لماذا عدل الخلفاء الراشدون عن التمتع إلى الإفراد وهم من أحرص الناس على الخير.؟ حفظ
السائل : عفا الله عنك: لماذا عدل الخلفاء الراشدون رضوان الله عليهم عن التمتع إلى الإفراد، وهم من أحرص الناس على الخير، وجزاك الله خير؟
الشيخ : عدل الخلفاء الراشدون إلى الأمر بالإفراد -إفراد الحج- تأولاً منهم رضي الله عنهم، حيث رأوا أن الناس إذا تمتعوا وأخذوا العمرة والحج في سفرٍ واحد بقي البيت ليس له من يعمره بالطواف والسعي، لأن الأسفار في ذلك الوقت شاقة، فيصعب على الإنسان أن يتردد إلى البيت، فإذا حصل له عمرة وحج في سفر واحد اقتصر على ذلك وبقي البيت في بقية السنة مهجوراً، فرأوا أن الإفراد أفضل من أجل أن يبقى البيت معموراً في كل السنة، وتأولوا أمر النبي عليه الصلاة والسلام بأنه من أجل أن تزول العقيدة الفاسدة التي في الجاهلية، وهي أن أهل الجاهلية يقولون: لا يمكن العمرة في أشهر الحج، ويقولون: إذا انسلخ صفر، وبرأ الدبَر، وعفا الأثر، حلت العمرة لمن اعتمر.
يعني: لا تعتمر إلا بعد أن تمضي مدة بعد الحج، وقصدهم بذلك أن يبقى البيت دائماً معموراً، ولهذا قال شيخ الإسلام رحمه الله في منسكه: " إذا أفرد العمرة في سفر والحج في سفر فإن الإفراد أفضل بلا خلاف " هكذا قال رحمه الله، ولعله أخذه من عمل الخلفاء الراشدين، لكن في النفس من هذا شيء، فيقال: التمتع أفضل مطلقاً، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر به وحتم فيه، ولم يقل: إلا من أتى بعمرةٍ من قبل، فلما لم يستثنِ عُلم أن التمتع أفضل، وأن ما ذهب إليه الخلفاء الراشدون إنما هو على سبيل التأويل، ولكن الأخذ بعموم كلام الرسول عليه الصلاة والسلام أولى.