في قواعد أهل السنة والجماعة في إثبات أسماء الله وصفاته الإثبات يأتي مفصلا والنفي يأتي مجملا فهل يجوز العكس وهل يعتبر خروجا عن القاعدة.؟ حفظ
السائل : عفا عنك يا شيخ: من قواعد أهل السنة والجماعة: إثبات أسماء الله عز وجل وصفاته، الإثبات يأتي مفصلاً، والنفي يكون مجملاً، فهل يمكن أن يأتي الإثبات مجملاً والنفي مفصلاً؟ وإذا أمكن هذا فهل يعد هذا خروجاً عن القاعدة السابقة؟
الشيخ : أولاً بارك الله فيك ، أسماء الله وصفاته إذا جاءت في الإثبات فالأكثر فيها التفصيل، وشاهد ذلك واضح في القرآن والسنة، تجد مثلاً قول الله تعالى: (( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ )) فيها حوالي خمسة عشر اسماً إلى آخر السورة يعني فيها خمسة عشر اسماً من أسماء الله، كل اسم يتضمن صفة أو صفتين، وذلك لأن صفات الإثبات كلها صفات كمال، فكلما تعددت وكثر الإخبار عنها ظهر من كمال الموصوف ما لم يكن معلوماً من قبل.
أما صفات النفي فإنها صفات نقص، نفاها الله تعالى عن نفسه، وإذا وقعت على سبيل الإجمال كانت أعظم في التعظيم، ولو جاءت على سبيل التفصيل لكان فيها شيء من الاستهزاء والسخرية.
وأضرب لكم مثلاً بما يكون في بني آدم: لو أن رجلاً قال لملك من الملوك: أنت رجل ذو سلطان قائم، أنت رجل حازم، أنت رجل قوي، أنت رجل تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، أنت رجل شديد على الكفار رحيم بالمؤمنين، أنت رجل ذو سلطة قوية، أنت رجل يخافك الأعداء، لكان هذه الصفات كلها مدحاً لكانت هذه الصفات كلها مدحاً يفخر بها الملك.
لكن لو قال له: أنت ملك لست بزبال، ولا كناس، ولا منظف حشوش، ولا حلاق، ولا حجام، وجعل يذكر من صفات النقص ينفيها عن الملك، لكان هذا مدحاً أو قدحاً؟ نعم؟ لكان قدحاً لأنه كيف يقول لست حجاماً ولا خياطاً ولا كساحاً ولا كناساً يزعل الملك يغضب، فلهذا جاءت الصفات المنفية عن الله جل وعلا جاءت مجملة، مثل قوله تعالى: (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )) (( هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً )) ليس لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ (( وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ )) وما أشبه هذا ، إلا أنها تُذكر أحياناً تفصيلاً وهي منفية، إما لدفع توهم يقع من بني آدم، وإما لرد فرية قالها المفترون.
فمثلاً قال الله تعالى: (( مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وما كان معه من إله )) هذه صفة نفي، عامة ولا خاصة ؟
السائل : خاصة .
الشيخ : خاصة، (( ما اتخذ الله من ولد )) لكن قالها عز وجل ونفاها عن نفسه رداً لقول المفترين الذين قالوا: إن الله تعالى اتخذ ولداً، فالنصارى قالوا: المسيح ابن الله، واليهود قالوا: عزير ابن الله، والمشركون قالوا: الملائكة بنات الله.
أو لدفع توهم وبيان كمال، مثل: (( وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ )) اللغوب: الإعياء والتعب، وهو صفة خاصة، لكن نفاها الله عن نفسه لئلا يتوهم واهم بأن الله تعب لما خلق هذه المخلوقات العظيمة في هذه المدة الوجيزة، فنفاها عن نفسه، فصار الغالب في صفات الإثبات التفصيل، وفي صفات النفي الإجمال.
وقد يأتي التفصيل في باب النفي، كما يأتي الإجمال في باب الإثبات، كقوله تعالى: (( لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )) المثل الأعلى، يعني: الوصف الأكمل، وهذه عامة ليس فيها تفصيل.