هل شراء و تجديد أثاث المنزل و أدواته الكهربائية متوسط الثمن يعتبر هذا من الإسراف علما أن الذي سوف يشتري ذلك بحاجة إليه و ما أمثلة الإسراف و ما حدوده ؟ حفظ
السائل : هل شراء و تجديد أثاث المنزل وأدواته الكهربائية متوسط الثمن ، هل يعتبر هذا من الإسراف علما أن الذي سوف يشتري ذلك بحاجة إليه ، وما أمثلة الإسراف و ما حدوده ؟
الشيخ : التجديد نوعان :
تجديد ما فسد ، فهذا أمر لا بد منه لو احترقت اللمة سآتي ببدلها ، انكسر المفتاح سآتي ببدله هذا ما فيه إسراف قطعاً ، إلا إذا أتى بشيء لا يقتنيه مثله ، بأن أتى بمقبض الباب مثلاً من المقابض الفخمة التي لا يستعمها إلا كبار الناس وهو من سطة الناس فهو مسرف .
وضابط الإسراف تجاوز الحد ، هذا الضابط فمتوسط الحال لا يأتي بما يأتي به الغني الكبير أو ما أشبه ذلك ، والفقير لا يأتي ولا بمتوسط الحال ، فإذا أخذت هذا الضابط أن الإسراف تجاوز الحد في المآكل والمشارب والملابس والمساكن والمراكب عرفت .
مثلاً لو قدرنا امرأة تريد أن تجعل على ذراعها أكثر من سوار ومثلها لا يلبس إلا سواراً واحد ، فهذه إذا زادت على الواحد قلنا أنها مسرفة ، لكن لو أن امرأة أخرى غنية لبست سوارين أو ثلاثة مما يلبسه مثلها قلنا هذا ليس بإسراف .
ما يفعله بعض الشباب المساكين تجده لا أقول متوسط الحال بل هو ضعيف ما عنده مال ، ويذهب يشتري سيارة من أفخم السيارات ويجعل ثمنها ديناً عليه وهو لا بد أن يكون مضاعفاً أكثر مما لو اشتراها نقداً ، فيكون مسرفاً ، ويكون ظالماً لنفسه بإلزام الدين على نفسه ، كل شيء يؤدي إلى الدين فإنه لا ينبغي إلا للضرورة .
وانظر في قصة الرجل الذي ذكرها سهل ابن سعد رضي الله عنه أخرجها البخاري في صحيحه وغيره : أتت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت : يا رسول الله إني وهبت نفسي لك ، وهذا جائز أن تهب المرأة نفسها للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، فكأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرغب فيها ، فجلست فقام رجل فقال : يا رسول الله إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها ، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم ماذا يصدقها ؟. قال : أصدقها إزاري ، ولم يكن عليه رداء ، ما عليه إلا إزار ، فقال : كيف تصدقها إزارك إن أعطيته إياها بقيت بلا إزار ، وإن بقي عليك بقيت بلا صداق هذا معناه ، إذهب فتش هل تجد لها مهراً ؟. فقال : ليس عندي شيء ، قال : ( التمس ولو خاتماا من حديد )، لم يجد الرجل شيئاً ، فقال : ( هل معك شيء من القرآن ) ؟. قال : نعم ، فقال : ( زوجتكها بما معك من القرآن ).
يعني علمها ما معك من القرآن ، ولم يقل الرسول عليه الصلاة والسلام استقرض من أصحابك ، اسأل من الزكاة ، ما قال هذا ، فدل ذلك على أنه لا ينبغي للإنسان أن يستقرض حتى في مثل هذه المسألة حتى للزواج ، فكيف بهؤلاء المساكين يستقرضون لمجرد أنه يحصلوا على سيارة أفخم من السيارة التي يعتادها مثلهم .
فنصيحتي لهؤلاء سواء كانوا شباباً أو أكبر من الشباب أن لا يتساهلوا في الدين وأن يعلموا خطر الدين ، فإن الدين خطره عظيم حتى ، إن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الشهادة هل تكفر الذنوب ؟. قال : ( نعم ) فلما ولى الرجل دعاه وقال له أي النبي صلى الله عليه وسلم : ( إلا الدين _ يعني فإنها لا تكفره _ أخبرني جبريل بذلك آنفاً ) .
فتأمل أن الشهادة يقتل الإنسان في سبيل الله لا تكفر الدين ، وكان صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا قدم إليه رجل ليصلي عليه سأل هل عليه دين أم لا ؟. إن قالوا : لا دين عليه ، تقدم وصلى ، وإن قالوا : عليه دين لم يصلي عليه ، قدم إليه رجل من الأنصار فلما خطا خطوات ليصلي عليه قال : ( هل عليه دين ) ؟ قالوا : نعم عليه ديناران ، فقال : ( صلوا على صاحبكم ) فتغير وجوه القوم ، وقام رجل وهو أبو قتادة قال : يا رسول الله الديناران علي ، قال : ( حق الغريم وبرء منهما الميت ) قال : نعم ، فتقدم وصلى ، فلما فتح الله عليه عليه الصلاة والسلام صار يلتزم بالدين عن من مات وعليه دين ، ويصلي عليه .
قصدي من هذا أن يعرف الناس قدر الدين وأنه أمر ليس بالهين فلا يتدين الإنسان إلا للضرورة حتى لو استقرض من شخص قرضاً فإنه دين فلا يستقرض إلا عند الحاجة لكن إذا كان هناك حاجة فلا بأس أن يستقرض ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستقرض ، وكان يشتري أيضاً بدون قبض الثمن لكن للحاجة .