ماهو مذهب أهل السنة و الجماعة في إثبات الصفات لله عز وجل ؟ حفظ
السائل : يسأل عن مذهب أهل السنة والجماعة في إثبات الصفات لله عز وجل ؟
الشيخ : أهل السنة والجماعة - جعلنا الله منهم - أشد الناس تعظيماً لله عز وجل ، وأشد الناس احتراماً لنصوص الكتاب والسنة ، فلا يتجاوزون ما جاء به القرآن والحديث من صفات الله عز وجل ، فيثبتون لله تعالى ما أثبته الله لنفسه ، وإن حارت العقول فيه ، وينفون ما نفى الله عن نفسه وإن توهمت العقول ثبوته ، مثال ذلك : إن الله عز وجل فوق كل شيء أزلاً وأبداً ، وهو سبحانه وتعالى له العلو المطلق في كل وقت وحين ، فوق سماواته فوق مخلوقاته مستوٍ على عرشه ، ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( أنه ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر )، فيأتي الشيطان للإنسان ويقول : كيف ينزل وعلوه لازم له ، كيف ينزل ؟
فنقول : هذا يحار فيه العقل ، لكن يجب علينا أن نصدق ، ونقول : الله أعلم بكيفية هذا ، نؤمن بأنه ينزل ولكن لا نعلم بالكيفية ، عقولنا تحار ولكن يجب أن نقبل ، لأن الله ليس كمثله شيء في جميع صفاته ، ولهذا قال بعضهم : " إن القرآن والسنة أتى بما تحار فيه العقول لا بما تحيله العقول ".
فالواجب علينا في أسماء الله وصفاته تصديقها، والإيمان بها ، وأنها حق وإن حارت عقولنا في كيفيتها ، فالجادة لأهل السنة والجماعة أن كل ما سمى الله به نفسه أو وصف به نفسه سواء في القرآن أو في السنة فإنه يجب الإيمان به وتصديقه .
قوله تعالى : (( وجاء ربك والملك صفاً صفاً )) ، يأتي الإنسانَ الشيطانُ فيقول : كيف يجيء ؟ .
فنقول : يجيء على الكيفية التي أراد الله ، الكيف مجهول ، يجب عليك أن تؤمن بهذا حتى لو حار عقلك به ، أنت مأمور بأن تصدق على كل حال ، ولذلك ضل قوم حكموا عقولهم في أسماء الله وصفاته ، فأنكروا ما أثبته الله لنفسه وحرفوا به نصوص الكتاب والسنة ، فقالوا : إن معنى قوله تعالى: (( استوى العرش )) أي : استولى على العرش ، فسبحان الله ، كيف يقول عز وجل : (( خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش )) ، أفيمكن أن نقول : إنه قبل ذلك ليس مستولياً عليه ؟!.
هذا أمر ينكره العامي فضلاً عن طالب العلم ، لكن إذا حكم الإنسان عقله في الأمور التي تتوقع على الخبر المحض ضل وزل .
ولهذا ننصح إخواننا الذين يقولون : استوى ، بمعنى : استولى ، أن يتوبوا إلى الله عز وجل ، وأن يؤمنوا بأنه استوى على العرش أي علا عليه علواً خاصاً يليق بجلاله وعظمته ، وليعلموا أن الله سائلهم يوم القيامة عما اعتقدوا في ربهم عز وجل ، وهل اعتقدوا ذلك بناء على كتاب الله وسنة رسوله أو بناء على ما تقتضيه أهواؤهم وعقولهم ؟.
إن نصيحتي لهؤلاء أن يتوبوا إلى الله ، وأسأل الله أن يتوب عليهم ، ويوفقهم للحق ، فليؤمنوا بما جاء في كتاب الله على مراد الله عز وجل .
وكذلك أيضاً من قالوا : إن الله ليس عالياً بذاته فوق المخلوقات ، وقالوا : لا يجوز أن نقول : إن الله فوق ، فنقول : توبوا إلى ربكم أنتم الآن تدعون الله تعالى وتجدون قلوبكم مرتفعة إلى فوق ، وتمدون أيديكم أيضاً إلى فوق ، دعوكم وفطرتكم فقط واتركوا عنكم الأوهام والأشياء التي تضلكم .
وإذا أنكرتم علو الله ، وقلتم إنه بذاته في كل مكان ، فكيف يليق هذا ؟. أيليق أن يكون الله تعالى في حجرة ضيقة ؟.
ألا فليتق الله هؤلاء ، وليتوبوا إلى الله من هذه العقيدة الفاسدة الباطلة ، أخشى أن يموتوا فيلقوا ربهم على هذه العقيدة فيخسروا .