إثبات الصفات لله تعالى ومعنى التعطيل والنفي ، وقصة مناظرة الشيخ الألباني في إثبات العلو لله عز وجل مع شيخ أزهري . حفظ
السائل : تعليق على كلمة التعطيل والنفي، ما الفرق بين التعطيل والنفي؟
الشيخ : ... النفي قد يقترن مع التعطيل بمعنى واحد، يعني نفي الصفة، لكن النفي بكون صريح، التعطيل بلعب حول الآية، وبتأولها فيعطل الله عن هذه الصفة، فهو لا ينكرها، لكن بطريقة التأويل ينكرها، النفي أن ينكر رأسا، مثلا نضرب مثال الآن، هناك حديث في الصحيحين وغيرهما يدخل في هذا الموضوع الذي يجب الإيمان به كما جاء دون تكييف بعقولنا الصغيرة الضيقة هذه، وبدون إيش تعطيل إنكار، يعني الحديث لا بد كلكم سمعه: ( ينزل الله في كل ليلة في الثلث الأخير من الليل إلى السماء الدنيا، فيقول: ألا هل من سائل فأعطيه، ألا هل من داع فأستجيب له، ألا هل من مستغفر فأغفر له، ألا كذا، ألا كذا حتى يطلع الفجر ) الذين يعطلون الصفات الإلهية المنصوص عليها في الكتاب، والكتاب لا يمكن إنكاره، من أشد الفرق ضلالا ما بقدروا ينكروه لأنه حينئذ بنكشف أمرهم ويخرجوا من الملة، أما الأحاديث فيتجرؤون أحيانا على إنكارها فينفونها، فهم يقولون: ربنا لا ينزل، إذا نفوا الحديث، فخلاصة الجواب كما قلت في أوله أن النفي يلتقي مع التعطيل ، لكن يلزمه مع أحيانا مع التعطيل إنكار النص من أصله، كهذا الحديث مثلا، لا يثبتون صحته عن الرسول عليه السلام لأنهم لو أثبتوه أثبتوا لله تصرفا، هم في عقولهم الضيقة يشبه نزول الملك من عرشه، مشكلة المشاكل دائما قياس الخالق على المخلوق، وهذا بلا شك أبطل قياس على وجه الأرض، لاسيما وقد قال تعالى في الآية السابقة: (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )) ومن بلاغة القرآن أنه ما قال: (( ليس كمثله شيء )) فقط، فنزه ثم أثبت، قال: (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )). فهو سميع لكن ليس كسمعنا، وبصره ليس كبصرنا، كل الصفات ومنها النزول الإلهي نزوله ليس كنزولنا، هكذا الجواب إن شاء الله، نعم .
السائل : هل نزول الله كنزولنا ؟ قبل قليل كنت تتكلم أن نزوله ليس كنزولنا؟
الشيخ : أي نعم.
السائل : إذن الأمام والخلف والفوق والتحت هذه من صفات وجودنا ؟
الشيخ : طبعا.
السائل : فهذه استغربناها عن الله، نحن استغربنا من يقول ...
الشيخ : لا، لا، الاستغراب بارك الله فيك من جهة وصفهم لله، أنت لو أخذت العبارة كلها من أولها لآخرها، أظن ستجد نفسك لست بحاجة إلى السؤال، الآن من هنا بدأ الكلام، الله ليس فوق ولا تحت ولا يمين ولا يسار، هذه صفات جهات بالنسبة لنا، ما في إشكال ، لكن شوف النهاية، الله لا فوق لا تحت، لا يمين لا يسار، لا أمام ولا خلف، لا داخل العالم ولا خارجه، شو بقي؟ هل بقي هناك وجود؟ لا داخل العالم ولا خارج العالم !
السائل : بنفس الأوصاف الموجودة الأولى تبع المخلوقات ممكن تصح على الله عز وجل ؟ لعل هناك مقاسات أخرى.
الشيخ : خارج العالم فيه قياسات.
السائل : خارج العقل البشري .
الشيخ : لا، لا، خارج العالم حسب تعبيرهم هم، يمكن بحكي لك قصة وقعت لي في منى منذ عشر سنين في موسم الحج، أنا جالس مع بعض الناس بعد صلاة المغرب نتحدث في بحوث شرعية طبعا، لما دخل علينا شيخ أزهري. قال: السلام عليكم وعليكم السلام، جلس يسمع، جاءت مناسبة هذا الكلام، طبعا دراسته في الأزهر كما حدثتكم عن المشايخ مع ابن تيمية تماما قال: قولنا إن الله عز وجل فوق المخلوقات كلها تشبيه وتجسيم، هذا كلام الأزهريين تماما، وكلام المشايخ من علماء الكلام، فأنا جريت معه في البحث كما يأتي، ولعله هو الذي زال الإشكال أو الجواب عن السؤال.
قلت له أولا : الأدلة الشرعية يجب الإيمان بها دون تكييف أي تشبيه، ودون تعطيل أي إنكار لمعانيها.
ثانيا : خلينا ندرس الموضوع بعقلي وعقلك لنشوف أي القولين أصح، فسألته ما يلي، أسئلة متتالية، قلت له الآن ماذا فوقنا؟ قال: السماء الدنيا، قلت: حسن، وفوق السماء الدنيا ؟ قال: الثانية والثالثة إلى السابعة ،
كويس، لعلني فاتني شيء سألته قبل ، قلت له: الكون المخلوق محصور أم لا نهاية له، قال: لا، محصور لأنه مخلوق، قلنا له: حسن ازرع هذا في بالك، ثم سألته عن السماء حتى وصلنا السماء السابعة، فوق السماء السابعة شو فيه؟ قال: العرش، قلت له: حسن، فوق العرش إيش فيه ؟ لأول مرة أسمع هذا الجواب الغريب،
قال: الملائكة الكروبيون ، قلت له: إيش الملائكة الكروبيون ؟ أنا عارف في بعض الأحاديث مما لا سنام لها ولا خطام، لكن شيخ بقول فوق العرش ملائكة كروبيون ، قلت له: من أين هذا ؟ في عندك آية ؟
قال: لا، قلت: عندك حديث؟ قال: لا ، قلت: إذا من أين جايب الملائكة الكروبيون فوق العرش؟
قال: والله هكذا مشايخنا في الأزهر درسونا ، فأنا في الحقيقة اهتبلتها فرصة، وبقولها الآن من أجل التذكير والتنبيه، مشايخ الأزهر مع الأسف كمنهج دراسي يدرسون طلبة العلم أن العقيدة لا تثبت بالحديث الصحيح ، لازم يكون الحديث صحيح متواتر، شايف ، فإذا كان دون المتواتر صحة وقوة لا تثبت به عقيدة، وهذا خطأ بلا شك، ولي رسالتان مطبوعتان حول إبطال هذا القول، وأن الحديث الصحيح من حيث وجوب العمل به عقيدة وحكما وعملا، فقلت له والشيخ عجيب والله: نحن نعرف أن علماء الأزهر يدرسوا أن الحديث الصحيح لا تثبت به عقيدة كروبيون فوق العرش، وما فيه لا حديث ولا آية، ومع ذلك قلنا له: ما نقف هنا، هب أن فوق العرش ملائكة كروبيون، فوق ذلك إيش فيه ؟ قال: لا شيء. هنا الشاهد، قال: لا شيء.
هذا الجواب علماء السنة بقولوا هذا هو التعطيل، شايف شلون هذا هو النفي، يعني نفي وجود الله، طيب قلنا له لا شيء، أنت بتقول لا شيء، معنى ذلك بالكروبيين انتهى الخلق، الخلق المحدود انتهى، طيب خارج هذا الخلق الآن ما فيه شيء ؟ نحن نعتقد الله هو خالق الأشياء كلها، وهو فوقها مستعل عليها، إلى آخره، لعل هذا الجواب يقرب الموضوع بالنسبة لسؤالك السابق؟
السائل : نعم.
الشيخ : إن شاء الله.
السائل : البعض يقول بالتعبير اللي يستعملها البشر ... والرد يكون حقيقة لما نحن بشر نبحث بالله سبحانه وتعالى لابد من واسطة، لا بد من لغة، فإذا أرادوا هم أن نعطل هذه اللغة وهذه الواسطة، ما وصولا لشيء، يعني هم لما يصفوا الله ليس أمام ولا فوق ولا تحت هم يستعملوا هذه الواسطة، فكيف أنت يمكن أن تنفي أو تثبت بدون هذه الواسطة اللي ممكن تتفاهم عليها، وهذا دليل على نسف ما يريدون، هل كلامي واضح أم بحاجة لتوضيح؟ إذا بدنا واسطة هذه الواسطة بدها حلول.
الشيخ : وهي؟
السائل : بهذه الحلول يجب أن نحفظ الواسطة.
الشيخ : نعم، وين البحث ؟ نحن عم نحكي، نحن في حدود العالم تبعنا، اليس كذلك المخلوق ، هنا في مشكلة في حدود المخلوقات، في مشكلة ؟
السائل : لا.
الشيخ : طيب إذا وين المشكلة .؟
السائل : عم بتقيس .
الشيخ : عم نقيس....؟ وين القياس؟
السائل : ....
الشيخ : طيب هذه حقائق ثابتة عندنا أم لا؟ طيب وين القياس اللي أنت بتقول فيه قياس؟
السائل : ...
الشيخ : وهو كذلك، وصلنا إلى آخر مخلوق، كويس ، طيب أنت الآن شو تتصور المخلوقات محدودة أم غير محدودة؟
السائل : ...
الشيخ : كيف، سؤالك أم سؤالي؟
السائل : سؤالي .
الشيخ : وهو ؟
السائل : ...أشياء محسوسة...
الشيخ : في المحسوس في المحسوس، المحسوس في المحسوس، لكن وراء، والمحسوس لا نتكلم أبدا، لكن في حدود النص، نحن نريد بهذه المقدمات إبطال تعطيل هؤلاء، إنه هو بقول لك إذا قلت (( الرحمن على العرش استوى )) حددته، جسمته، جعلته في مكان، يا جماعة اتقوا الله، المكان، الآن تذكرت الاستدراك الذي استدركته أن المكان مشتق من إيش؟ من الكون ، فالمكان مخلوق، المكان مخلوق، هذا الكون هو مكان ، طيب فلما انتهى هذا المكان، لما انتهى هذا الخلق، إيش وراءه؟ نفس الأزهري إيش وراءه؟
قال: لا شيء . في مكان؟ قال: لا، لأنه المكان من الكون ،فما بقي هناك مكان، فخلصنا من المحسوسات والمعدومات الآن نحن نتكلم في حدود ما نعلم من الماديات، فبعد ذلك ارجع معنا أنت وغيرك لحتى تتضح لكم القضية، ذكرنا حديث عمران بن الحصين آنفا ( كان الله ولا شيء معه ) هذه عقيدة يؤمن بها كل مسلم، شو معنى لا شيء معه؟ لا شيء أي لا خلق، ثم خلق الله الخلق، خلق العرش إلى آخره، طيب ( كان الله ولا شيء معه ) هل كان في كون ؟
السائل : لا.
الشيخ : طيب هذا قولنا، فهو الآن كما يقول بعض الصوفية، لكن يعنون معنى آخر غير صحيح، فهو الآن من حيث هذه الحيثية التي نتكلم فيها كما كان، فهو لم يكن بمكان، فهو الآن ليس بمكان، لماذا أنتم يا مسلمون تتهمون السلف الصالح الذين يثبتون لله كل صفات الكمال ، ومنها صفة العلو المطلق ، ليس العلو المادي، صفة العلو المطلق، لماذا تقولون عنهم إنهم مجسمة؟ إنهم جعلوا الله في مكان، وأنت لما بتبحث بحثا ماديا تصل معنا أنه ليس هناك مكان، إذا كان الله ولا شيء معه ، فهو الآن كما عليه كان ، لكن هو فعال لما يريد، فعال لما يشاء، يخلق يحيي ويميت، بيده ميزان القسط إلى آخره ، فإذن استشكالك أنت كان في هذا الكون المحسوس، لكن لما تصورت أن الكون انتهى رجعنا إلى ما كان رب العالمين، على ما هو عليه كان قبل أن خلق الزمان والمكان ، صح ؟
السائل : ماذا وراء إيش ؟...
الشيخ : حدد ما وراء ...حدد الكلام.
السائل : ...
الشيخ : ماذا وراء العرش؟ طبعا أنا أعني أنه بخاف يقول لي بدل كروبيون في مكاريب مثلا، فمادام انتهى الخلق خلاص انتهينا معه، هذه أخي من باب إقناع المناظر لك من نفس كلامه، إنه أنت بتقول أنه اللي بقول (( الرحمن على العرش استوى )) جعلوه في مكان، طيب هات لنشوف المكان من الكون. وكان وهو مسبوق بالعدم ؟ أي نعم. طيب إيش فوق؟ سماء أولى ثانية ... وصلنا العرش، ووصلنا إلى الملائكة تبعه الكروبيون، طيب بعد ذلك إيش فيه؟ لا شيء، لا شيء، إذا لا مكان، إذا لا مكان، فكان الله ولم يكن شيء معه، أي لم يكن في شيء مخلوق، لأنه غني عن العالمين، الله عز وجل هو الآن كما عليه كان قبل أن خلق المكان والزمان، هذه العقيدة يلي نحن نسميها العقيدة السلفية، هي العقيدة الفطرية التي لا يقبل العقل سواها إطلاقا، حينما توضح له على طريقة القرآن الكريم والسنة النبوية.
وفي الحقيقة أذكر قصة، كنت مسافرا من إدلب إلى اللاذقية، عندي كان سيارة صغيرة، فلما خرجنا من إدلب وإذا بشخص مبين عليه أنه أجنبي، بيعطي إشارة ، شو اسمها ؟
السائل : ستوب.
الشيخ : هؤلاء شحادين على الأصول، شحادين ركوب، والله أنا ماشي بالسيارة كان معي بجانبي شخص، فلفت نظري، كنت قد قطعته، قلت لصاحبي شو رأيك نرجع نأخذه مبين أجنبي ، وبنتسلى معه في الطريق؟ قال: ما في مانع، رجعنا القهقرى ، وإذا به الخبيث مخبئ امرأتين معه، الظاهر زوجته وبنته، صاروا ثلاثة ، على كل حال المكان فاضي، ركبناهم، بدنا نبحث معه نقطع على الطريق، كما يقال على النكتة، إنه عدو آخر وهم مسا فرون، يا بتقطعني يا بقطعك، كيف سنتفاهم؟ يعني بالحديث، وصلنا معه لهذا الموضوع بالذات، لما شرحنا له العقيدة هذه قال: هذا هو المعقول أن الله عز وجل فوق المخلوقات، مش داخل المخلوقات، هم كنصارى، ما في عندهم هذه العقائد الموجودة عندنا بصريح القرآن والسنة، لكن قصدي الفطرة تتقبل العقيدة السليمة، لكن لما تحضر إليهم الشبهات والإشكالات، لأكثر الناس بحاروا أمامهم، وما يستطيعون لها جوابا، لكن المتمكن من كتاب الله وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأس ذلك كله ليس كمثله شيء، انتهت المشكلة. نعم.
السائل : طيب هل نفهم من كلامك، هل يجوز مناظرة الملاحدة مثلا ... ؟
الشيخ : طبعا الله سن هذه السنة، قال لهم مثلا: (( أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون )) لكن بطبيعة الحال اللي بدهم يناظرهم بدو يكون كما يقولون عندنا في الشام قد حاله، أولا لا زم يكون عارفا بكتاب الله، عالما بكتاب الله وعالما بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يعلم كيف تؤكل الكتف، يعني يعرف يصول ويجول مع المبطلين هؤلاء، حتى يظهر حقه على باطلهم، وإلا يمكن إنسان ما يعرف من دينه إلا ما وجد عليه آباءه وأجداده، بده يعرف يناقشهم، وبده يناقشهم بالعقل المجرد، رب عقل دون عقل، يتغلب العقل الأقوى على العقل الأضعف، بينما العقول كلها لو اجتمعت ما تستطيع أن تعلوا على نص من كتاب الله أو من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيجوز ذلك، ولكن بهذا الشرط.
السائل : ...
الشيخ : هذا كلام عجيب يا أخي، أنت احفظ الآية التي ذكرتها لك: (( أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون )) هذا جواب للشيوعيين والماديين والدهريين جميعا، لابد ما يثبت المادة، لابد ما يثبتها، طيب هذه المادة شو قوتها، شو صفاتها، شو، شو، المادة سوت هيك؟ والمادة سوت هيك؟ سبحان الله، طيب بنسايرهم بالتعبير، نحن وإياكم نلتقي على كلمة سواء، أنه في شيء لا أول له، صحيح أم لا ؟ في شيء لا أول له عندنا وعندهم، لكن نحن نترجح عليهم أولا بالعقل قبل النص، نحن نقول هذا الشيء قادر مش عاجز، نقول هذا عليم، ما بنقول جاهل، بنقول حكيم، ما نقول أحمق ... إلى آخره، ولا شك أن العقل يقبل هذه الصفة أن توصف، هذه المادة يلي تفجر منها هذه المخلوقات التي إلى اليوم يزدادون حيرة في دقة تركيبها وصنعها إلى آخره، كيف يقال هذا من مادة عمياء صماء بكماء إلى آخره، لذلك الآن الدهريين غلبوا على أمرهم، لأن العقل تحرر، هم يقولون بالمادة أزلية، طيب شوب تنكروا علينا اننا نقول الله ازلي فأنتم تلتقون معنا في هذا، لكن نحن نتميز عليكم أن الله عز وجل له كل صفات الكمال، وهو منزه عن كل صفات النقص، أنتم بتقولوا المادة ساوت كذا وكذا، فأحيانا تصفونها بصفة جيدة مثل القدرة، لكن مع ذلك تصفونها إذا قلنا لكم صفوا لنا هذه المادة، المادة هي ترى تسمع تنظر؟ كل هذه الصفات لا يسمعون عنها، المشكلة مش مجادلة هؤلاء، إذا أراد الإنسان أن يتعمق معهم حينئذ بحاجة لمعرفة نصوص الكتاب والسنة .