إذا أراد طالب العلم دراسة الكتب الستة فهل يقرأها فقط أم مع شروحها.؟ حفظ
السائل : أحسن الله إليك يا شيخ بالنسبة لدراسة الكتب الستة البخاري ومسلم والسنن هل تكون قراءة فقط، أو يقرأ من الكتاب مع الشرح، أو يقرأ كتاباً -مثلاً- مع الشرح ويقرأ الكتب الأخرى فقط أم كيف؟
الشيخ : قراءة كتب الحديث بارك الله فيك قسمان:
قراءة يتوصل بها الإنسان إلى صحة الحديث وعدم صحته، وهذه تعتمد على معرفة أحوال الرواة وتاريخ حياتهم، معرفة أحوالهم لأجل أن يعرف من هو المقبول ومن هو الذي لا يقبل، ومعرفة تاريخهم ليعرف هل السند منقطع أو غير منقطع، فمثلاً: إذا قال شخصٌ: عن فلان، وقد علمنا أن الذي روى عنه ولد بعد موته عرفنا أن السند منقطع، فلا بد من معرفة تاريخ الرواة، ولا بد أيضاً من معرفة ثبوت لقائه ممن روى عنه أو لا، لأنه قد يدلس فيروي عمن عاصره ما لم يسمعه منه.
فالذي يطلب علم الحديث على هذا النحو لا بد أن يقرأ الكتب الستة بأسانيدها ويبحث عن رجالها، ونحن نعلم أن العلماء مختلفون اختلافاً كثيراً في الرجال، فتجد هذا الرجل مثلاً المحدث يقول عنه الإمام أحمد: إنه ثقة، ويقول عنه يحيي بن معين: إنه منكر الحديث مثلاً، ويقول الثالث: إنه متروك.
وهذه المسألة قد تحير طالب العلم، فما موقفه إذا رأى الحفاظ الأئمة تكلموا في هذا الرجل كلاماً متبايناً؟
ننظر إلى متن الحديث، قد يكون متن الحديث شاذاً مخالفاً للأحاديث الصحيحة، فنعرف أن الذين تكلموا عن هذا الرجل بالقدح أصوب من الذين تكلموا عنه بالتعديل، لأن حديثه منكر، بل ربما يأتي الحديث صحيح السند من حيث رجاله ومن حيث اتصال السند، لكن يكون المتن منكراً أو شاذاً، قد يكون شاذاً لمخالفته للأحاديث الصحيحة فيرد.
فالحاصل أن الذي يطلب علم الحديث من أجل إثبات الحديث هذا يجب أن يعتني بالرجال وتاريخ حياتهم وكلام الناس فيهم.
أما الذي يطلب الحديث من أجل فقه الحديث فهذا له طريق آخر لا يلزمه مثل ما يلزم الأول، بل ربما يكتفي بالحديث متناً، فإذا كان في صحيح البخاري وصحيح مسلم فالنفس مطمئنة إليه، وإذا كان في غيرهما يكفيه أن يقول مثلاً صححه فلان أو صححه فلان من الحفاظ المعتمدين، وإن لم يراجع السند.
وأهم شيء في القرآن الكريم وفي السنة النبوية أهم شيء فقه النص ومعرفته وما يُستنبط منه وما يترتب عليه لقول النبي عليه الصلاة والسلام: ( رُبَّ مبلَّغ أوعى من سامع، ورُبَّ حامل فقه غير فقيه ) و ( من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ) .
السائل : إذاً لا بد أن يبدأ طالب علم الحديث أول ما يبدأ بدراسة كتب المصطلح والرجال هذا القسم الأول؟
الشيخ : نعم، لا بد أن يكون عنده علم بالمصطلح إذا كان يريده على الوجه الأول.
السائل : والوجه الثاني؟
الشيخ : الوجه الثاني ليس بلازم، لأنه يكتفي -مثلاً- إذا قال: صححه الحافظ ابن حجر، صححه فلان من الأئمة العلماء المحدثين الموثوقين فهذا كافي، لا يذهب ينظر -مثلاً- في السند ولا في رجال السند.
السائل : والاستنباطات من الحديث والفوائد؟
الشيخ : الاستنباطات قد يكون الإنسان في الاستنباطات ضعيفاً مع قوته في التخريج، ولهذا تجد فرقاً بين الفقهاء واستنباطهم الأحكام من الحديث وبين المحدثين.