تفسير قول الله تعالى : [ فإنما هي زجرة واحدة ) إلى قوله (اذهب إلى فرعون إنه طغى ] . حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين:
أما بعد: فهذا هو اللقاء الثاني في هذا الشهر، شهر جمادى الآخرة، سنة ثلاثة عشر وأربعمائة وألف، يوم الخميس التاسع من هذا الشهر.
نبدأ في هذا اللقاء بما وقفنا عليه من تفسير سورة النازعات:
قال الله تبارك وتعالى في بيان قيام الساعة: (( فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ * فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ )): زجرة من الله عز وجل، يُزجرون ويُصاح بهم فيقومون مِن قبورهم قيام رجل واحد على ظهر الأرض بعد أن كانوا في بطنها، قال الله تبارك وتعالى: (( إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ )): كل الخلق بهذه الكلمة الواحدة يخرجون من قبورهم أحياءً، ثم يحضرون إلى الله عز وجل ليجازيَهم، ولهذا قال: (( فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ * فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ )) وهذا كقوله تعالى: (( وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ )) يعني: ما أمر الله إذا أراد شيئاً أن يكون إلا واحدة فقط، كن، ولا يتأخر هذا عن قول الله لحظة: (( إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ ))، والله عز وجل لا يعجزه شيء، فإذا كان الخلق كلهم يقومون من قبورهم لله عز وجل بكلمة واحدة فهذا أدل دليل على أن الله تعالى على كل شيء قدير، وأن الله لا يعجزه شيء في السموات ولا في الأرض، كما قال تعالى: (( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً )).
(( فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ * فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ )).
ثم قال تعالى مبيناً ما جرى للأمم قبل محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
وليعُلم أن قصص الله عز وجل علينا أخبار الأمم السابقة له فوائد كثيرة وعبر عظيمة، كما قال تعالى: (( لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ )) فمن ذلك:
تسلية الرسول عليه الصلاة والسلام عما أصابه من قومه من الأذى القولي والفعلي، فكأن الله يقول له: إن الرسل من قبلك قد أوذوا: (( وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَأِ الْمُرْسَلِينَ )).
ومن ذلك: أن فيها تهديداً للمكذبين لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يصيبهم ما أصاب الأمم السابقة من العذاب والنكال، قال الله تبارك وتعالى: (( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا )).
والعبر في القصص قصص الأنبياء كثيرة، قال الله تعالى: (( هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى )) والخطاب في قوله: (( هَلْ أَتَاكَ )) للنبي صلى الله عليه وسلم أو لكل من يتأتَّى خطابه ويصح توجيه الخطاب إليه، ويكون على المعنى الأول: هل أتاك يا محمد.
وعلى المعنى الثاني: هل أتاك أيها الإنسان حديث موسى وهو: ابن عمران عليه الصلاة والسلام أفضل أنبياء بني إسرائيل، وهو أحد أولي العزم الخمسة الذين هم: محمد صلى الله عليه وآله وسلم وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ونوح، وقد ذكروا أعني هؤلاء الخمسة في القرآن في موضعين، أحدهما: في الأحزاب، في قوله تعالى: (( وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ )).
والثاني في قوله تعالى: (( شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى )) ابن مريم.
وحديث موسى عليه الصلاة والسلام ذُكِر في القرآن أكثر من غيره، لأن موسى هو نبي اليهود، وهم كثيرون في المدينة وحولها في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فكانت قصص موسى أكثر ما قص علينا من نبأ الأنبياء وأشملها وأوسعها.
وفي قوله: (( هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى )): تشويق للسامع ليستمع إلى ما جرى في هذه القصة.
(( إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً )): ناداه الله عز وجل نداء سمعه بصوت الله عز وجل، قال الله تعالى: (( وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيًّا )).
(( إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً * اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ )): فرعون كان ملك مصر، وكان يقول لقومه: إنه ربهم الأعلى، وإنه لا إله غيره، قال: (( يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي )) فادعى ما ليس له وأنكر حق غيره وهو الله عز وجل.
وقوله: (( بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ )) هو: الطور، والوادي: هو مجرى الماء، وسماه الله مقدسًا، لأنه كان فيه الوحي إلى موسى عليه الصلاة والسلام.
وقوله: (( طُوىً )) اسم للوادي.
(( اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى )).
وسيأتي إن شاء الله بقية القصة، لأن الوقت اليوم كان قليلًا، فنقتصر على هذا لأجل تلقي الأسئلة من الإخوة الحاضرين، والمقرر أن لكل واحد سؤالًا واحدًا حتى يتم السؤال دائرًا على جميع الحاضرين ثم يعود إليه مرة ثانية.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين:
أما بعد: فهذا هو اللقاء الثاني في هذا الشهر، شهر جمادى الآخرة، سنة ثلاثة عشر وأربعمائة وألف، يوم الخميس التاسع من هذا الشهر.
نبدأ في هذا اللقاء بما وقفنا عليه من تفسير سورة النازعات:
قال الله تبارك وتعالى في بيان قيام الساعة: (( فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ * فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ )): زجرة من الله عز وجل، يُزجرون ويُصاح بهم فيقومون مِن قبورهم قيام رجل واحد على ظهر الأرض بعد أن كانوا في بطنها، قال الله تبارك وتعالى: (( إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ )): كل الخلق بهذه الكلمة الواحدة يخرجون من قبورهم أحياءً، ثم يحضرون إلى الله عز وجل ليجازيَهم، ولهذا قال: (( فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ * فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ )) وهذا كقوله تعالى: (( وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ )) يعني: ما أمر الله إذا أراد شيئاً أن يكون إلا واحدة فقط، كن، ولا يتأخر هذا عن قول الله لحظة: (( إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ ))، والله عز وجل لا يعجزه شيء، فإذا كان الخلق كلهم يقومون من قبورهم لله عز وجل بكلمة واحدة فهذا أدل دليل على أن الله تعالى على كل شيء قدير، وأن الله لا يعجزه شيء في السموات ولا في الأرض، كما قال تعالى: (( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً )).
(( فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ * فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ )).
ثم قال تعالى مبيناً ما جرى للأمم قبل محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
وليعُلم أن قصص الله عز وجل علينا أخبار الأمم السابقة له فوائد كثيرة وعبر عظيمة، كما قال تعالى: (( لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ )) فمن ذلك:
تسلية الرسول عليه الصلاة والسلام عما أصابه من قومه من الأذى القولي والفعلي، فكأن الله يقول له: إن الرسل من قبلك قد أوذوا: (( وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَأِ الْمُرْسَلِينَ )).
ومن ذلك: أن فيها تهديداً للمكذبين لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يصيبهم ما أصاب الأمم السابقة من العذاب والنكال، قال الله تبارك وتعالى: (( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا )).
والعبر في القصص قصص الأنبياء كثيرة، قال الله تعالى: (( هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى )) والخطاب في قوله: (( هَلْ أَتَاكَ )) للنبي صلى الله عليه وسلم أو لكل من يتأتَّى خطابه ويصح توجيه الخطاب إليه، ويكون على المعنى الأول: هل أتاك يا محمد.
وعلى المعنى الثاني: هل أتاك أيها الإنسان حديث موسى وهو: ابن عمران عليه الصلاة والسلام أفضل أنبياء بني إسرائيل، وهو أحد أولي العزم الخمسة الذين هم: محمد صلى الله عليه وآله وسلم وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ونوح، وقد ذكروا أعني هؤلاء الخمسة في القرآن في موضعين، أحدهما: في الأحزاب، في قوله تعالى: (( وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ )).
والثاني في قوله تعالى: (( شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى )) ابن مريم.
وحديث موسى عليه الصلاة والسلام ذُكِر في القرآن أكثر من غيره، لأن موسى هو نبي اليهود، وهم كثيرون في المدينة وحولها في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فكانت قصص موسى أكثر ما قص علينا من نبأ الأنبياء وأشملها وأوسعها.
وفي قوله: (( هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى )): تشويق للسامع ليستمع إلى ما جرى في هذه القصة.
(( إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً )): ناداه الله عز وجل نداء سمعه بصوت الله عز وجل، قال الله تعالى: (( وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيًّا )).
(( إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً * اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ )): فرعون كان ملك مصر، وكان يقول لقومه: إنه ربهم الأعلى، وإنه لا إله غيره، قال: (( يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي )) فادعى ما ليس له وأنكر حق غيره وهو الله عز وجل.
وقوله: (( بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ )) هو: الطور، والوادي: هو مجرى الماء، وسماه الله مقدسًا، لأنه كان فيه الوحي إلى موسى عليه الصلاة والسلام.
وقوله: (( طُوىً )) اسم للوادي.
(( اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى )).
وسيأتي إن شاء الله بقية القصة، لأن الوقت اليوم كان قليلًا، فنقتصر على هذا لأجل تلقي الأسئلة من الإخوة الحاضرين، والمقرر أن لكل واحد سؤالًا واحدًا حتى يتم السؤال دائرًا على جميع الحاضرين ثم يعود إليه مرة ثانية.