ما حكم تعليق التمائم من القرآن على المريض من أجل طلب الشفاء وما توجيه بعض الآثار الواردة في ذلك.؟ حفظ
السائل : السلام عليكم :
شيخ قرأت في كتاب التوحيد في : " باب ما جاء في الرقى والتمائم " إذا كان المعلق من القرآن رخص فيه بعض السلف وبعضهم لم يرخص، ويجعله من المنهي عنه، منهم: ابن مسعود رضي الله عنه، وعن إبراهيم قال: " كانوا يكرهون التمائم كلها من القرآن وغير القرآن " ، ولكن هذا قول إبراهيم وقول ابن مسعود رضي الله عنه وهو بسندٍ ضعيف أو صحيح.
سؤالي: في أي كتاب وجدت أقوال السلف الذين لم يرخصوا؟
والثاني: وما حكمهما عندهم: هل هو شرك أو بدعةٌ أو مكروه كما في مسند أبي الجعد عن إبراهيم قال: " كانوا يطلبون الشيء ولا يحرمونه " ؟
والثالث: وما علة النهي، هل أنهم يدخلون به الخلاء أم عندكم علةٌ أخرى، كما قال ابن مسعود وإبراهيم في مصنف ابن أبي شيبة؟
الشيخ : التمائم هي: ما يعلق على الإنسان المريض ليشفى من المرض، أو يعلق على الإنسان الصحيح ليتقى به العين، إما مريض يعلقها لكي يشفى ويزول المرض، أو صحيح ما فيه مريض لكن يعلقها لئلا تصيبه العين الحسد، هذه التمائم لا تخلو من ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن يكتب فيها شرك وطلاسم، فهذه حرام بالاتفاق، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً ) فكيف بالتمائم؟ التمائم أشد.
الحالة الثانية: ألا ندري ما المكتوب فيها، فهذه أيضاً حرام، وذلك لأنه قد يكتب فيها شيء من الشرك من دعاء الجن أو الشياطين أو غير ذلك فتكون حراماً.
الحالة الثالثة: أن نعلم أن المكتوب فيها من القرآن أو من الأدعية النبوية، فهذه فيها خلاف بين السلف والخلف، فمنهم من أجازها مستدلاً بعموم قوله تعالى: (( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ )) فيكون ما هو الشفاء؟
مطلق للمبين، فكل شيءٍ من القرآن يستشفي به الإنسان ويشفى فهو حق وأجازوا ذلك.
ومنهم من منعها وقال: إنها مكروهة كراهة تحريم أو كراهة تنزيه، لعموم النهي عن التمائم: ( إن الرقى والتمائم والتِوَلَة شرك ) فتكون ممنوعة.
فمنهم من قال: إنها كراهة تنزيه، ومنهم من قال: إنها كراهة تحريم، ولا شك أننا إذا جعلناها قسماً من الشرك فإنها تكون محرمة، لأن الشرك محرم صغيره وكبيره، ووجه ذلك: أن الإنسان إذا علقها تعلق قلبه بها، تعلق قلبه بها ونسي القراءة المشروعة والتعوذات المشروعة، بل وربما يتعلق قلبه بها تعلقاً تاماً ينسى بها الخالق، ولهذا جاء النهي عنها.
وأما الكراهة في قول النخعي: " كانوا يكرهون "، فالكراهة في العُرف السابق في سلف هذه الأمة للتحريم إلا إذا صرحوا بأنها كراهه تنزيه.
أما الكراهة عند المتأخرين بعد أن كتبوا في أصول الفقه وألفوا وفرَّعوا وأكثروا، فإن الكراهة عندهم للتنزيه وليست للتحريم.
والذي أرى في التمائم المكتوبة من القرآن أن تجنبها أولى ولكنها ليست حراماً.
السائل : ولكن أريد الأقوال أقوال السلف الذين لم يرخصوا في أي كتاب؟
الشيخ : الذين لم يرخصوا بذلك؟
السائل : نعم.
الشيخ : هذا أثر ابن مسعود.
السائل : ولكن هو بإسناد ضعيف؟
الشيخ : لا، هو إسناده ضعيف، لكن متنه قوي من حيث عموم: ( إن الرقى والتمائم والتولة شرك ) .
السائل : أي أنه فقط أصل ظاهر؟
الشيخ : الأصل يعني المتن هذا يقوى بالأحاديث، ويجب أن تعلم أنه قد يكون السند صحيحاً والمتن ضعيفاً، وقد يكون المتن قوياً والسند صحيحاً، ومن ثَمَّ اشترط العلماء -علماء مصطلح الحديث-: ألا يكون الحديث معللاً ولا شاذاً، فإن كان معللاً بعلة قادحة أو شاذاً فإنه مردود ولو كان سنده صحيحاً، واعتبروا الشواهد فيما إذا كان السند ضعيفاً أو المتن، وأنه إذا جاءت شواهد تؤيد هذا الشيء فإنه يكون صحيحاً ولو كان سنده ضعيفاً.
السائل : ولكن لما قال: إن بعضهم لم يرخص، أين البعض؟ هل البعض ابن مسعود رضي الله عنه أم غيره؟
الشيخ : ابن مسعود أو غيره، والذي نقل هذا -أن بعضهم لم يرخص- هو الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- وهو ثقة، وعلينا نحن الآن إذا قال بعضهم: علينا أن نبحث وأن ننظر في كتب الآثار كـ المصنف لـعبد الرزاق ولابن أبي شيبه وغيرهما.
السائل : قرأت في مصنف ابن أبي شيبة فما وجدت غير قول ابن مسعود رضي الله عنه فقط، وفي تعليله سعيد بن جبير وسعيد بن المسيب كلهم.
الشيخ : لكن هناك مصنفات أخرى غير مصنف ابن أبي شيبة، والشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ثقة.