بعض المدارس في الإجازة يشغلون الشباب بالكرة والمسارح فما الحكم وما الفرق بين الوسائل والمقاصد في الدعوة إلى الله.؟ حفظ
السائل : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .
فضيلة الشيخ بعض المدارس في العطلة الصيفية تقوم بفتح المراكز الصيفية لإشغال الشباب الضائع في الشوارع بأمور خيرة من محاضرات وندوات ومسابقات وغيرها من الأمور النافعة وربما يشغلون الشباب بهذه المعسكرات بلعب الكرة وبمسارح ثم اعترض بعض الشباب وقال هذا لا ينبغي ولا يجوز وإن هذا ليس من طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم إذ الواجب أن تكون هذه الدروس في المساجد ويقولون وسائل الدعوة توقيفية ثم كثير من الشباب احتاروا في ذلك ونريد منكم توجيها شافيا كافيا في ذلك للتفريق بين الوسائل والمقاصد حتى يتضح الأمر أثابكم الله وجزاكم الله خيرا
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
لا شك أن الحكومة وفقها الله تشكر على ما تنشئه من هذه المراكز الصيفية لأنها تكف بهذه المراكز شرا عظيما وفتنة كبيرة فما بالكم لو أن هذا الشباب الجحافل الكثيرة العدد صارت تجوب الأسواق طولا وعرضا أو تخرج إلى المنتزهات أو إلى البراري أو الشعاب أو الجبال ما ظنكم بالذي يحصل منها من الشر أعتقد أن كل إنسان عاقل يعرف الواقع سيظن أنه يحصل كارثة للشباب من الانحراف وفساد الأخلاق والأفكار الرديئة وغير ذلك لكن هذه المراكز ولله الحمد صارت تحفظ كثيرا من الشباب ولا نقول تحفظ أكثر الشباب ولا كل الشباب كما هو الواقع ويحصل فيها خير كثير من استدعاء أهل العلم لإلقاء المحاضرات التي يكون بها العلم الكثير والموعظة النافعة والإلفة بين الشباب وبين الشيوخ وهذه لا شك أنها مصالح عظيمة أما ما يحصل فيها من إمتاع النفس بلعبة الكرة والمسرحيات وما أشبه ذلك فهذا من الحكمة لأن النفوس لو أعطيت الجد في كل حال وفي كل وقت ملّت وكلّت وسئمت والصحابة رضي الله عنهم قالوا يا رسول الله إذا كنا عندك وذكرنا إلى الجنة والنار فكأننا نراها رأي عين لكن إذا ذهبنا إلى الأهل وعافسنا الأهل والأولاد نسينا فقال الرسول عليه الصلاة والسلام ( ساعة وساعة ) المعنى أن الإنسان يكون هكذا مرة وهكذا مرة وقال عليه الصلاة والسلام لعبدالله بن عمرو بن العاص وقد قال رضي الله عنه " لأقومن الليل ما عشت ولأصومن النهار ما عشت " أقلت هذا قال نعم يا رسول الله قال ( إن لربك عليك حقا ولنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا ولزورك ) يعني ضيفك ( عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه ) وسمع بقوم يقولون حين سألوا عن عمل الرسول عليه الصلاة والسلام في السر العمل اللي يفعله في بيته فأخبروا به فكأنهم تقالوا هذا العمل وقالوا الرسول عليه الصلاة والسلام غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ونحن لسنا كذلك قال بعضهم أنا لا أنام الليل يعني يقوم الليل ولا ينام وقال الثاني أنا أصوم ولا أفطر وقال الثالث أنا لا آكل اللحم وقال الرابع أنا لا أتزوج النساء لم سمع النبي عليه الصلاة والسلام بذلك قال ( ما بال أقوام يقولون هذا إني أتزوج النساء وأصوم وأفطر وأصلي وأنام وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني ) فإعطاء النفس حظها من المتعة المباحة لا شك أنه غاية الحكمة ثم إن لعبة الكرة مع ما فيها من التسلي وإذهاب التعب النفسي فيها منفعة للبدن لأنها نشاط وتقوية لكن يجب فيها أن يتجنب اللاعبون ما يفعله بعض السفهاء من لبس السراويل القصيرة فإن هذا لا يجوز لا يجوز للشباب الإسلامي أن يلبس سراويل قصيرة لأننا إن قلنا إن الفخذ عورة فالأمر واضح العورة لا يجوز كشفها والنظر إليها وإن لم نقل إنه عورة فإن كشف أفخاذ الشباب فتنة يفتتن بعضهم ببعض وهذه مفسدة يجب درؤها ثانيا ألا يؤدي ذلك إلى الكلام الفاضي من سب أو شتم أو ما أشبه ذلك فإنه لا يجوز ما يوصل إلى الكلام البذيء الخارج عن المروءة ثالثا ألا يحصل فعل ينافي المروءة كما يفعله بعض اللاعبين إذا أحد منهم يعني غلب على الآخرين جاؤوا يركضون إليه ويضمونه ويخمونه ويركبون على كتفيه وما أشبه ذلك من الأفعال المنافية للمروءة لأن هذه الأفعال لولا أنها جاءتنا من دول ليس عندهم مروءة ولا دين لكنا أول من ننكرها هذه حتى البزران الصغار الذين دون البلوغ والذين هم في السن العاشرة ونحوها لو فعلوا هذا لكان ينبغي توجيههم عنها في ترك هذا الفعل أما قول القائل إن هذا إن مكان المواعظ المساجد فصدق مكان المواعظ المساجد لكن هل الرسول عليه الصلاة والسلام لم يعظ الناس إلا في المسجد يعظهم في المسجد يعظهم في السوق يعظهم في السفر وعد النساء يوما يعظهن فيه فأتى إليهن في بيت إحداهن فمكان الوعظ صحيح أنه هو المساجد هذا الأصل لكن كلما دعت الحاجة إلى الوعظ فإنه يوعظ وهؤلاء الشباب لو قلنا ائتوا بالمراكز في المساجد اطبخوا الغداء في المسجد سووا القهوة في المسجد لكن هذا منكر أيضا أنكر من كونهم يجلسون في مكان معين وإني أقول لهذا الأخ الذي اعترض بهذا الاعتراض يجب أن يكون عند الإنسان إدراك ووعي وأن ينزل الأمور منازلها وألا يكون سطحيا يرى من فوق السقوف بل يكون إنسانا واعيا يسبر الأمور ويسبر غورها وينظر ما الذي يترتب من المصالح ومن المفاسد على الأفعال والقاعدة العريضة الواسعة الشاملة للشريعة الإسلامية أنها إنما هي جلب للمصالح ودفع للمفاسد فقد أتت بالمصالح ودفع المفاسد ولا أحد يشك أننا لو قلنا للمراكز الصيفية ائتوا بالمساجد ما تحمل الناس هذا حتى العامة ما يتحملون هذا الشيء فإذن نقول هذه الأماكن أماكن المدارس التي هي محل العلم من أزمنة طويلة والمسلمون لا ينكرونها يدرسون في المدارس بنوا الربط والمدارس وطبعوا الكتب كل هذا لم يكن معروفا في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام غاية ما هنالك أنه يمكن أن يستدل للربط بأصحاب الصفة لكن هل منع الرسول عليه الصلاة والسلام من ذلك أبدا ما منع من هذا فالمدارس الآن مكان للعلم يدرس فيها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأقوال العلماء والوسائل المساندة للعلم من نحو وغيره فنقول للأخ الذي اعترض هذا الاعتراض فكّر في الأمر واعلم أن الدين أوسع من فكرك وأوسع من عقلك وأنه يأتي بالمصالح أينما كانت ما لم تشتمل على مضارٍ مساوية أو غالبة فتمنع وأما قوله إن وسائل الدعوة توقيفية فكلمة وسائل تدل على أنها ليست توقيفية ما دامت وسيلة فإننا نسلكها إلا أن تكون محرمة نسلكها وإن لم يرد نوعها في الشريعة فإننا نسلكها ما لم تكن محرمة لأن الوسائل لها أحكام المقاصد ألسنا الآن نبلغ الناس بواسطة مكبر الصوت وسيلة هل هذه الوسيلة موجودة في عهد الرسول غير موجودة ألسنا نقرأ الكتب