه ثم سأل النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم عن الإسلام والإيمان والإحسان والساعة وأشراطها والملائكة عليهم الصلاة والسلام صمْدٌ لا يأكلون ولا يشربون وهم عدد لا يحصيهم إلا الله عز وجل كما جاء في الحديث: ( أطّت السماء وحُق لها أن تئطّ، ما من موضع أربع أصابع إلا وفيه ملك قائم لله أو راكع أو ساجد ) وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن البيت المعمور أنه يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه وهذا يدل على كثرتهم العظيمة.
الإيمان بالله وكتبه، الإيمان بكتب الله هذا الركن الثالث من أركان الإيمان، كتب الله المنزّلة نعرف منها التوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وموسى وخاتِمها القرءان الكريم المنزّل على محمد صلى الله عليه وعلى ءاله وسلّم.
ورسله: جمع رسول وهم الذين أرسلهم الله تبارك وتعالى إلى البشر وهم من بني ءادم يلحقهم من العوارض الجسدية ما يلحق بني ءادم ويتميّزون عن بني ءادم بما أعطاهم الله من النبوة والأخلاق والشمائل، نعرف منهم عددا كبيرا ومنهم من لم نعلم لم يقصّه الله علينا لكن يكفينا الإجمال أن نؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ومن علمناه بعينه ءامنا به بعينه.
اليوم الأخر هو يوم القيامة وسمّي ءاخرا لأنه لا يوم بعده قال شيخ الإسلام رحمه الله: ويدخل في الإيمان باليوم الأخر كل ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد الموت كفتنة القبر وعذابه أو نعيمه لأن كل من مات فقد قامت قيامته انتهى انتقل إلى اليوم الأخر ويدخل في ذلك الإيمان بما يكون في ذلك اليوم من حشر العالم كلهم في صعيد واحد يُسمعهم الداعي وينفذهم البصر وما ذكر في ذلك اليوم من الميزان وحوض النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم والصراط المنصوب على جهنم والجنة والنار وغير ذلك مما جاء به القرءان وصحّت به السنّة.
والقدر خيره وشره: القدر يعني تقدير الله عز وجل والله تبارك وتعالى قدّر كل شيء قال الله تعالى: (( وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا )) .
ومراتب القدر أربع، الأولى: أن تؤمن بعلم الله تعالى المحيط بكل شيء جملة وتفصيلا فإن الله تعالى عالم بكل شيء كان أم لم يكن لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء قال الله تعالى: (( وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ )) .
المرتبة الثانية: الكتابة فإن الله تعالى كتب في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء إلى قيام الساعة ودليل ذلك (( أَلَمْ تَعْلَمْ إنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ )) وقال تعالى: (( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ )) فما كتب في اللوح المحفوظ فلابد أن يقع كما جاء في الحديث: ( جفّت الأقلام، وطويت الصحف ) .
المرتبة الثالثة: أن تؤمن بعموم مشيئة الله عز وجل وأنه ما في الكون من موجود ولا معدوم إلا بمشيئة الله فهو الذي يحيي ويميت ويعز ويذل ويؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء حتى أفعالنا نحن كائنة بمشيئة الله.
والرابع، المرتبة الرابعة: الإيمان بخلق الله أي بأن الله تعالى خالق كل شيء وأن له مقاليد السماوات والأرض حتى أعمال العباد مخلوقه لله عز وجل قال الله تعالى: (( وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا )) وقال تعالى: (( وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ )) .
هذه المراتب الأربعة لابد من الإيمان بها فمن نقص منها مرتبة واحدة لم يتم إيمانه بالقدر وقوله: ( خيره وشره ) إذا قال قائل إذا كان القدر من الله كيف يكون فيه شر؟ فالجواب: أن الشر ليس في تقدير الله ولكنه فيما قدّره الله أي في المقدورات أما قدر الله لهذا الشيء فإنه لحكمة بالغة وبهذا الاعتبار يكون خيرا. نعم.
السائل : جزاكم الله خيرا وبارك فيكم فضيلة الشيخ. السائل خالد حلمي العتيبي بريدة يقول.