ما حكم من ينطق بالشهادة ويذبح لغير الله وهل هناك فرق بين المسائل الخفية والظاهرة في العذر بالجهل ؟ وهل يكفي مجرد بلوغ القرآن ولو لم يفهم .؟ حفظ
السائل : فضيلة الشّيخ السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ : وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته.
السائل : ما رأي فضيلتكم بمن يقول لا إله إلا الله محمّد رسول الله، ثمّ يرتكب منكرا وهو الذّبح لغير الله، فهل يكون هذا مسلما مع العلم أنه نشأ في بلاد الإسلام؟
الشيخ : يذبح لغير الله كيف يعني؟
السائل : يذبح لغير الله، يقول أنا إذا تركت هذا الأمر فسوف يضرّني أو يضرّ أهلي .
الشيخ : لا أنا أقول كيف يذبح لغير يعني؟
السائل : يذبح لغير الله .
الشيخ : يعني يتقرّب إلى هذا الغير بالذّبح له؟
السائل : أي نعم، يتقرّب إليه.
الشيخ : هذا الذي يتقرّب إلى غير الله بالذّبح له -أي لهذا الغير- مشرك شركا أكبر، ولا ينفعه قول:لا إله إلا الله، ولا صلاة، ولا غيرها، اللهمّ إلاّ إذا كان ناشئا في بلاد بعيدة، لا يدرون عن هذا الحكم، فهذا معذور بالجهل، لكن يعلّم.
السائل : كيف يعني في البلاد البعيدة؟
الشيخ : افرض مثلا أنّه يعيش في بلاد بعيدة، ليس بالمملكة، في بلاد بعيدة يذبحون لغير الله، ويذبحون للقبور، ويذبحون للأولياء، نعم وليس عندهم في هذا بأس، ولا يعلمون أن هذا شرك أو حرام، هذا يعذر بالجهل، أمّا إنسان يقال له هذا كفر، فيقول لا، ولا يمكن أن أترك الذبح للولي، فهذا قامت عليه الحجة فيكون كافرا.
السائل : بالنّسبة للنّصح، فقيل إنّ هذا شرك.
الشيخ : نعم.
السائل : هل أطلق عليه أنّه مشرك؟
الشيخ : نعم.
السائل : مشرك، كافر.
الشيخ : مشرك وكافر ومرتدّ، يستتاب، فإن تاب وإلا قتل.
السائل : وهل هناك فرق بين المسائل الظاهرة والمسائل الخفية؟
الشيخ : الخفية تبيّن.
السائل : مثل إيش يعني؟
الشيخ : الخفيّة مثل هذه المسألة لو فرضنا أنّه يقول: أنا أعيش في قوم يذبحون للأولياء ولا أعلم أن هذا حرام، فهمت؟
فهذه تكون خفيّة، لأنّ الخفاء والظّهور أمر نسبيّ قد يكون ظاهرا عندي ما هو خفيٌ عليك وظاهر عندك ما هو خفي عليَّ.
السائل : طيب كيف تقيم الحجّة عليه يا شيخ؟ ما هي الحجة التي أقيمها عليه؟
الشيخ : الحجّة عليه أنّ الله قال: (( قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ ))، وقال تعالى: (( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ )) فهذا دليل على أنّ النّحر للتقرّب والتّعظيم عبادة، ومن صرف عبادة لغير الله فهو مشرك.
السائل : بالنّسبة لمن فرّط يا شيخ وقال أنّه لا يعذر بالجهل في المسائل الظّاهرة، وأمّا في المسائل الخفيّة ممّا تنازع فيه النّاس فهذا طبعا !
الشيخ : أنا قلت لك الآن، وأنت تعرف، الظّهور والخفاء هل يستوي النّاس فيه أو لا؟
السائل : لا، ما يستوون.
الشيخ : لا يستوون، قد يكون هذا الشّيء عندي ظاهر ما فيه إشكال، وعند الآخر خفيّ، حتى في الاستدلال بالأدلّة، بعض العلماء يرى أنّ هذا الدّليل واضح في الحكم، والآخر يخفى عليه، الكلام بس على بلوغ الإنسان.
السائل : بلوغ الحجّة.
الشيخ : الحجّة.
السائل : لأنّ القرآن وصل.
الشيخ : إذا بلغت الحجّة وقيل إنّ هذا الفعل الذي تفعله شرك ففعله لم يبق له عذر.
السائل : يعني يعرّف؟
الشيخ : أي لازم، لازم يعرّف، نعم.
السائل : هذه المسألة بالنّسبة للبعض من الأصول كما لا يخفى عليك، ووردت شبه يقال: أنّ فعله شرك وهو ليس بمشرك، فكيف نردّ؟
الشيخ : هذا صحيح ليس بمشرك إذا لم تقم عليه الحجّة.
السائل : لم تقم عليه الحجّة يعني بلغه القرآن.
الشيخ : أليس الذي قد قال: ( اللهم أنت عبدي وأنا ربك ) أليس هذا بكفر؟
السائل : بلى.
الشيخ : ولم يكفر لأنّه أخطأ من شدّة الفرح، كذلك أليس المكره يكره على الكفر ويكفر ظاهراً لكن قلبه مطمئنّ بالإيمان، والعلماء الذين يقولون: الكلمة كفر دون صاحبها، هذا إذا لم تقم عليه الحجة ولم نعلم عن حاله، أمّا إذا علمنا عن حاله فما الذي يبقى؟ نقول لا يكفر؟ معناه لا أحد يكفر! ما يبقى أحد يكفر، حتّى المصلّي الذي لا يصلّي نقول ما يمكن يكفر.
السائل : لا، لكن بالنّسبة لكلام ابن تيمية.
الشيخ : حتى ابن تيمية يقول: إذا بلغته الحجّة قامت عليه الحجّة.
السائل : إذا بلغته الحجّة ولم يعرّف، بلوغ الحجّة بالقرآن والرّسول صلّى الله عليه وسلّم.
الشيخ : لا يكفي، لا يكفي.
السائل : كيف يعني؟
الشيخ : افرض أنّه أعجمي لا يدري معاني القرآن.
السائل : إذن ما بلغته.
الشيخ : لا بلغته، وصله القرآن وسمعه، لكن لا بدّ أن يفهم المعنى.
السائل : كيف يا شيخ؟
الشيخ : أقول: لا بدّ أن يفهم المعنى بارك الله فيك.
السائل : يقول: لا يعذر كافر.
الشيخ : لا ما يقول هكذا.
السائل : فيه رسالة للشّيخ إسحق بن عبد الرّحمن .
الشيخ : شيخ الإسلام رسائله معروفة وهو من أبعد النّاس عن التّكفير.
السائل : لا، ليس تكفير لكن يقول: هذه المسألة يعني تحتاج إقامة الحجّة ولكن لا يلزم أن يعرّف لأنّها من المسائل الظّاهرة.
الشيخ : ليست ظاهرة أنا قلت لك أعجميّ، يمكن العربي إذا قرأت عليه القرآن عرف، لكن هذا أعجميّ .
السائل : ممكن يا شيخ!
الشيخ : لا، لا، اصبر المسألة ليست مناظرة في هذا المكان، هذا المكان سؤال جواب، المناظرة بيني وبينك ليس أمام النّاس، إنّما الآن للجميع، الفائدة للجميع.
السائل : نعم.
الشيخ : على أنّه لا يكفي مجرّد البلوغ حتّى يفهمه، لأنّه لو فرضنا أنّه إنسان أعجميّ ونقرأ عليه القرآن صباحاً ومساء ولكن لا يدري ما معناه، هل قامت عليه الحجّة؟
(( وَمَا أَرْسّلْنّا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ )).
السائل : جزاك الله خيرا يا شيخ.