يستدل فضيلة الشيخ بفتواكم في التشريع العام في الحكم في المجموع الثمين بأنه كفر ظاهر لأنه تبديل وينسب للشيخ محمد بن إبراهيم فهل ترد شروط وموانع التكفير فيمن حكم بغير ما أنزل الله تشريعا عاما.؟ حفظ
الشيخ : نعم .
السائل : بسم الله الرحمن الرحيم .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
السائل : فضيلة الشيخ : قضية الآن تطرح في كثير من الرسائل تحت عنوان أهل السنة والجماعة، وهي حقيقة تنحو منحى الخوارج فأحببنا أن نتثبت منك في هذه المسألة،
القضية هي حول ما يناط بالتشريع العام فيما يحكم به الحكام، ويستدل لذلك يعني بفتواكم حفظكم الله في المجموع الثمين بأن هذا كفر وأنه لا يحتاج يعني أن هذا الكفر ظاهر، لأنه تبديل، كذلك ينسب هذا القول إلى الشيخ رحمه الله محمد بن إبراهيم .
فالسؤال هنا - حتى يكون يعني صريح وواضح - : هل ترد موانع التكفير أو ما اشترطه أهل السنة والجماعة من إقامة الحجة على من حكم بغير ما أنزل الله تشريعاً عاماً، جزاكم الله خير ؟
الشيخ : هو لا بد بارك الله فيك من كل إنسان فعل مكفراً أن لا يوجد فيه مانع التكفير ، ولهذا جاء في الحديث الصحيح لما سألوه هل ينابذ الحكام؟ قال: ( لا ، إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان ) فلا بد من أن يكون الكفر صريحاً معروفاً لا يحتمل التأويل، فإن كان يحتمل التأويل فإنه لا يكفر صاحبه وإن قلنا إنه كفر.
فيفرق بين القول والقائل، وبين الفعل والفاعل، قد تكون الفعلة فسقاً ولا يفسق الفاعل لوجود مانع يمنع من تفسيقه، وقد تكون كفراً ولا يكفر الفاعل لوجود مانع يمنع من تكفيره، وما ضر الأمة الإسلامية في خروج الخوارج إلا هذا التأويل الفاسد، تتأول الخوارج مثلاً أن هذا كفر فتخرج كما قالوا لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه كانوا معه الخوارج كانوا مع علي بن أبي طالب على جيش أهل الشام، فلما وقعت المصالحة بين علي بن أبي طالب وأهل الشام خرجت الخوارج الذين كانوا معه عليه حتى قاتلهم وقتلهم والحمد لله، لكن الشاهد أنهم خرجوا قالوا: أنت الآن حكمت بغير ما أنزل الله، لأنك حكمت البشر، فخرجوا عليه.
فالتأويل الفاسد هذا هو البلاء بلاء الأمة من التأويل الفاسد، فقد يكون الشيء غير كفرٍ فيعتقد هذا الإنسان أنه كفر، فيخرج يرى أنه كفر بواح فيخرج، وقد يكون الشيء كفراً لكن الفاعل ليس بكافر لوجود مانع يمنع من تكفيره، فيعتقد هذا الخارج أنه لا عذر له فيخرج.
ولهذا يجب على الإنسان التحرز من التسرع في تكفير الناس أو تفسيق الناس، ربما يفعل الإنسان فعلاً فسقاً لا إشكال فيه، لكنه لا يدري، فإذا قلت: يا أخي هذا حرام، قال: جزاك الله خيراً وانتهى عنه، أليس هذا موجوداً ؟ أجيبوا ؟ بلى ما في شك ، إذن كيف أحكم على إنسان بأنه فاسق دون أن تقوم عليه الحجة؟ فهؤلاء الذي تشير إليهم مما يجري في الساحة بين حكام العرب والمسلمين قد يكونون معذورين فيه لم تبين لهم الحجة، أو بينت لهم وجاءهم من يلبس عليهم ويشبه عليهم مثلاً، فلا بد من التأني في الأمر، ثم على فرض أنه تم جواز الخروج يعني رأينا كفراً بواحاً عندنا فيه من الله برهان، وكلمة رأينا ترى شرط، و كفراً شرط، وبواحاً شرط، وعندنا فيه من الله برهان شرط، أربعة شروط.
فقوله: ( أن تروا ) احترازاً من الشائعات التي لا حقيقة لها، ومعنى تروا يعني تعلموا علماً يقينياً.
( كفراً ) احترازاً من الفسق، يعني: لو كان الحاكم سكاراً فاسقاً فاجراً لكن لم يصل إلى حد الكفر ما يجوز الخروج عليه.
الثالث: ( بواحاً ) أي: صريح ما يتحمل التأويل.
والرابع: عندنا فيه من الله برهان يعني: ليس صريحاً في أنفسنا فقط، بل نحن مستندون على دليل واضح قاطع.
هذه الشروط الأربعة شرط لجواز الخروج، لكن يبقى عندنا شرط خامس لوجوب الخروج، هل يجب علينا إذا جاز لنا أن نخرج على الحاكم؟ هل يجب علينا أن نخرج؟ ينظر، ينظر في المصلحة هل نحن قادرون على إزالته؟ حينئذٍ نخرج ، إذا كنا غير قادرين ما نخرج، لأن جميع الواجبات الشرعية مشروطة بماذا ؟ بالقدرة والاستطاعة.
ثم إذا خرجنا ربما يترتب على خروجنا مفسدة أكبر وأعظم مما لو بقي هذا الرجل على ما هو عليه، لأننا إذا خرجنا ثم ظهرت العزة له، صرنا أذلة أكثر، وتمادى في طغيانه وكفره أكثر، فهذه المسائل تحتاج إلى تعقل، وأن يقترن الشرع بالعقل، وأن تُبعد العاطفة في هذه الأمور، فنحن محتاجون للعاطفة لأجل تحمسنا، ومحتاجون للعقل والشرع لأجل يربطنا فلا بد من فرامل كما يقولون ، السيارة بدون فرامل ويش تعمل؟
الطالب : حوادث .
الشيخ : حوادث كبرى، والسيارة أيضاً بدون شحنة كهربائية تسيرها ما تسير.