خطبة عن النعم ولزوم شكرها. حفظ
الشيخ : إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق، فبلغ الرسالة وأدَّى الأمانة ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، فصلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى واشكروه على ما أنعم به عليكم من النعم الكثيرة الوافرة، نِعَمٌ في الدنيا ونِعَم في الآخرة: (( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ )).
إن هذه النعم الكثيرة التي أنعم الله بها عليكم ولاسيما في هذه البلاد ولله الحمد، لتستوجب شكرًا عظيمًا لمن أولاها وأعطاها، وإذا شكر الإنسانُ ربه على نعمه فإنه يزيده منها، ويزيدها ثباتاً في دين الله، لقد قال الله تعالى : (( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ )).
إن شكر نعمة الله عز وجل هو القيام بطاعة المنعم أن تفعل ما أمرك به، وأن تترك ما نهاك عنه، فالعاصي ليس شاكراً لنعمة الله، ولو شكر الله بلسانه.
أي فائدة لشكر الإنسان بلسانه وهو مقيم على معصية الله؟!
أفلا يخشى من يشكرُ اللهَ بلسانه وهو مقيم على معصيته أن يقال له : كذبت إنك لست بشاكرٍ، إنك لست بشاكرٍ لله حق شكره.
أيها المسلمون إن أكبر نعمة مِن الله منَّ بها عليكم أن هداكم للإيمان والإسلام، وقد كان قوم يتخبطون في دينهم ما بين مغضوب عليهم عرفوا الحق واستكبروا عنه، أو ضالين جهلوا الحق وعَمُوا عنه.
وإن من نعم الله عليكم في هذه البلاد هذا الأمن والاستقرار، وقد أصيبت كثيرٌ من البلدان بالخوف والقلق والحرب والقتال، تسمعون ذلك صباحًا ومساءً من الإذاعات القريبة والبعيدة، وإن من نعمة الله عليكم ما يسَّر الله لكم من أنواع الأرزاق، تأتيكم رغدًا من كل مكان قريب أو بعيد، وإن من بني آدم من لا يستطيعون لقمة العيش إلا بتعب شديد، وربما ماتوا من الجوع والإقلال، وإن من بني آدم من لا يستطيعُ الحصول على شَربة ماء، وربما هلك من العَطَش.
أيها المسلمون تذكروا هذه النعمة، تأملوا قليلا فيها فمن الذي أعطاها ؟!
إن الذي أعطاها هو ربكم عز وجل، فاعرفوا نعمته عليكم واشكروا له.
أيها المسلمون وإن مِن نِعَم الله عليكم ما أخرجه لكم من ثمرات النخيل والأعناب، ثمراتٍ تتفكهون بها رطباً وتدخرونها تمرًا وزبيبًا، فاعتبروا فيها بما أودعه الله من الآيات الدالة على قدرته، وعلى كمال حكمته ورحمته، حيث أخرجها من هذه الجذوع والغصون: (( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ )) .
أخرجها مختلفة الألوان، مختلفة الطُّعوم، مختلفة الهشاشة وذلك: ليريكم من آياته إن في ذلك لآيات لقوم يوقنون.
أيها المسلمون تمشوا في بيع هذه الثمرات وشرائها على حكم الله، فمن أحسن من الله حكمًا لقوم يوقنون.
أيها المسلمون تمشَّوا في جميع المعاملات .